أ.د. طلال بن عبدالله المالكي يتحدث الكثير من الخبراء والمهتمين من أصحاب الرأي، عن العالم كقرية صغيرة ويدور النقاش حول العولمة في جوانب كثيرة، منها التعليمي والمعرفي والثقافي ومدى تأثيرها المحلي. من هذا المنطلق، يعقد المجلس الأمريكي للتعليم American Council on Education (ACE) حلقات نقاش حول قضايا في التعليم العالي، تشمل الكثير من القضايا والهموم التعليمية التي تتعدى حدود الجغرافيا الأكاديمية للولايات المتحدةالأمريكية. من تلك الحلقات حلقة نقاش حول عالمية (عولمة) الحرم الجامعي Campus Internationalization. في جامعاتنا السعودية نمارس عولمة الحرم الجامعي بامتياز. ومن يستعرض جنسيات أعضاء هيئات التدريس بالجامعات يدرك حقيقة ذلك. إلا أن هذا الجانب من العولمة قد يكون في الكثير من الأحيان غير اختياري، أي بقصد سد الحاجة أو النقص هنا أو هناك، لذلك فقد لا تنطبق عليه المعايير الحقيقية لمفهوم عولمة أو عالمية الحرم الجامعي. أعود إلى المجلس الأمريكي للتعليم وحلقة نقاشه حول عالمية (عولمة) الحرم الجامعي، وأجد أنه من المفيد أن أورد بعض الأهداف التي تسعى لتحقيقها المؤسسات التعليمية من خلال فهمها للعالمية (Internationalization) أكاديميا، نلخص جزءًا منها فيما يلي: * تضمين الرؤى العولمية في التعليم والتعلم والبحث العلمي. * بناء روح التنافس العالمي وكذلك بين الثقافات عند الطلبة وأعضاء هيئات التدريس. * بناء علاقات عمل حقيقية مع الجامعات الدولية والمؤسسات الأكاديمية خارج الأوطان. تركز الحلقة النقاشية على وضع ما يمكن تسميته ب"الحقيبة الإرشادية" لتفعيل ما تم تحديده أعلاه من أهداف، ويمكن ذلك من خلال معالجة قضايا محددة تتركز في: * طرق تحريك الطلبة بين المؤسسات الأكاديمية الدولية، واستيعابهم ودعمهم ماديا ومعنويا وتوفير كافة التسهيلات لضمان استفادتهم من "عولمة" تعلمهم خارج أوطانهم. * تشجيع أعضاء هيئات التدريس على الانخراط في ممارسة الأستاذ الجامعي "العولمي" ووضع الضوابط لذلك؛ ليصبح انتقال الأستاذ الجامعي محققا للأهداف المرسومة والمرجوة. * وضع قواسم ومعالم (parameters) علمية مشتركة لما يمكن تسميته ب"المناهج العالمية". * تحديد مخرجات تعليمية مقبولة لدى المؤسسات التعليمية العالمية بحيث لا يشعر الطالب أو الباحث "العالمي" أنه قد خسر وقتا وعلما وبحثا لكونه غادر بلده والتحق بجامعة عالمية أخرى. كما أسلفت، نحن نمارس في جامعاتنا السعودية "عالمية" الأستاذ الجامعي، لكن من منطلق سد العجز. وخلال السنوات القليلة الماضية بدأت بعض جامعاتنا تمارس ذلك بالنسبة لطلبتها حيث يقضى نخبة منهم أوقاتا قصيرة في جامعات عالمية. وبقدر محدودية التجربة حتى الآن، إلا أنها تبشر بفوائد ومكاسب للطلبة السعوديين "العولميين" ولجامعاتهم، على الأقل في جوانب تعزيز الثقة في مؤسساتنا التعليمية وتلاقح التجارب والخبرات والثقافات. ولعلي أختم بطرح بعض الرؤى والأفكار التي قد تساهم في تعميق التجربة وتحقيق ما نصبو إليه في جامعاتنا: أولا: أن تحدد جامعاتنا نسبا ممن ستتعاقد معهم من أعضاء هيئة التدريس ممن تتحقق فيهم شروط عولمة "الأستاذ الجامعي" من الناحية البحثية ومن تميزه بقدرات في القيادة الأكاديمية. ثانيا: التوسع في تجربة إرسال طلبتنا إلى الجامعات العالمية لفترات محددة كالصيف مثلا ووضع الخطط والترتيبات لإنجاح التجربة. ثالثا: البدء وبجدية في "العولمة" الحقيقية لجامعاتنا، وذلك باستقطاب طلاب عالميين للانخراط في فصولنا الدراسية ومعاملنا البحثية وزيادة أعدادهم تصاعديا مع تقادم التجربة. رابعا: وأخيرا.. أوصي بأن تتبنى إحدى الجامعات لقاء علميا لدراسة مفهوم عالمية (عولمة) الحرم الجامعي Campus Internationalization ومدى إمكانية الاستفادة منه، ولدراسة تجارب بعض الدول التي بدأت حديثا في تطبيق هذا المفهوم، كدولة ماليزيا مثلا، لعلنا نتميز ونصبح أنموذجا لغيرنا من دول العالم في عولمة جامعاتنا، ونحن قادرون بحول الله على ذلك.. وبالله التوفيق.