الصحة العالمية تعلن ارتفاع حالات الوفاة والإصابة بحمى الضنك في محافظتي عدن ولحج    إيران تستهدف العقل العلمي للاحتلال    أكدت أن العدوان على إيران غير مبرر وغير مشروع.. إدانات عربية وإسلامية ودولية واسعة للعدوان الصهيوني على إيران    حرس الثورة يعلن استشهاد رئيس استخباراته واثنين من معاونيه    إيران: كافة أجزاء الأراضي المحتلة ستصبح "غير صالحة للسكن"    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    وزير الكهرباء يتفقد العمل في منطقة كهرباء تعز    تعيين غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    الرزامي: أكبر صرح طبي في اليمن ينهار    الاطلاع على سير العمل في الوحدات التنفيذية التابعة لمصلحة الضرائب    الحلف والسلطة يخنقون الحضارم بقطع الكهرباء    شعب حضرموت يفسخ عقد الزريقي    بدء حملة كلورة للمياه في ذمار    مدير هيئة المواصفات يتفقد الإنضباط الوظيفي بالهيئة    تعز: ضبط متهمين بارتكاب جريمة قتل امرأتين في مديرية التعزية    يوفنتوس يجهز عرضًا ضخمًا لجيوكيرس    معهد وايزمان تدميره أفقد إسرائيل مكاسب كثيرة    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    رئيس الوزراء يوجه بسرعة إطلاق العلاوات للجامعات والتربية والتعليم والصحة    احتجاج قبلي يشل حركة النقل في صافر.. بسبب سجين!    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم    قوات الجيش تعلن إفشال محاولة تسلل شمال الجوف وتكبّد المليشيا خسائر كبيرة    محافظ ابين يوجه بمعاينة طريق ثرة والرايات البيضاء تواصل حوارتها لفتح الطريق    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025    قصة مؤلمة لوفاة 4 من أسرة واحدة غرقا في بئر ماء في بني عمر في يريم    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    وزير خارجية إيران يعلن موعد وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    الضالع.. رجل يفجّر قنبلة داخل منزله ويصيب نفسه وثلاثاً من أسرته    إيران تعلن تدمير 44 طائرة إسرائيلية مسيرة خلال ال48 ساعة الماضية    نافذون حوثيون يسطون على أراضي تابعة للأوقاف في بعدان إب    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    سخرية من المعتوه عيدروس الزبيدي    كسر وجراحة.. إمام عاشور خارج المونديال    العرب ومآلات الحرب الإيرانية الإسرائيلية:    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    كاتس يقول ان طهران تحترق ومسؤول ايراني يؤكد ان بلاده اعدت نفسها لحرب طويلة    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    تريم تحتفي بزفاف 134 عريسًا وعروساً ضمن مهرجان التيسير السابع عشر    فعالية احتفالية بذكرى يوم الولاية في حوث بمحافظة عمران    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    اتهامات للعليمي بشراء الولاءات الإعلامية بالتزامن مع تأخر صرف رواتب الموظفين    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    - اليك السلاح الفتاك لتقي نفسك وتنتصر على البعوض(( النامس))اليمني المنتشر حاليآ    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    اليابان.. اكتشاف أحفورة بتيروصور عملاق يقدر عمرها ب90 مليون عام    تصاعد مخيف لحالات الوفاة بحمى الضنك في عدن ومحافظات الجنوب    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توفيق .. سلطان الطرب اللحجي
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 06 - 2013


عدن حرة / مدونة جمال السيد :
الخميس 2013-09-19 22:27:16
وهذا مطرب لحجي كبير آخر وجبَ علينا تكريمه.
أعنّا يا كريم ، فهذا عبدك عبدالكريم.
عبدالكريم توفيق صوتٌ شجيّ مُطرِب ، فيه مَدٌّ وامتدادٌ وسحر، ينثال حِلّ الغناء كشلالات جحاف ، وفيه تكسرّات موج صيره والغدير. صوت بعيد الغور اتساعاً وارتفاعاً، وفيه حنانٌ تَمُوجُ فيه الجراح آهاتٍ وآهات ...
عبدالكريم سلطانُ طرب ، في اسمه شيءٌ من تسلطنٍ وعبدَلَة ، تسابق على صوته كبار ملحني الأغنية في لحج ..
في الحاضنة العبدلية شقَّ كريم بصَرَه على النور عام 1946م ، وطلع فَرْخَ حَسُّون ؛ غرِّيداً من (لِحْسَان)؛ وادي الشعر والطرب. حلَّ كريم في (الحسيني) فاختفى غصناً في الأغصان، وذاب مقاماً في تخت النغم اللحجي المؤصَّل. ودخل (المَرْخ) مدينة عدن فاستحال حيّاً بحرياً من بني صيره. جمع إلى نوره لظىً من (كريتر)، وتلاقى في فتحة فمه شجى العذب وشفق المالح.. تشرّب من (المحسنية) مبادئ المعرفة وأصول الغناء، وأخذ من (المدراسي) معاني الترتيب والتأنّق، والوفاء.
كريم نبتةٌ من (تُبَن)، وادي المعرفة الأول، تعهدها صلاح ناصر كرد، وشذبها فضل محمد اللحجي ومحمد سعد الصنعاني. هو صوت (الندوة اللحجية)، منها صدح بأولى أغانيه: "يعذبني الحبيب دايم" ؛ الأغنية التي أجلَت مَلَكة (سالم النوبي) شاعراً وملحناَ.
أداء عبدالكريم متميز، لا يشبهه أحد، يصحُّ فيه قول الأعراب "هو نسيج وحده". ولا أحسبني مغالياً إن قلت أنه هو الذي يبرز مستوى الملحن ويحددّه، بل وهو الذي يمنحه البراءة. من أراد اختبار مقدرته على التلحين، فعليه بصوت عبدالكريم.
من على حنجرة (المَرْخ) أطلّت شخصية عبدالخالق مفتاح في رائعته "بالعيون السود" شاعراً يدرك سرَّ القصيد، ويتقن فنَّ توظيف الروي في خدمة القافية، وألفيتَ "بنت الصنعاني" تسير في الجمال كأنها ليلة مقمرة خَلَت من الغيوم والهموم، تناهى إليها حُسنُ الطبع والمعْشَر، واجتمع الوقار والجمال. وفي " منك كيف توب" لقيت (مفتاح) شاعراً حلو المعاني، رفيقاً بالغواني، ولاقتك الكُرديّة نغمة آتية من فضاء بعيد.
من على صبابة (كريم) أعلنت الندوة اللحجية فرمان الهوى العبدلي حيث لا تجُوز القطيعة و"عَرْقَبَة" المُحِب:
بالوعد المُعَلَّق / عذبني الهَلي / قلبي كم تحرّق / ليلي يصطلي
ما يرضى بهذا شرع العبدلي
في "لوعتي" رأيت صاحبة (باجهل) "مُشبِعةَ الخلخال جائعةَ الوشاح" كصاحبة عمر، تتثنىّ دلالاً ، وتتسكّب أنوثةً واختيالاً بانسكاب وتموجات صوت المغنّي، يفوح من بُردها عطرٌ وزعفرانٌ وعنبرٌ أصليّ كالذي ضمّختنا به (سلوى) في عُرس والدها.
وفي "محلا خصامه حبيبي" لمست مقدار ذاك الدلع والفنَق الذي كانت عليه مُخاصِمة (عيسى)، تموجُ في تساوقالنغم وتهدُّله، هيفاء لفّاء تلقي من جفونها سهاماً لا تُرَدّ:
ما ردْ بيدّه السلام / برمش عينه سلامه
وزاد فيها ابتسام / والقلب فَلَّتْ زمامه
ولقيتُ (سعودي) حطاماً من نغم ، أدمته السهام. وعجبت كيف دخلَ هذا الملحن النحيل محراب الشاعر فاستحال إلى مُرنِّمٍ بدّاع آخر حتى كدتُ لا أفرّق بينهما. ثم التحق بهما عبدالكريم واتحد ، فخشيتُ على (جماعتنا) من الحسد. هذان اللحنان هما عنوان للطرب اللحجي المتقدم "Advanced Singing"، الطرب الحي الذي تميّز به غناء توفيق إذ هو يقدم دليلاً ساطعاً على حركية في الذهن، ونموّ في الذوق، وانفتاح وتطور.
وفي (يواعدني) ألفيت موسيقار لحج فضل محمد اللحجي عبقرياً آلف الغزل بالأزل .. ووجدت (نصيب) يتمشّى في ظلال حنجرة (توفيق) ، شاعراً فذاً ذا أسلوب بسيط لكنه حلو:
يواعدني وينساني / ولو مرّه غلط جاني
وبكره عذر له ثانِ * ونا صابر، واشجاني * تقول لي: لا متى بكره؟!
وأحسست بمقدار معاناته رحم الله نصيب، وكلّ نصيب، وشكراً (لفانوسه) التي فجّرت فيه ينبوعاً من الشعر الصافي.
وما رأيت نصيب مسفوحاً، ولا رأيت توفيق مشنوقاً إلا في (تباني ابكي) التي رمى بها الملحن ليلاً في فم المغني فإذا عبدالكريم (كدجّانة الضّجِر) صاحب الضالع.
في أغاني عبدالكريم جميعها هنالك مساحاتٍ زمنيةٌ ودورٌ لكلّ آلة، للعود صولةٌ: تمشي أوتاره على مضمار الزمن مشيةَ صاحبة الأعشى "لا رَيثٌ ولا عجِلُ"، وللكمان صولةٌ: يسيلُ منه النغم لذيذاً سيلان (الحَل والعسل) من المشبّك الوهطي؛ وللناي صولةٌ تُذكّر بسرّ الخلود الجبراني.
غناء عبدالكريم كورالي رفيع، فيه إطراب، وسلطنة، وتعملق على غرار سيد مكاوي، لو أنه خلا من ياليل يا عين .. ومن مآخذنا عليه استعجاله، وغمطه الكورسَ حقَّه.
ويُحسِن عبدالكريم، غالباً، اختيار النصوص، وقد أحسن إذ جمع أحلى أغانيه طعماً وأحسنها هيئة في شريطين. إنه عمل رائع مشرّف ينبغي تسجيله على (سيدي) وتوزيعه. سعدت كثيراً بالاستماع لهما، و"ركبني" العرق اللحجي فأهديت منهما نسخة لصديق أحبه. هل لنا بمن يوصل نسخة من هذا العمل إلى سوق بيروت؟ بمثل هذا تستطيع اليمن أن تنافس في مهرجانات الأغنية العربية الرئيسية.
عناصر عبدالكريم مبثوثة في أربعين أغنية أو تزيد ينبغي تدوينها موسيقياً ونشرها في كتاب، وإذا شاء الوزير الرويشان لنفسه مجداً أدبياً فدونه عمل هذا العملاق .
إني أسمع أودية اليمن تصفّق طرباً لغناء هذا اللحجي الأنيق ، وتُرَجِّع الأعبار صدى قبلة الابتهاج ، وأرى بنات الشعر اللحجيات ، على (المَيحة) و(المركّح)، يُحيينَ عرس عبدالكريم ، سلطان الطرب اللحجي.
لقد عوّض الله بني حام عن خَضَارهم (سوادهم)، فزادهم في الحبّ وفي الصوت هنيئاً لأخوتنا ما أُعطوه ، ولتهنأ بهم لحج ذِكْراً وفكْرا .
اغنية محلا خصامه حبيبي
1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.