ما الجديد الذي سيبرز حال الحديث عن المقصف المدرسي! سوى صورته الحاضرة في أذهان الطلاب اليوم من واقعهم الحالي، على أنه نافذة للحصول على بعض الأغذية الخفيفة بمقابل مادي فقط، تنتهي بابتسامة النصر لحظة الخلاص من الزحام والتدافع بعد أخذ الغذاء المتوفر. إلاّ أن الجديد -القديم- هو الحديث عن صورة باقية في ذهني، اختفت واقعًا رغم ما تمثله من لحظات شراكة ثمينة بيني وبين مقصف مدرستنا، تلك اللحظة التي عشت تفاصيلها وخضت غمارها يوم أن سمعت بفكرة الاشتراك في المقصف المدرسي، الفكرة بحد ذاتها كانت جديدة وغريبة، وذلك عندما حضر أحد المدرسين إلى فصلنا شارحًا الفكرة وعارضًا على الطلاب الراغبين بالاشتراك في المقصف إحضار مبلغ بسيط في اليوم التالي لا يتعدّى العشرة ريالات للسهم الواحد، وبحد أقصى خمسة أسهم، زاد من حماسنا للفكرة كونها «دون مخاطرة مالية» تذكر، ووفق إمكانياتنا، ومشاركة الطلاب أيضًا في الحفاظ على استثمارهم بوجودهم كبائعين في أيام محددة، ليجنوا -كما جنيت من مساهمتي بعشرين ريالاً- في نهاية العام ثمرة استثمارهم في هذا المشروع الصغير بنسبة ربح 200%، وهو ما جعل أحد أصدقائي ممّن رفض الفكرة ابتداء -بعد أن علم بمقدار ما حققته من ربح- أن يقرر جمع مبلغ من مصروفه اليومي خلال الإجازة الصيفية (يربت): باللهجة الدارجة في محيط أسرته، وكانت نتيجة ادّخاره كبيرة مقارنة بصغر عمره، فكان من أوائل المشتركين بالمقصف في العام التالي، وبالحد الأعلى من الأسهم. فكرة كهذه أبدعت في تكوين ما يُسمّى بالادّخار من أجل الاستثمار وفق أساسيات محفزة، فهي بلا مخاطرة تذكر وبتكلفة منخفضة، وبنسبة أرباح مضاعفة وهي أيضًا ما قد نعتبرها شاهد الفكرة وجوهرها في دعوة البنوك والجهات المهتمة في المملكة بموضوع الادّخار فقط، أو بالادخار مع الاستثمار معًا إلى تبسيط آلياتهم وإشراك محدودي الدخل في الفرص الحقيقية، وبما يتوافق وتعاليم الدين الإسلامي، وإبعاده من مخاطر أنصاف الفرص التي لا يحتملها، عندها سيصبح الإقبال منقطع النظير وبطمأنينة في الضمير. منصور بن خالد النهدي