م. طلال القشقري وأنا في قصر الباب العالي (توب كابي) في إسطنبول، حيث كان مركز حكم الدولة العثمانية، خطر أمران على بالي: الأول هو أنني رأيت في القصر كثيرًا من السُيّاح الأوروبيين والآسيويين، مقابل القليل جدًّا من السُيّاح السعوديين، أمّا في مراكز التسوق والمقاهي والمطاعم فرأيت العكس تمامًا. هذا يؤكد أننا لا نميل لسياحة الآثار، وأنّ معظمنا يختزل السفر في سياحة الترفيه، دون سياحة الثقافة والمعرفة التي توفرها سياحة الآثار، فضلًا عن العظة من قصص التاريخ والاعتبار! بالنسبة لتركيا، أعتقد أنها رائدة، لا في الاحتفاظ بالآثار فقط، بل كذلك في عرضها بأفضل الطرق وأكثرها درًّا للدخل، حتى أنها ابتكرت تطبيقات صوتية تُبرمج على جوّالات السُيّاح بلغات عديدة تشرح لهم قصص الآثار دون الحاجة لأدلاّء سياحيين، وقد هالني هناك سائح ياباني، وهو يناقشني عن الآثار الإسلامية المعروضة في القصر ممّا يُفترض عليّ كمسلم أن أعرفه أكثر منه لا أقلّ!. فمتى ندرك أنّ سياحة الآثار لم تعد نزهة قصيرة في صفحات التاريخ فقط؟ بل أيضًا صناعة، وتجارة، واقتصاد، وثروة لا تنضب، تزداد قيمة كلّما قدُمت، وتاريخ لا يُمْحى، وانتماء للأرض، ووطنية، ولقمة عيش شريفة تكفي الملايين!. أنا أقدَر جهود هيئة السياحة في تطوير سياحة الآثار، لكن ما رأيته في تركيا من العناية الفائقة بها يُشعرني بتواضعنا، ويجعلني أطالب بالمزيد لتطويرها، فالقوم، في تركيا وفي غيرها، قد قطعوا أشواطًا طويلة متقدّمين عنّا!. أمّا الأمر الثاني فهو الأهم، وهو مقتنيات الحجرات النبوية الشريفة، مثل عمامة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ورايته، وسيفه، ومكحلته، وخاتمه، ونعله، ورباعيته، إضافة لصندوق السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وقميصها، وبعض سيوف الصحابة رضي الله عنهم، وغيرها من المقتنيات الغالية على قلوبنا، ممّا نُقِلَت من المدينةالمنورة إلى قصر الباب العالي في آخر قطار عثماني عام 1335ه، إبان الحرب العالمية الأولى، وأُطْلِق عليها أمانات مُباركة.. ألم يحن الوقت لهيئة السياحة أن تُعيد هذه الأمانات للمدينة المنورة، حيث كانت محفوظة لعشرات القرون؟ فاستعادة الآثار تقليد دولي يحصل بين كثيرٍ من الدول، ونحن أولى الناس بالاحتفاظ بهذه المقتنيات، بحكم وجود الحرمين الشريفين في بلادنا، وعرضها في متحف خاص بجوار المسجد النبوي الشريف، وهي آثار تحنّ لأصلها العظيم، المدينةالمنورة، عاصمة الإسلام الأولى، على صاحبها أفضل الصلاة وأتمّ التسليم!. @T_algashgari [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (47) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain المزيد من الصور :