م. طلال القشقري تعمّدْتُ الإقامة في فندقٍ يطلّ مباشرةً على ميدان تقسيم الشهير في مدينة اسطنبول التركية، والجلوس على مقاعده المنثورة حول نصب الجمهورية التذكاري الذي أنشئ عام 1928 م، والمشي في الشوارع المحيطة به والمكتظة بالمحلات التجارية والمقاهي، مثل شارع الاستقلال الذي يشرح صدور السُيّاح، لولا بعض أزقته الجانبية التي تعتبر وكراً للنصّابين، خصوصاً من بعض الجنسيات العربية!. تعمّدْتُ ذلك لأعرف على الطبيعة شعور الأتراك حول هذا الميدان، ممّن واجهوا حكومة بلادهم ، وعلى رأسها بالطبع الحصان الأصيل رجب طيب أردوغان، وحالوا بينها وبين إزالة جزء بسيط من الميدان العتيق!. ورغم بساطة الميدان، وأنه بما فيه، وبلغة البناء لا يساوي الكثير، إلاّ أنّ الأتراك على مختلف أطيافهم، من أكاديميي الجامعات إلى بائعي الكستناء الأميين في الشوارع، يرون فيه رمزاً من رموز دولتهم العريقة التي لا ينبغي المساس بها - كما يقولون - ولو على يد الرجل الذي صعد بتركيا من قاع الانهيار الاقتصادي إلى أن تكون القوة الاقتصادية السابعة عشرة في العالم، والعضو البارز في قمّة العشرين، حتى وإن كان هدف الإزالة هو إنشاء أبراج تجارية حديثة، فالرموز الوطنية لدى الأتراك هي خط أحمر.. تقسيم الآن، ميداناً، وما حوله فيهما منشآت سياحية راقية، وقد رسّخت نفسها قبلةً للسيُاح من مختلف أنحاء العالم، وتكاد تتفوّق على أشهر المناطق السياحية في أوروبا، مثل الشانزيليزيه الفرنسية والدومو الإيطالية وأكسفورد البريطانية، مُلقّنةً درساً مجانياً للجميع أنّ إخلاص الشعوب في العمل، وتفانيهم في حب الرموز الوطنية، وحكمة الحكومات في التعامل مع المشكلات، هي المفتاح لتطوير الدول!. من اسطنبول الباردة أقول لكم بأسنان مُصطكّة: إلى لقاء!. @T_algashgari [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (47) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain المزيد من الصور :