القائم بأعمال وزير الخارجية يلتقي مدير مكتب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن    العلامة مفتاح يزور وزارات العدل والخارجية والثقافة ويشيد بإسهامات وزرائها الشهداء    النعيمي يؤكد أهمية استكمال السياسات الزراعية ويشيد بإسهامات الشهيد الدكتور الرباعي    بعملية عسكرية واسعة نفذت ب 8 طائرات مسيرة.. القوات المسلحة تؤكد.. استهداف النقب وأم الرشراش وعسقلان وأسدود ويافا المحتلة    الحارس وضاح أنور يستحق الثناء والمديح    رئيس الوزراء يشيد بإنجاز منتخب الشباب ويؤكد: أنتم فخر اليمن وأملها المشرق    البكري يثمّن إنجاز شباب اليمن ويؤكد: ما يزال للحلم خطوة واحدة    اللواء بحري محمد القادري: قدراتنا البحرية لا حدود لها    دائرة الشباب في الإصلاح تهنئ المنتخب الوطني للشباب بتأهله إلى نهائي كأس الخليج    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    الحوار أساس ومواجهة الاستكبار نهج    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 53)    قمة شنغهاي .. الدلالات والأبعاد والنتائج المحتملة    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (12)    بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1447ه .. بريد منطقة الحديدة يكرم عدداً من كوادره المتميزين    وفيكم رسول الله    يوم محمدي    مرض الفشل الكلوي (20)    المنتخب الوطني للشباب يتأهل لنهائي كأس الخليج بعد فوزه على عمان    لملس يستعرض خطة برنامج مؤتمر عدن الاقتصادي    الرئاسي يُشيد بالجهود السعودية في دعم أمن وتنمية اليمن    انقطاع كابل الألياف الضوئية في البحر الأحمر وعدم استقرار الإنترنت في الشرق الأوسط    محافظ عدن يتفقد مشروع مدينة الشيخ محمد بن زايد الطبية    انتقالي المكلا يتقدم ببلاغ للنائب العام يتهم بن حبريش بالتقطع لوقود الكهرباء (وثيقة)    الرئيس الزُبيدي يفتتح قسم الرقود ويضع حجر الأساس لأقسام طبية متقدمة بمستشفى عبود العسكري    مركز الإنذار المبكر يعلن مواعيد الخسوف الكلّي النادر للقمر في اليمن    بعد جهود استمرت لأكثر من خمس سنوات.. فرنسا تعيد إلى اليمن 16 قطعة أثرية    اعلام اسرائيلي: مسيرة تصيب مطار رامون وتعليق الرحلات الجوية    اجتماع بتعز يقر تنفيذ حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية والصيدليات المخالفة    تدشين مشروع إنارة المدخل الغربي لمدينة عتق    "بيت الموتى" في تركيا.. اكتشاف مذهل لطقوس العصر الحجري الحديث    اكتشاف تأثير خطير لمرض السكري على القلب    اليمنيون.. سفراء وطن بلا حقائب دبلوماسية.. شبانة محمد شفي.. وجه يمني يرفع راية الوطن في منصات بريكس الدولية    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يناقش جملة من الملفات الخدمية والإنسانية في سقطرى    رونالدو يتجاوز ميسي في عدد الأهداف بتصفيات كأس العالم    من عامل نظافة 7 سنوات إلى تحقيق شهادة جامعية بامتياز    سردية اللعبة المكشوفة.. هبوط وارتفاع العملة المحلية والأسعار    حرمان جيشنا وأمننا من مرتبات 17 شهرا وأموالنا تذهب للأوغاد    الهجوم والهجوم المضاد    باحث سياسي: قبل الغزو اليمني كانت "مساجد الجنوب لله وحده"    تصفيات اوروبا لمونديال 2026: البوسنة تسحق سان مارينو بسداسية    اعتزال ميسي " ملئة الدنيا وشغلت الناس "... !    مركز الأرصاد يتوقع أمطارًا رعدية ورياحًا قوية في عدة محافظات    ترحيل 2476 مهاجراً دخلوا البلاد بطرق غير مشروعة    وزارة الاقتصاد تكرم المخترع الراحل محمد العفيفي    البروي: الاعلام الرسمي بصنعاء يمر برحلة هبوط إلى القاع    شرطة الجوف تستعيد سيارتين مسروقتين    قيادة الانتقالي تناقش ملفات الضرائب والكهرباء والأراضي    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ عبده حسين حبيش    من يومياتي في أمريكا .. فقدان    انتشار وباء الحصبة في إب وسط تكتم المليشيا    10 علامات تحذيرية تدل على انسداد الشرايين وتهدد صحتك    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    حضرموت وعدن نالت أعلى نسب في عدد المبتعثين للدراسة في الإمارات    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    تحذيرات من تزايد وفيات الحصبة والكوليرا بتعز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النقابات الجامعية.. والمراهقة السياسية..!!
نشر في المؤتمر نت يوم 18 - 04 - 2010

من الطبيعي أن تبدو الجامعات أحياناً مسرحاً للمراهقة السياسية والحزبية والديمقراطية لدى جمعيات واتحادات الطلبة بحكم أنها ساحة للتنشئة السياسية والاجتماعية والثقافية، وهذا وضع طبيعي وطريق عبرناه جميعاً؛ لكنا بعد أن تخرجنا وأنضجتنا الحياة اكتشفنا متأخرين أن تصرفاتنا كانت ضرباً من المراهقة السياسية، ونتذكر باستحياء عنترياتنا الشبابية والسياسية والايديولوجية..
لكن عدوى المراهقة السياسية انتقلت اليوم من الطلاب إلى أعضاء هيئة التدريس الذين أصبحت إضراباتهم ومطالبهم تفوق إضرابات ونشاط واعتصامات المراهقين من الطلاب.
لقد بالغت نقابات هيئات التدريس في الجامعات الحكومية بما لا يقاس في تكرار الإضرابات السياسية تحت دعاوى مطلبية أشبه بالدعاوى والمطالب التعجيزية لعامة حراك الفوضى والتحريض في الضالع وفي ردفان وفي أبين.
وأقرب ما يصفهم به الشارع والطلاب أنهم مراهقون سياسياً، ذلك أن تاريخ نقابات هيئات التدريس التي توجهها المعارضة في بعض الجامعات الحكومية حافل بالمطالب التي لا تقابلها واجبات، وهي سلسلة من الابتزاز السياسي لا تختلف عن ابتزاز القبائل الجاهلة التي تقطع الطريق أو تختطف السياح للتعبير عن مصالح ذاتية، تبدأ ولا تنتهي، يتكرر هذا في الجامعات بالرغم من استجابات الحكومات المتكررة والتي من نتائجها أن الأستاذ الجامعي أصبح يتقاضى أعلى أجر شهري في كل السلم الوظيفي في البلاد، بل أصبح يتقاضى ضعف ما يتقاضاه أي وزير، فضلاً عن دخوله غير الثابتة، وهذا أمر فيه تقدير للأستاذ الجامعي ومكانته الاجتماعية والثقافية والعلمية.
وبالنظر إلى الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد الذي يفترض أن الأكاديميين هم أكثر من يعلمه، وكون الوضع نتيجة لمنظومة متكاملة لا يمكن فيها التطرف في التمييز الاقتصادي للأستاذ الجامعي في ظروف اقتصادية ودخل قومي وفردي متدنٍ.
فالأستاذ الجامعي في الجامعات المصرية - مثلاً - يتقاضى ما يعادل مئتي دولار شهرياً فقط مقابل ألف دولار للأستاذ الجامعي في اليمن، التي لا يقارن إنتاجها القومي بمصر بأي وجه من الوجوه، فمتوسط أجر الأستاذ الجامعي في اليمن يعد معقولاً؛ فضلاً عما يحصل عليه من سكن وتأمين صحي وغيره، مقارنة بكثير من دول العالم باستثناء دول الخليج والدول الغربية.
والمشكلة في الجامعات اليمنية الحكومية ليست في حقوق هيئات التدريس التي ليس لها سقف إلا السماء، والتي تتجه عكس العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية القائمة، بل إن لب المشكلة في الاختلال القائم بين الحقوق وبين الواجبات التي لا يبدو أن لها مكان في أجندة هيئات التدريس الجامعي.
الأستاذ الجامعي يتحمل واجبات قانونية ووطنية ومؤسسية واجتماعية وفردية وأخلاقية ليس لها مكان في اللوائح المنظمة، وتفاعلاً مع ما كتبته الدكتورة القديرة سعاد السبع عن واجبات وأداء بعض هيئات التدريس في الجامعات الحكومية يمكن ملاحظة ما يلي:
أن عدد الساعات الفعلية التي يؤديها بعض المدرسين الجامعيين لا تساوي الأجر الذي يتقاضونه.
أن الطلاب يعانون تدني مستوى الجهد الذي يبذله بعض المدرسين في قاعات الدروس.
أن معظم أساتذة الجامعات لا ينشطون بحثياً، ويحصلون على ترقيات علمية دون معايير ودون جهد بحثي وعلمي يجدد وينشط معلوماتهم؛ وهي ترقيات غير مستحقة علمياً، وقانونياً، وإدارياً وأخلاقياً.
أن معظم الأساتذة الجامعيين مشغولون عن أداء واجباتهم في الجامعات الحكومية بالعمل في الجامعات الخاصة، وهذا يتنافى مع أولويات الواجبات الوظيفية، ومجحف في حقوق الطلاب الذين من حقهم أن يتلقوا تعليماً جيداً.
أن معظمهم منشغل بالعمل لحساب منظمات ومراكز أبحاث وهذا من حقهم ولكن ليس على حساب واجباتهم التدريسية في الجامعة.
أن بعضاً منهم يحولون محاضراتهم التي يفترض أن تكون علمية إلى منتديات سياسية وحزبية تحرض النشء على الانفصال عن واقعهم، وتضعف من ارتباطهم وولائهم لوطنهم، وتنشر ثقافة اليأس والكراهية الحزبية والمناطقية والفئوية والتحريض على الدولة والنظام العام.
ليس هناك مستوى من الجهد الوطني الكافي المناط بشريحة رائدة ومهمة كهذه، وخاصة فيما يتعلق بقيم الولاء والانتماء الوطني والمبادرة الوطنية والاجتماعية، ولا يساعدون الأجيال على أن يصبحوا مواطنين صالحين ومنتجين في المجتمع يقاومون القيم السلبية في المجتمع.
أصبح من الشائع أن تظل دفاتر إجابات الطلبة شهوراً في بيوت المدرسين خارج المدد الزمنية المحددة، ويحرمون الطالب من حقه في الحصول على النتائج الدراسية في مواعيدها، ويعرقلون الجهد والتنظيم الإداري الضابط لتلك الإجراءات.
هناك استغلال للحرية الأكاديمية والعلمية والحقوق الأدبية والإدارية التي يتمتع بها عضو هيئة التدريس واستخدامها في قمع الطلاب والتعسف في حقهم سواء في حرية تعبيرهم، أم في حق الشكوى والاعتراض والتظلم، أو في التعبير العلمي والفكري والثقافي والسياسي.
هناك جمود علمي واضح على مستوى البرامج الدراسية وضعف الاتجاهات التحديثية الإيجابية في أداء المؤسسات الجامعية وأداء الطلاب.
أصبح الأستاذ الجامعي جزءاً من ثقافة القات؛ ويتسم بالكسل المعرفي والثقافي والضعف في التجديد المستمر للمعلومات ومتابعة الجديد والاكتشافات العملية في مجالات اختصاصهم، وضعف متابعة التراكم المعرفي والاتصال الأكاديمي بنظرائهم في الجامعات والدول الأخرى.
بعض المدرسين ذوي الأيديولوجيات المتعصبة والمتطرفة يحولون مقاعدهم التدريسية إلى حلقات لبث ثقافة التطرف والتكفير وممارسة القمع والإرهاب الفكري، ومحاربة ثقافة التسامح والمحبة والفكر المستنير، وأصبحت بعض الأقسام الدراسية أوكاراً لنشر التخلف والظلام بدلاً من العلم والاستنارة.
المقام لا يتسع هنا لمجمل المآخذ التي يرصدها المجتمع ويحاسب عضو هيئة التدريس الجامعي الحكومي عليها، وكنت أتمنى في كل مرة أن تتضمن مطالب نقاباتهم قضايا عامة تهم الشعب باعتبارهم مرجعية وطنية علمية وأخلاقية، وباعتبار الجامعات مؤسسات مرجعية في النهوض التنموي الشامل ومؤشراً ودليلاً وطنياً لكل المؤسسات السياسية والإدارية في البلاد.
إن دور نقابات هيئات التدريس ضعيف إزاء المطالب العامة ذات العلاقة بالوضع الثقافي والتعليمي والعلمي والمؤسسي في البلاد، وضعيف في تقديم استشارات تستحق التقدير إلى متخذي القرارات السياسية والاقتصادية والإدارية والثقافية، وضعيف صوتها في قضايا ذات حساسية وطنية عالية ترتبط بحماية الوحدة الوطنية وحماية الديمقراطية والإسهام الفكري في بناء الدولة اليمنية الحديثة، وفي حماية الوطن من المخاطر التي تهدد أمنه واستقراره.
إننا أمام مطالب لا تختلف عن مطالب الطبقة العمالية البسيطة التي تحصر همها في الأجر والقضايا الفردية واليومية، ولسنا أمام أجندة ترتقي إلى مستوى أعضاء هيئات تدريس جامعي لديها رؤية وطنية ناضجة تشكل مرجعية لكل الأطراف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمع.
إنهم يستظهرون مطالبهم الشخصية والمادية الصماء مثلما يرغمون تلاميذهم على استظهار وحفظ ملازمهم عن ظهر قلب خارج العملية الإبداعية والتفاعلية مع المجتمع ومع الفكر ومع المستجدات العلمية.
بقي أن أنصح الطلاب بدلاً من التضامن الحزبي مع نقابات أعضاء هيئات التدريس، في إطار التعاطف الحزبي، إلى الالتفات إلى حقوق الطالب أولاًً التي يتسبب المدرسون في انتقاصها وفي مقدمتها:
حقهم في الحصول على تعليم جيد.
وحقهم في الانضباط الوظيفي للمدرس الجامعي.
وحقهم في الوقت المخصص للتعليم.
وحقهم في التجديد العلمي.
وحقهم في إطلاق إبداعاتهم ومواهبهم.
كما أدعو إدارات الجامعات وعمادات الكليات أن يستطلعوا آراء الطلبة حول أداء أساتذتهم الذين يتحملون جانباً كبيراً من مسؤوليتهم عن تدني التعليم الجامعي وسمعة المؤسسات الجامعية.
وننتظر إسهام نقابات أعضاء هيئة التدريس في مكافحة ظاهرة الفساد التي تبدأ بإهدار وقت وحقوق الطلبة، وتنتهي بإهدار وقت وحقوق الوطن، ونهيب بهم النهوض بإدارة جامعية راشدة وشفافة وديمقراطية ومنضبطة تشكل قدوة لباقي مؤسسات المجتمع وتضرب مثلاً متقدماً للسلوك الموضوعي خارج الرغبات والأهواء الذاتية والحزبية والتحريضية.
وكم كنت أتمنى أن أقف إلى صف نقابات هيئات التدريس في الجامعات لو أنها تحلت بسلوك مسؤول يبدأ بالذات وينتهي بالوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.