العدو الصهيوني يواصل خروقاته لإتفاق غزة: استمرار الحصار ومنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية    عدن.. هيئة النقل البري تغيّر مسار رحلات باصات النقل الجماعي    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    انها ليست قيادة سرية شابة وانما "حزب الله" جديد    فوز (ممداني) صفعة ل(ترامب) ول(الكيان الصهيوني)    تضحياتٌ الشهداء أثمرت عزًّا ونصرًا    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    مانشستر سيتي يسحق ليفربول بثلاثية نظيفة في قمة الدوري الإنجليزي    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    عين الوطن الساهرة (1)    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أغنى رجل في بابل
اكتشف سر تحقيق الثروة الشخصية
نشر في الجمهورية يوم 22 - 11 - 2007


الحلقة الثالثة
الطرق السبع للتغلب على المحافظ الخاوية
عاشت شهرة بابل طويلاً على مدى السنين، ووصلت إلينا سمعتها عبر العصور باعتبارها أغنى المدن، وباعتبار أن كنوزها كانت خرافية.
ولكنها لم تكن كذلك دائماً، إن ثراء بابل كان نتاجاً لحكمة أهلها، لقد كان عليهم في بادىء الأمر أن يتعلموا كيف يصبحون أثرياء.
فعندما عاد ملكهم الصالح «سارجون» إلى بابل بعدما أوقع الهزيمة بأعدائه، واجهه موقف خطير، وقد عرضه له كبير المستشارين الملكيين على هذا النحو:
بعد أعوام طويلة من الرخاء الاقتصادي الكبير الذي عاش فيه شعبنا، بسبب قيام جلالتكم ببناء قنوات الري العظيمة والحصون الشاهقة، فالآن وبعد الانتهاء من بناء هذه الأعمال، بدا وكأن الناس غير قادرين على إعالة أنفسهم.
فالعمال يجلسون بلا عمل، ولم يعد للتجار سوى زبائن قليلة، ولم يعد المزارعون قادرين على بيع منتجاتهم، فالناس لا يملكون ما يكفي من المال لشراء الطعام.
فسأله الملك: ولكن أين ذهب كل المال الذي أنفقناه على هذه التحسينات العظيمة.
فرد كبير المستشارين: أخشى أنها قد ذهبت إلى ملكية قلة من أثرياء مدينتنا، إذ إنها سريعاً ما نفدت من بين أصابع غالبية شعبنا تماماً مثلما ينفد لبن الماعز عبر المصفاة، ولم يعد المال يتدفق مثلما كان من قبل، فمعظم الناس لم يعد لديهم شيء يدخرونه من مكاسبهم.
استغرق الملك في التفكير لبعض الوقت ثم قال: «لماذا يجب أن يحرز قلة قليلة من الرجال الذهب كله؟
فرد كبير المستشارين قائلاً: لأنهم يعرفون كيفية الوصول لذلك، ولا يملك أحد أن يدين إنساناً على نجاحه في معرفة كيف يحقق ذلك، وليس من العدل أيضاً أن نسلب من رجل كل ما كسبه بطريقة مشروعة ونعطيه لرجال أقل قدرة على فعل ذلك.
فتساءل الملك: ولكن لماذا لا يتعلم كل الناس كيفية جمع المال حتى يصبحوا أثرياء ويعيشوا في ازدهار؟
إنه أمر ممكن إلى حد بعيد يا جلالة الملك، ولكن من سيعلمهم؟ لن يكون رجال الدين بالطبع، فهم لا يعلمون شيئاً عن جمع المال.
فسأله الملك: إذن فمن أفضل من يعرف في كل أنحاء مديتنا كيفية جمع المال؟
إن السؤال يجيب عن نفسه يا صاحب الجلالة فمن الذي جمع أعظم ثروة في بابل كلها؟
قول صائب يا كبير المستشارين: إنه أركاد، فهو أغنى رجل في بابل، أحضره إذن أمامي غداً.
وكما أمر الملك فقد مثل أركاد بين يديه في اليوم التالي، ووقف أمامه مفعماً بالنشاط والحيوية، بالرغم من أنه الآن في السبعين من عمره.
تحدث الملك قائلاً: أركاد، هل حقاً ما يقال من أنك أغنى رجل في بابل؟
«لقد شاع الأمر إذن يا جلالة الملك، ولم يعد يشك فيه أحد»
كيف أصبحت ثرياً على هذا النحو يا أركاد؟
عن طريق انتهاز الفرص المتاحة لكل مواطني مدينتنا الجميلة.
ألم يكن لديك شيء بدأت به بناء ثروتك؟
فقط رغبة كبيرة في أن أمتلك ثروة، ولم يكن هناك شيء آخر
فأردف الملك قائلاً: إن مدينتنا تعيش في حالة كئيبة جداً، وهذا يرجع إلى أن قلة من الرجال فقط هم من يعرفون كيفية إحراز الثروة، وعليه فقد احتكروها، بينما العامة من مواطني مدينتنا يفتقرون إلى المعرفة فيما يتعلق بكيفية الحفاظ على أي جزء من المال الذي يكسبونه.
إنني أتمنى أن أجعل من بابل أغنى مدينة في العالم أجمع، ولكي يتحقق ذلك، لابد وأن تكون مليئة بالأثرياء، لذا لابد وأن تُعلم الشعب كله كيفية إحراز الثروة، أخبرني إذن يا أركاد، هل هناك من سر يساعد المرء على جني المال؟ وهل يمكن تعليمه للآخرين؟
نعم يا صاحب الجلالة، إن أي شيء يعرفه أي إنسان يمكن أن يعلمه للآخرين.
فالتمعت عينا الملك ببريق جديد وقال: إنك تقول نفس الكلمات التي أتمنى سماعها يا أركاد، فهل ستهب نفسك لتحقيق هذا الهدف؟ هل ستعطي معرفتك هذه لمجموعة من المدرسين والذين سيقوم كل واحد منهم بدوره بتعليم آخرين حتى يصبح هناك عدد كافٍ من القادرين على تعليم هذه الحقائق لكل مواطن يستحق ذلك في مملكتي؟
فانحنى أركاد برأسه موافقاً وقال: أنا خادمك المطيع لكل أوامرك ياسيدي، وسأعطي كل معرفتي التي أمتلكها بكل سعادة من أجل تحسين وضع رفاقي المواطنين ومن أجل مجد ملكي، لذا فاجعل كبير مستشاريك الفاضل يقوم بتجهيز فصل لي مكون من مائة رجل، وسأعلمهم طرق العلاج السبعة التي جعلت محفظتي متخمة بالمال، بعد أن كانت أخف محفظة في بابل.
وبعد أسبوعين، وإذعاناً لأمر الملك، جاء المائة رجل الذين تم اختيارهم، واحتشدوا في الصالة الكبيرة في فصل التعلم وجلسوا على شكل حلقات نصف دائرية، وجلس أركاد بجانب منضدة صغيرة موضوع عليها قنديل يتصاعد منه دخان ذو رائحة غريبة وعطرة.
وهنا وكز أحد الطلاب زميله عندما ظهر أركاد وهمس له قائلاً: «انظر إلى أغنى رجل في بابل. أنه مجرد رجل مثل سائر الرجال».
بدأ أركاد حديثه قائلاً: نظراً لأني خادم مطيع لملكنا العظيم، فأنا أقف أمامكم اليوم بناءً على طلبه فلأنني كنت في يوم من الأيام شاباً فقيراً أرغب في الثراء بشدة، ولأنني وجدت المعرفة التي مكنتني من الحصول عليه، فقد طلب الملك مني أن أنقل لكم معرفتي هذه.
لقد بنيت ثروتي هذه من لاشيء وبأبسط الطرق، لم أكن أتمتع بميزة لا تتمتعون بها، ولا يتمتع بها أي مواطن في بابل.
وكان أول مستودع لثروتي هو حافظتي البالية كنت قد سئمت خلوها، وكم وددت لو كانت ضخمة وممتلئة، وكم وددت لو سمعت صوت تخبط العملات الذهبية بداخلها، ولكي أحقق ذلك فقد سعيت في طلب كل الطرق التي تجعلني أتغلب على خلوها، ولقد وجدت سبعاً منها.
وسوف أشرح لكم، يا من تجلسون الآن أمامي، تلك الطرق السبع للتغلب على المحافظ الخاوية، والتي أنصح كل رجل يرغب في المال الوافر باتباعها، في كل يوم من الأيام السبعة القادمة، سأشرح لكم طريقة من تلك الطرق.
فانصتوا بانتباه إلى المعرفة التي سأنقلها لكم، وفكروا ملياً معي في هذه الطرق، وناقشوها فيما بينكم، ابذلوا غاية جهدكم لتعلم هذه الدروس والتي قد تساعدكم على أن تزرعوا في حافظتكم بذرة هذه الثروة، في البداية لابد وأن يبدأ كل منكم بحكمة في بناء ثروته الخاصة، وعندئذ سيصبح فقط، مؤهلاً لتعليم هذه الحقائق للآخرين.
سأعلمكم بطرق بسيطة كيف تملأون أكياس نقودكم بالمال، وهذه هي الخطوة الأولى التي ستؤدي بنا إلى بناء الثروة الكبيرة، ولن يستطيع أحد أن يحقق تقدماً ملحوظاً في بناء تلك الثروة، ما لم يضع قدميه بثبات على الخطوة الأولى.. والآن سنقوم بدراسة الطريقة الأولى.
الطريقة الأولى
ابدأ في ملء محفظتك
وجه أركاد كلامه إلى رجل في الصف الثاني، يبدو عليه الاهتمام الشديد، وقال له: «ما حرفتك التي تعمل بها يا صديقي العزيز؟»
فأابه الرجل: «أعمل ناسخاً ونحاتاً للمحفوظات على الألواح الصلصالية».
لقد حصلت على عملاتي النحاسية الأولى من مثل هذا العمل تماماً، لذا فإن لديك نفس الفرصة كي تجمع ثروة.
ثم تحدث أركاد إلى رجل متورد الوجه في الصفوف الخلفية: أخبرني من فضلك عن عملك الذي تكسب منه قوتك.
فأجاب الرجل قائلاً: أعمل جزاراً، أشتري القطعان التي يربيها الفلاحون، وأذبحها، وأبيع لحمها إلى ربات البيوت، وأبيع الجلود إلى صانعي الأحذية.
نظراً لأنك أنت أىضاً تعمل وتكسب، فإن لديك كل المميزات اللازمة للنجاج، والتي كنت أمتلكها.
وواصل أركاد حديثه على هذا النحو كي يعرف ، ما الذي يفعله كل منهم لكسب قوته، وعندما انتهى من طرح الأسئلة عليهم، قال:
والآن يا طلابي، يمكنكم أن تدركوا أن هناك العديد من الحرف والأعمال التي يمكن للإنسان أن يحصل عن طريقها على المال، وكل طريقة من طرق الكسب هذه، هي سيل من المال يمكن للعامل أن يحول منه جزءاً إلى حافظته الخاصة، وعليه فسيكون في حافظة كل منكم سيل متدفق من العملات الكبيرة أو الصغيرة، كل حسب طاقته، أليس هذا صحيحاً؟.
فأجابوه على الفور بأنهم يوافقون على ما يقول.
فاستمر في حديثه قائلاً: فإذا رغب كل واحد منكم في أن يبني لنفسه ثروة، أليس من الحكمة أن يبدأ بالاستفادة من مصدر الثروة هذا والذي قد اسسه بالفعل؟
فأجابوه على ذلك بالموافقة أيضاً.
ثم أدار وجهه إلى رجل متواضع الهيئة كان قد عرفهم بنفسه على أنه تاجر للبيض، وقال له: «إذا اخترت سلة من السلال، ووضعت فيها عشر بيضات كل صباح، وأخرجت منها تسع بيضات كل مساء، فما الذي سيحدث في آخر الأمر.
ستمتلىء عن آخرها بمرور الوقت.
لأني في كل يوم أضع فيها أكثر مما أخرجه منها.
فالتفت أركاد إلى الفصل مبتسماً وقال: هل من بين الحاضرين هنا من يملك محفظة خاوية.
في البداية، بدت عليهم الدهشة، ثم انفجروا بالضحك، وفي النهاية أخرجوا محافظهم ولوحوا بها في الهواء مازحين.
فأردف قائلاً: لابأس. الآن سأخبركم بطريقة العلاج الأولى التي تعلمتها لكي أتغلب على خلو محفظتي من المال، من كل عشرة عملات معدنية تضعونها في محافظكم، أخرجوا تسعاً منها فقط للاستخدام، وستجدون أن محافظكم قد بدأت في الانتفاخ فجأة، ووزنها المتثاقل سيشعركم بالتحسن وسيجلب لكم الرضا والارتياح.
لا تسخروا من قولي لبساطته، فالحقيقة دائماً ما تكون بسيطة، وأنا كنت قد أخبرتكم بأني سأطلعكم على الطريقة التي جمعت بها ثروتي، وكانت هذه هي بدايتي، فأنا أيضاً كنت أحمل محفظةً خاوية، وكثيراً ما لعنتها لعدم وجود أي مال بداخلها أشبع به رغباتي واقضي به احتياجاتي، ولكن عندما بدأت في استخراج تسع قطع فقط من العشرة التي كنت قد وضعتها، بدأت محفظتي في الانتفاخ، وهذا هو ما سيحدث مع محافظكم أنتم أىضاً.
والآن سأخبركم بحقيقة غريبة لا أعرف لها سبباً حتى الآن، فعندما توقفت عن انفاق أكثر من تسعة أعشار ما أكسبه، تمكنت تماماً من أن أدبر أموري المالية بطريقة جيدة، ولم تتأثر نوعية حياتي رغم أنني قد قلصت من نفقاتي بمقدار هذا العشر، كما أنه لم يمض وقت طويل إلا وأصبحت أحصل على المال بسهولة أكثر من ذي قبل، إنه بالتأكيد قانون أزلي ذلك الذي يجعل الذهب يأتي بسهولة للإنسان الذي يدخر مقداراً محدوداً من كل إيراداته، وبنفس الطريقة، فمن يترك محفظته دائماً خالية من المال، يبتعد عن المال.
إذن أي الأشياء ترغبون في تحقيقها أكثر من غيرها؟ هل الرغبات اليومية التي تودون إشباعها، كجوهرة وثوب مبهرج جميل وطعام أكثر، وغير ذلك من الأشياء التي سريعاً ما تتلاشى وتُنسى؟ أم أنها الممتلكات الضخمة كالذهب والعقارات والأنعام والاستثمارات التي تحقق دخلاً؟ إن المال الذي تأخذونه من المحفظة هو الذي يحقق لكم الرغبات الأولى، أما المال الذي تتركونه فيها فهو ما سيحقق لكم الرغبات الثانية.
وكانت هذه يا طلابي هي الطريقة الأولى التي اكتشفتها للتغلب على محفظتي الخاوية: من كل عشر عملات نقدية أضعها في محفظتي، أنفق تسعاً فقط، تناقشوا في هذا الأمر بينكم، وإذا استطاع أي شخص أن يثبت عدم صحة ما أقول، فليخبرني بذلك غداً عندما نلتقي مرة أخرى.
الطريقة الثانية
تحكم في نفقاتك
في اليوم الثاني، بدأ أركاد بتوجيه كلامه إلى طلابه قائلاً: لقد سألني بعض منكم يا طلابي هذا السؤال: كيف يمكن لإنسان أن يدخر في محفظته عٌُشر إيراداته في حين أن كل إيراداته لا تكفي لتلبية نفقاته الضرورية؟
بالأمس كم كان عدد الذين يحملون محافظ خاوية منكم؟
فأجابوه قائلين: كلنا.
وهذا بالرغم من أنكم لا تكسبون نفس القدر من المال. إذ إن البعض يكسب أكثر من البعض الآخر، والبعض يعول عائلات كبيرة، ولكنكم في النهاية تحملون نفس المحافظ الخاوية، والآن سأطلعكم على حقيقة نادرة، إنها تدور حول ما نسميه «النفقات الضرورية»، فهذه سوف تتزايد دائماً لتكافئ مواردنا ما لم نعمل على مجابهة ذلك.
لا تخلطوا بين النفقات الضرورية ورغباتكم الشخصية، فكل واحد منكم، هو وعائلته، لديه من الرغبات أكثر مما تستطيع إيراداته تلبيتها، لذا فإنكم سوف تنفقون مكاسبكم لتلبية هذه الرغبات، مهما زادت هذه المكاسب، ورغم ذلك، سوف يظل هناك الكثير من الرغبات التي لا يمكنكم إشباعها.
إن كل الرجال مثقلون برغبات أكثر مما يستطيعون تلبيتها.. فهل تعتقدون أنني، نظراً لثروتي الكبيرة، ألبي كل رغبة أتمناها؟
إنها فكرة خاطئة، فهناك حدود لوقتي، وهناك حدود لقوتي، وهناك حدود للمسافة التي قد أسافر إليها، وهناك حدود للطعام الذي أتناوله، وهناك حدود للمتعة التي قد أستمتع بها.
وأنا أقول لكم: إن الأمر يشبه تماماً نمو الأعشاب الضارة في كل مكان في الأرض يسمح فيه المزارع لنمو جذورها، إذ أن هذه الرغبات تنمو هي الأخرى بحرية داخل الإنسان، كلما كانت هناك إمكانية لتحقيقها، إن رغباتك عديدة وكثيرة ولكنك لا تسطتيع سوى تحقيق القليل منها.
ادرسوا بتعمق تلك العادات المألوفه في حياتكم وربما نجد أن هناك غالباً نفقات معينة مقبولة يمكننا تقليلها أو حتى التخلص منها بعقلانية، واجعلوا شعاركم هو أن كل عملة نقدية لابد أن تنفق فيما يستحق ذلك بنسبة مائة بالمائة.
لذا اكتبوا على لوح صلصال كل شيء ترغبون في أن تنفقوه من أجل تلبيته، ثم اختاروا الأشياء الضرورية والأشياء الأخرى التي يمكن تلبيتها في إطار إنفاق تسعة أعشار فقط من دخلكم، ثم احذفوا الأشياء الباقية، واعتبروها مجرد جزء من رغباتكم المتعددة الكثيرة يجب أن يظل بدون إشباع، بدون أن تندم على ذلك.
ضع ميزانية لنفقاتك الضرورية ولاتلمس العُشر الذي تضعه في كيس نقودك، واجعل ادخار هذا العشر هو رغبتك الأكبر والتي لابد وأن تعمل على تلبيتها، واستمر في العمل بهذه الميزانية وعدلها دائماً حتى تتواءم مع احتياجاتك، واجعلها مساعدك الأول في حماية كيس نقودك المملوء بالمال.
وعند هذه النقطة، نهض أحد الطلاب، وكان يرتدي ثوباً أحمر موشى بالذهب، وقال: «إنني رجل حر، وأؤمن بأن من حقي أن أستمتع بمتع الحياة، ولذا فأنا لا أقبل أن أكون تحت تحكم الميزانية، تحدد قدر ما أنفقه وفيما أنفقه، فأنا أشعر بأنها ستسلب مني حياتي كثيراً من السعادة، وتجعلني كحمار يحمل أثقالاً.
فرد عليه أركاد قائلاً: ومن يا صديقي الذي سيحدد ميزانيتك؟
فرد الرجل المعترض قائلاً: أنا من سيحددها لنفسي.
فلو قدر للحمار أن يحدد الثقل الذي يحمله، فهل سيضع فيه المجوهرات والسجاد وسبائك الذهب الثقيلة؟ لا لن يفعل ذلك، ولكنه سيحمل القش والحب وقارورة المياه، ويسير بها عبر الصحراء.
إن الهدف من وضع الميزانية هو مساعدة كيس نقودك على الامتلاء، والميزانية ستساعدك على الحصول على الأشياء الضرورية وتحقيق رغباتك الأخرى، في حدود المستطاع، كما تمكنك من إدراك أكثر الرغبات التي تتوق إليها، عن طريق حمايتها من أمنياتك العارضة، ومثل الضوء الذي يسطع في كهف مظلم، فميزانيتك توضح لك المال المتسرب من محفظتك، وتمكنك من أن توقف ذلك التسرب وتتحكم في نفقاتك من أجل تحديد وتلبية أهدافك.
هذه إذن هي الطريقة الثانية للتغلب على المحافظ الخاوية: ضع ميزانية للتحكم في نفقاتك بحيث تنفق على الأشياء الضرورية وفي التمتع بمتع الحياة ولإشباع الرغبات الضرورية، وكل ذلك بدون أن تنفق أكثر من تسعة أعشار ماتكسب.
الطريقة الثالثة
اعمل على إنماء ثروتك
بدأ أركاد حديثه للفصل في اليوم الثالث قائلاً: انظروا إلى محافظكم وهي تزداد حجماً، لقد دربتم أنفسكم على ترك عُشر ما تكسبون في حافظتكم، لقد تحكمتم بالفعل في نفقاتكم لحماية المال المتزايد، سوف نفكر بعد ذلك في طرق للعمل على إنماء ثروتكم، فالمال الذي يقبع في كيس النقود هو إرضاءً للنفس وإشباع للروح البخيلة ولكنه لا يجني شيئاً، إن المال الذي ادخرناه من إيراداتنا هو مجرد بداية، ولكن الأرباح الناتجة عنه هي التي ستنشىء ثروتنا.
كيف إذن سنجعل المال الذي نملكه ينمو ويتزايد؟ لقد كنت سيء الحظ في أول استثمار لي، فقد فقدت فيه كل ما أملك، وسأروي لكم هذه الحكاية فيما بعد، وكان أول استثمار مربح لي عبارة عن مبلغ أعطيته لرجل يسمى أجار، وكان يعمل صانعاً للتروس، فقد كان في كل عام يشتري شحنات كبيرة من البرونز آتية عبر البحر كي يستخدمها في تجارته، ولكي يحصل على رأس مال يكفي لدفعه للتجار، كان يتشارك في هذا الأمر مع أولئك الذين يمتلكون مالاً إضافياً، ولقد كان رجلاً شريفاً، إذ كان يعطيني أرباحاً سخية عندما يبيع تروسه.
وفي كل مرة كنت أتعامل معه، كنت أعطيه رأس المال بالإضافة إلى أرباحي، ولذا فلم يتزايد رأس مالي فقط، بل زادت إيراداتي أيضاً بنفس الطريقة، وأكثر ما يبهج في هذا هو أن هذه المبالغ كانت تعود إلى كيس نقودي مرة أخرى.
إنني أؤكد لكم ياطلابي أن ثروة الإنسان لا تكمن في المال الذي يحمله في كيس نقوده، بل تكمن في الدخل الذي يصنعه، وفي النهر الذهبي الذي يتدفق باستمرار في كيس نقوده ويجعله منتفخاً دائماً، وهذا ما يرغب كل إنسان فيه، وهذا ما يرغب فيه كل واحد منكم، ألا وهو الدخل الذي يمدنا بالمال دائماً سواء كنت تعمل أو تسافر.
لقد أحرزت دخلاً كبيراً جداً بالقدر الذي جعل مني رجلاً غنياً جداً، ولقد كان مالي الذي تشاركت به مع أجار هو أول تجربة لي في الاستثمار المربح، ولقد اكتسبت حكمة من هذه التجربة جعلتني أتوسع في استثماراتي حتى يزيد رأس مالي، فمن موارد ضئيلة في البداية، ومن موارد كبيرة فيما بعد، كان يتدفق إلى كيس نقودي نهر ذهبي من الثروة المتاحة للاستخدامات الحكيمة، كما لابد أن أقررها بنفسي.
انظروا، لقد أنشأت من إيراداتي المتواضعة ذخيرة من العبيد الذهبيين، وأقصد قطع النقود الذهبية، يعمل كل منهم ويكسب ذهباً أكثر، وكما يعملون في صالحي، فقد كانت ثمراتهم تعمل هي الأخرى، وكذلك ثمرات ثمراتهم، حتى صار الدخل الناتج عن مجهوداتهم المشتركة كبيرة جداً.
إن الثروة تزداد بسرعة عندما تصنع منها إيرادات معقولة كما سترى فيما يلي: قام أحد المزارعين عندما ولد له ابنه الأول بمشاركة أحد التجار في تجارته بعشر عملات فضية، وطلب منه أن يدخرها بأرباحها لابنه حتى يصبح في سن العشرين، وهذا ما فعله التاجر، وكانت هذه العملات العشر تحقق أرباحاً تصل إلى ربع قيمتها الأصلية كل أربع سنوات. ولأن المزارع كان قد ادخر هذه العملات لابنه، فقد طلب من التاجر أن تضاف هذه الأرباح إلى رأس المال.
وعندما وصل الابن إلى سن العشرين، ذهب المزارع مرة ثانية إلى شريكه التاجر كي يستعلم منه عن الفضة، فأوضح له التاجر أن هذا المبلغ قد تزايد عن طريق الأرباح المركبة، وأن العملات الفضية العشرة الأصلية قد نمت وأصبحت الآن ثلاثين قطعة ونصف.
فرح المزارع كثيراً عندما سمع ذلك، ونظراً لأن ابنه لم يكن يحتاج إلى المال في ذلك الوقت، لذا فقد تركه مع التاجر واستمر في مشاركته له، وعندما صار الابن في الخمسين من عمره، وبعد أن فارق أبوه الحياة، أعطى التاجر للابن كل أرباحه ومستحقاته المالية والتي كانت قد وصلت إلى مائة وسبع وستين عملة فضية.
وهكذا في خلال خمسين عاماً، تضاعف المال أكثر من سبع عشرة مرة.
هذه إذن هي الطريقة الثالثة للتغلب على المحافظة الخاوية: وظف كل ما لديك من مال كي ينتج ربحاً حتى يساعدك في تكوين مورد مالي ثابت خاص بك عبارة عن نهر من المال يتدفق باستمرار إلى حافظتك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.