يقول حكيم ياباني: "إن أمم الأرض تقوم على ثروات تحت أرجلها، أما نحن فنقوم على ثروات فوق أرجلنا. ثروات ما تحت الأرجل تنفد بالاستخدام، أما ما فوقها فيصقله التعامل وينميه التحدي". انتهى كلام هذا الحكيم، لكن فلسفته لم تنتهِ؛ فهي توحي بأن واقعنا اليوم مأزوم، ومنشأ ذلك أن ثروة النفط الكبيرة التي استنفدناها على مدى عقود في مشاريع البنى التحتية والاستهلاك لم نستثمرها في ثروات "فوق الأرجل"؛ لتمكث في الأرض، فلم نسخّرها في خلق تعليم متقدم، يخرِّج عقولاً مفكرة، أو قادة مبدعين، أو حتى مهرة عاملين. وإذا كان رأس المال الحجري - وهو النفط - لم يجيّر لخدمة تنمية رأس المال البشري فإن الفجوة ستزيد، وكرة الثلج ستكبر، وإذا كانت معادلة التعليم الحالية كارثية - وهي: أعلى إنفاق = أضعف إنتاج - فماذا سنصنع غداً حين تتحول آبار النفط إلى قيعان خاوية؟ تتطلع دول العالم اليوم في عصر "اقتصاد المعرفة" إلى التعليم؛ ليقوده نحو الدخول إلى هذا العالم، بشرط أن يملك أدوات الولوج: الإبداع، والذكاء، والمعلومات.. لكن تعليمنا لا يملك إلا يسيراً من ذلك، وليس لديه استعداد أن يعمل أكثر؛ فهو مشغول بتعيين المعلمين، وتأمين البديلات، وحركة النقل السنوية، وترسية مشاريع المدارس.. وهذه مهام إدارية إما أنها هامشية، تخلصت منها وزارات التربية في العالم، أو أنها ليست من اختصاصه، وتمارسها جهات أخرى. تُظهر البيانات الأخيرة الصادرة عن منظمة اليونيسكو حول إجمالي الإنفاق المحلي على البحوث العلمية والتطوير خلو السعودية من هذه القائمة، فيما تظهر الإمارات بإنفاق بلغ 0.47 في المائة في عام 2011م، ثم تليها مصر بنسبة 0.43 في المائة، ثم عُمان بنسبة 0.09 في المائة، وأخيراً دولة مثل العراق بنسبة 0.06 في المائة، في الوقت الذي ينفق فيه بلد مثل فنلندا على هذه البحوث 3.78 في المائة. قصارى القول إنه ما لم نعتبر أن قضية التربية والتعليم أشبه بعملية حرب نخوضها، إما أن ننتصر فيها أو نخسرها، فإن التعليم سيظل "ملهاة"، نأتي بوزير، و"نرقع" منهجاً، وسيصبح "مأساة" مجتمع.