التطوع بات من الأعمال الظاهرة البارزة اليوم في واقع الناس، وخاصة مع وجود الأزمات والمحن التي تصيب البشريّة نتيجة الحروب أو الكوارث، وصارت الأمم والشعوب أفراداً وجماعات يتسابقون إليه، وقامت من أجله المؤسسات والجمعيات، وهذا مما ينبغي أن يكون المسلمون أسبق إليه. التطوع ما تبرع به الإنسان من ذات نفسه مما لا يلزمه، وغير مفروض عليه، فالعمل التطوّعي هو تقديم العون والنفع إلى شخصٍ أو مجموعة أشخاص يحتاجون إليه دون مقابل مادي أو معنوي. للتطوع فضائل متعددة من أهمها الشعور بإنجاز العمل المربح للثواب والحسنات والراحة النفسية الرائعة التي يشعر بها الفرد في حال النجاح في تحقق السعادة لمن حوله. يسع التطوع كل المجالات النافعة والمفيدة وأبرزها: - مجال العبادة فالمسلم لا يقتصر في عبادته على الفرائض والواجبات بل يزيد عليها من خلال التطوع بالنوافل والسنن والأمر واسع ومتاح للتنافس والتسابق في شتى أنواع العبادات كالصلاة والصيام والصدقات والحج وغيرها. - المجالات العلمية كإنشاء المكتبات والمدارس والجامعات وسائر المؤسسات العلمية التي لا يكون هدفها الربح المالي ثم القيام عليها ودعمها. - الناحية المالية التي تتطلب دفع المال وتقديمه بسخاء من أجل نفع الناس ومساعدتهم، وهذا المجال يدخل ويشارك في الكثير من المجالات. - الأمور الحرفية من خلال التطوع فيما يتقن من أنواع الحرف المفيدة النافعة والمجالات الإدارية، وهي تدخل في شتى الأنواع، والإدارة صارت فن وجودة وإتقان، فالإداري الناجح في عمله إن تطوع أفاد وقدم الكثير. وهناك المجالات الفكرية من خلال الآراء الصائبة والنصائح القيّمة والخطط الرائدة. يوجد أنواع للمتطوعين، فمنهم المتطوع بماله، بصدقاتٍ وتبرعاتٍ وقروضٍ ومشاركاتٍ في شركاته تنمية مال، ومنهم المتطوع ببدنهِ، عن طريق مراسلات وحرف وتحميل وحراسة، ومنهم المتطوع بجاهه، شفاعات وعلاقات، ومنهم المتطوع بوقته، ساعة في اليوم، ساعة في الأسبوع، في المواسم عند الطلب، ومنهم المتطوع بفكرهِ، تقديم رأي صائب، أو استشارة، بحث أو دراسات، إحصاءات أو خطط، نقد أو تقويم.... إلخ. التطوع له آثار لا تُعدّ، ومنها كسب الأجر والثواب في الدنيا والآخرة، وحلّ المشكلات والمعضلات وخاصة وقت الأزمات، التآلف والمحبة بين الناس، ومعالجة النظرة العدائية أو التشاؤمية تجاه الآخرين والحياة، التكافل والتعاون بين أفراد المجتمع. أخيراً لابد من أن نشغل فكرنا بذلك العمل الرائع، لما له من فوائد هامة وفارقة. إبراهيم أحمد المسلم - الدمام