عدن حرة / متابعات خاصة : الاثنين 2013-10-07 02:49:19 تعيد ( عدن حرة ) نشر تقرير خاص نشرته صحيفة خليجية اثناء استمرار الحرب الذي شنها اليمن الشمالي على الجنوب لإحتلاله في العام 1994م ، والتقرير يسلط الضوء على دور حزب الاصلاح اليمني المتشدد في احتلال الجنوب ولعبه دور "الطابور الخامس" في عدن انذاك لتسهيل المهمة امام القوات الشمالية الغازية لإحتلال واجتياح الجنوب . ونشرت صحيفة الوسط الخليجية في عددها "125′′ الصادر في تاريخ 26 يونيو 1994 تقريراً بعنوان " طابور خامس يهدد عدن والفيدرالية بديل من الاندماج" وجاء فيه : في مقابل المساعي الديبلوماسية العلنية لحل الأزمة اليمنية ، مع بدء مهمة الموفد الدولي الأخضر الابراهيمي ، تتبلور محاولة لتأسيس الدولة اليمنية من جديد ، عن طريق اعادة النظر بالوحدة. ومن بين الحلول المطروحة مشروع باعتماد الفيديرالية أو الكونفيديرالية . وهو حصيلة ماجمعه مواسلو "الوسط" من معلومات في عدنوصنعاء وباريس ولندن. كان "نائب الرئيس" اليمنيالجنوبي السيد عبدالرحمن علي الجفري يتقدم موكب مشيعي جنازة يحيى عبدالقوي عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني واثنين من مرافقيه بعد مصرعهم في منطقة بيرفضل الواقعة في ضواحي عدن في مواجهة بين القوات الجنوبية والقوات الشمالية التي كانت تحاول التقدم نحو مدينة الشعب، عندما سمع دوي اطلاق نار أجبر المشيعين على وضع النعوش على الأرض قرب مدخل مقبرة كريرت والاحتماء في الأزقة وزوايا البيوت المجاورة. ومع ان المرافقين حرصوا على أخذ السيد الجفري الى مدخل الجبانة لحمايته، كان مشاركون في الجنازة وبعضهم من المسلحين اخذوا مواقع قتالية وبدأوا يراقبون شرفات المنازل المطلة على الشارع للتأكد من ان جماعة "الاصلاح" أو "الجهاد" لن تهاجم الموكب، ومع ان الالتباس انجلى بسرعة عندما تبين ان مطلق النار هو صديق لأحد الضحايا، إلا ان التوتر كانت له أسبابه، فقد سرت اشاعات بأن القذائف الأربع التي سقطت في كريتر في اليوم الذي سبق التشييع لم يكن مصدرها مربض مدفعية القوات الشمالية في خارج بلدة صبر على بعد 22 كلم من عدن، بل من داخل كريتر نفسها، واستهدفت منزل الرئيس علي سالم البيض المطل على المنطقة. ومع انه لم يسقط ضحايا، فإن حديث سكان عدن، سواء كانوا مدنيين أو سياسيين وحتى عسكريين، هو عن العدد الكبير لأنصار "الاصلاح" و"الجهاد" في عدن وضواحيها. وللتدليل على حجم هذا التواجد يروي سكان حي كريتر حادثة جرت في مسجد عيدروس خلال صلاة ظهر يوم الجمعة قبل الماضي، فأثناء إلقاء خطبة الجمعة، حمل الخطيب على الرئيس علي عبدالله صالح، ولم يكد ينتهي حتى هب أحد المصلين مستغرباً الهجوم على صالح. ما دفع "نائب الرئيس" الجنوبي عبدالرحمن الجفري الذي كان بين المصلين الى التدخل والثناء على خطيب المسجد. وفي اليوم التالي لحادثتي الخميس والجمعة في كريتر، نشط أنصار "القوات الشمالية" داخل عدن واستهدفت قذائف هاون احياء المعلا والقلوعة، ومع ان ا ضرار "القصف الداخلي" اقتصرت على الخسائر المادية وبعض الاصابات الطفيفة، إلا ان القلق الذي بدا على وجوه سكان الاحياء الشعبية كان كبيراً. وزاد منه انقطاع الكهرباء والماء بسبب الاعطال التي اصابت محطتي المياه والطاقة واحتياطي الوقود في مصافي عدن. وأمام مقر الحزب الاشتراكي في المعلا، كانت عناصر من الحزب تقف متأهبة، وقد أخذ بعضهم ينظر الى الجبال المواجهة، لا سيما بعد ورود اشاعات عن انتشار لأنصار "الاصلاح" و"الجهاد" في الجبال داخل المدينة المحاصرة منذ اسابيع. وأكد مسؤول عسكري جنوبي لپ"الوسط" حجم الاخطار الكبيرة بسبب وجود "طابور خامس" داخل عدن، فقال ان من شأن ذلك "ان يؤثر على صمودها، خصوصاً في وقت تعاني فيه حتى المستشفيات من نقص المواد الطبية والمياه". واعترف سياسي عدني آخر بأن الرئيس صالح يراهن كثيراً على أنصاره داخل عدن، لا سيما ان تسليحهم جيد، وقال "عندما يعلن علي عبدالله صالح انه لا ينوي دخول العاصمة عدن، فإن ذلك ناجم عن معرفته بأن هذا الدخول سيكون مكلفاً جداً، وان أسهل الحلول هو زيادة الضغط على سكان العاصمة المحاصرين عبر قصف الاحياء السكنية والتحكم بالمياه والكهرباء الى ان تتولد حالة شعبية تنادي بوقف الحرب وبأي ثمن". ويضرب السياسي مثلاً على نشاط "الاصلاحيين" فيقول ان ما حصل في الشيخ عثمان، على بعد أقل من 12 كلم من جنوب بلدة صبر في محافظة لحج أمر "في غاية الخطورة"، اذ ان تقديرات "الاصلاحيين" الخاطئة واعتقادهم بأن الدبابات الشمالية التي استولى عليها الجنوبيون واتجهوا بها الى عدن، كانت وراء انتشارهم على سطوح المنازل في الحي ومبادرتهم الى اطلاق نيران الأسلحة الرشاشة باتجاه بعض نقاط القوات الجنوبية والمراكز الحزبية الامر الذي أدى الى اعتقالهم ومقتل وجرح عدد كبير منهم. وتلت عملية الشيخ عثمان حملة اعتقالات واسعة شملت المشكوك بتعاطفهم مع "الاصلاح" و"الجهاد" وطالت الملتحين. وفي الوقت نفسه كان قادة الاجهزة الأمنية في عدن يضعون الخطة تلو الخطة لمواجهة أي نشاط "تخريبي داخلي"، ففرضوا حظر التجول على احياء بكاملها خلال الليل لافساح المجال لعناصرهم لمداهمة المشكوك في ولائهم للحكم الجديد في عدن، وكانت احياء كريتر والتواهي أول الاحياء التي طالها فرض حظر التجول ليلة الاحد الماضي. وقال مسؤول أمني ل "الوسط" ان كميات كبيرة من الأسلحة صودرت واعتقل اشخاص للتحقيق معهم ويبرر القادة العسكريون الجنوبيون عمليات القصف التي يتعرض لها مطار عدن ومحيطه والميناء بأنها ناجمة عن تسلل راجمات صواريخ الى المنطقة الصحراوية خلف دار سعد. وتستفيد القوات الشمالية، منذ أول اعلان لقبولها وقف اطلاق النار عشية وصول موفد الأمين العام للامم المتحدة السيد الأخضر الابراهيمي الى صنعاء، من الصمت الجنوبي على التقدم الشمالي على بعض المحاور، واكتفاء اعلام عدن بالحديث عن سير المعارك من دون الاشارة الى النتائج التي أدت اليها المواجهات بين الطرفين. وبات العدنيون لا يبالون بما يجري على جبهات القتال بعد ان صار همهم تأمين لقمة العيش والبحث عن الماء والاصطفاف طوال ساعات للحصول عليه. ويقول ديبلوماسي جنوبي عمل في لبنان سنوات اثناء الحرب هناك، ان اتفاقات وقف اطلاق النار التي زادت عن الأربعة في أقل من اسبوع تذكره بما كان يجري في لبنان مع وصول موفدين عرب واجانب لحل الأزمة اللبنانية، واستغرق ذلك جهداً زاد عن 17 عاماً. ولا يتوقع الديبلوماسي حلاً سريعاً للأزمة بسبب صعوبة الأوضاع وتعقيداتها ولوصول العلاقات بين القيادتين الى حد "الشتيمة والطعن والتهكم". ويصف السياسة في بلاده بأنها كالماء، باعتبار ان الوقائع والتصورات لا يمكن ان تبنى على ضوء ما يجري من أحداث على الأرض. ويضرب مثلاً فيقول انه عقب حربي عام 1972 و1979 بين شطري اليمن، استضافت كل من طرابلس الغرب والكويت اجتماعات بين قادة البلدين كانت غالباً ما تنتهي بخطوات وحدوية بعد ان كان الدم والقتال وسيلة لحل الخلافات. ولا يعني وصول الأزمة اليمنية الى مأزقها الكبير انها ستبقى من دون حل، فهناك حلول تطبخ في "مراكز صنع القرار" وقد تطرح في الوقت المناسب. ويقول ديبلوماسي غربي ان الكونفيديرالية هي الحل الوحيد حالياً، لأنها ستساعد في الحفاظ على الوحدة الشعبية وليس الرسمية، ولا توجد صيغة عربية أو دولية أخرى ستطرح من خلال الشرعية العربية أو الدولية تحقق للجنوب والشمال غايتهما باستثنائها. وقبول "جمهورية اليمن الديموقراطية" الكونفيديرالية لا يلغي القانون الدولي وجودها كدولة سيكون لها مقعد في الجامعة العربية والأممالمتحدة، ومثل هذا الوضع ينطبق على "الجمهورية العربية اليمنية". كما أن مثل هذه الصيغة تلبي للشطر الشمالي مطلبه بالحفاظ على شكل من أشكال الوحدة، ومثل هذا الحل يخدم استقرار الأوضاع في اليمن والمنطقة العربية. عقوبات دولية ويقول خبير قانون دولي يمني جنوبي ان رفض صنعاء لحل عربي – دولي سيعرضها لاجراءات قانونية، كأن يطبق عليها مثلاً الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي يعطي مجلس الأمن الدولي حق اتخاذ الاجراءات المناسبة ضدها، بما فيه اجراءات الحصار الاقتصادي والحصار العسكري، لأن المادة 25 من ميثاق الأممالمتحدة تلزم جميع الدول الأعضاء في الأممالمتحدة بقرار مجلس الأمن، كما تلزم المادة 43 الدول الأعضاء بوضع امكاناتها الاقتصادية والعسكرية تحت تصرف مجلس الأمن. ويشير الخبير الى أن الاعتراف ب "جمهورية اليمن الديموقراطية" هو من صلاحيات مجلس الأمن الذي يحق له وفقاً للمادة الرابعة من ميثاق الأممالمتحدة أن يوصي الجمعية العامة بقبول عضوية جديدة، كما أن المادة الخامسة التي تجمد عضوية أي دولة لا تلتزم قرارات مجلس الأمن قد تنطبق على اليمن الشمالي، في حين تعيد المادة الرابعة الى "اليمن الديموقراطية" وضعها القانوني السابق كدولة مستقلة. ولا يخفي قادة في الحزب الاشتراكي حرصهم على التمسك بالوحدة، ويقولون إنهم يتمنون أن تتم "حسب قواعد وأسس جديدة وقناعة راسخة وبعد ان يتم بناء نظام جديد في الجنوب يترسخ فيه فهم جديد للمرحلة المقبلة ويتطور نظام ديموقراطي بدأ يتبلور من خلال المشاركة العامة للأحزاب المختلفة في السلطة". ومع أن شعارات الحزب الاشتراكي التي كانت ترفع قبل 22 أيار مايو 1990 في شأن الوحدة تم تجاوزها عندما تحققت الوحدة من دون تحقيق الشعار الذي كان يؤكد أهمية اسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح في الشمال، فإن الحزب، على حد قول أحد أقطابه ل "الوسط"، يكرر الخطأ مرة ثانية اليوم حين يؤكد أن نظام عدن يسعى لاقامة نموذج هنا يمكن تعميمه في مرحلة لاحقة في الشمال، وما دام هناك حرص على أن تتم الأمور بديموقراطية، يضيف القطب الجنوبي، فلا داعي لأن تنوب القوى في الجنوب عن القوى في الشمال في اداء هذه المهمة. ويبدو أن وقت الحساب حان في الجنوب بعد أن بدأت كوادر قيادية شابة تدقق في مسؤوليات بعض القياديين الذين ركبوا قطار الوحدة اليمنية من دون أن يكون لديهم برنامج ولا حتى خطط لبناء دولة الوحدة، أضف الى ذلك ان هذه القيادات وافقت على الوحدة من دون أن تتفق مع الشريك على برنامجها. معارضون اشتراكيون وتطالب كوادر اشتراكية بأن يفصل ممثلو الحزب في السلطة نشاطهم الرسمي عن نشاطهم الحزبي، ويتساءلون لماذا لا يزال دخول "النادي القيادي" حكراً على الوجوه التقليدية على رغم وجود عدد كبير من الكوادر المثقفة والمتعلمة. ومع ان الحديث عن الحساب والعقاب يتردد بشكل واسع في "المقايل" السياسية، يقول سياسي جنوبي "انه لا يمكن الحديث في الوقت الحاضر عن أي شيء غير "الصمود والانتصار"، ويضيف ان الحزب الاشتراكي يتميز عن غيره من الأحزاب بأنه "يتوحد عندما يداهمه الخطر"، كما أن أي محاسبة أخرى داخل الحزب تستند الى نوع من التسامح ولا تخلو من العرفان بالجميل لقيادات الحزب التقليدية بغض النظر عن أي تقصير. ويقول المعتدلون إن التزاوج بين القيادات الجديدة والقديمة أو بين القيادات المجربة والشابة لا بد أن يحصل، خصوصاً أن عدداً من الكوادر الشابة سقط دفاعاً عن الحزب وسياساته. ويعدد أحد كبار قادة الحزب الاشتراكي اسماء عدد من القياديين الذين قتلوا في خطوط الدفاع الأولى أثناء المواجهات مع القوات الشمالية، من بينهم أربعة أعضاء لجنة مركزية هم يحيى عبدالقوي وناجي محسن وقائد علي صلاح وحنش ثابت. ويشير آخر الى أن اسماء وجوه جديدة لمعت خلال حصار عدن أو على جبهة حضرموت – شبوة، ويقولون ان العميد صالح منصر السيلي محافظ عدن وصالح أحمد مقبل وصالح شائف وشخصيات عسكرية في معداتها العقيد أحمد سالم عبيد قائد محور لحج والعقيد محمد هيثم نائب رئيس الأركان والعقيد قاسم يحيى وزير دولة والعقيد محمد أحمد قائد جبهة الحرور، والعقيد علي قاسم طالب قائد سلاح البحرية والعقيد عبدالحافظ علي صالح قائد القوة الجوية والعقيد شليل قائد محور أبين والعقيد محمد قاسم عبدالقوي قائد اللواء الخامس، اضافة الى وزير النفط والمعادن صالح أبو بكر بن حسينون قائد محور حضرموت الذي سبق له أن شغل منصب رئيس هيئة الأركان العامة حتى مطلع الثمانينات وأحمد فريد بن محمد محافظ شبوة الذي يتولى قيادة محور الساحل، وكل هؤلاء سيكون لهم حضور على الساحة السياسية اذا نجحت ساحتها العسكرية في الصمود في وجه الضغط العسكري الشمالي. وينظر المراقبون العسكريون باهتمام شديد الى عودة الطيران الحربي الشمالي الى أجواء المعركة بعد أن ظل في الأسابيع الأربعة الأولى بعيداً عنها، ويقولون ان اختفاء الطيران الحربي الجنوبي المفاجئ من ساحات القتال في الاسبوعين الاخيرين سببه القصف المستمر الذي يتعرض له مطار عدن، سواء من سلاح الجو الشمالي أو من المدفعية والصواريخ المنصوبة على بعد حوالي 25 كلم منه. ومن تعوّد سماع اليمنيين واللهجة التي اعتادوا التحدث بها يلاحظ بروز "أنغام" جديدة، فمن قائل بأنه لا يريد ربط اسم بلده باليمن، الى آخر يرفض طرح قضية الوحدة كشعار جديد للحكومة، الى ثالث يطالب باسم "الجنوب العربي" بدلاً من "جمهورية اليمن الديموقراطية". ومع ذلك يبقى بين الجنوبيين من يقول بضرورة وجود رابط ولو كان بالاسم، وتتردد بقوة كلمة كونفيديرالية ومجلس تنسيق للدولتين، أو حكم محلي للمحافظات، على أن يكون لكل محافظة مجلس محلي وتشريعي ووزراء يقررون شؤونها الداخلية ويتمتعون بصلاحيات واسعة ربما على غرار المجالس البلدية في الغرب. 91