وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    إقالة رشاد العليمي وبن مبارك مطلب شعبي جنوبي    إستشهاد جندي جنوبي برصاص قناص إرهابي بأبين    عنجهية العليمي آن لها ان توقف    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من ذاكرة حرب احتلال الجنوب في العام 1994 : "عدن" حصار ونزوح وضحايا
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 12 - 2013

عدن / عدن حرة / متابعات خاصة :
الاحد 2013-10-13 03:48:37
المصدر: الوسط
الكاتب: زكي شهاب
تاريخ النشر(م): 13/6/1994
تاريخ النشر (ه): 4/1/1415
كان رجل اعمال عدني يتبادل الحديث مع اصدقاء له في فندق عدن في حي خورمكسر الراقي يوم الثلثاء الماضي بعد اقل من عشر ساعات على اعلان حكومة صنعاء التزامها قرار وقف اطلاق النار تلبية لقرار مجلس الامن الدولي، فيما هدير المدافع وانفجار القذائف المتساقطة في محيط الفندق والاحياء المجاورة يزيد الحاضرين حيرة من امر وقف النار الذي اعقبته معارك طاحنة كادت تنسي العدنيين سخونة المعارك التي سبقت وقف النار على مدى اكثر من شهر.
ولم يكد رجل الاعمال العدني يكمل حديثه بالترحّم على ايام الاحتلال البريطاني لبلاده و"لعن الساعة" التي تحققت فيها وحدة الشطرين، حتى كان رجل اعمال بريطاني متزوج من يمنية، وهو احد بريطانيين اثنين رفضا مغادرة عدن، يتطلع الى وجه الشاب بشيء من الدهشة والاستغراب.
بعض العرب والعدنيين الجالسين في المقهى الذين كانوا ينصتون الى رجل الاعمال العربي وهو يتحدث بشاعرية عن مدينته، توقفوا امام تشبيهه عدن بالفتاة اليانعة على كتف المحيط الهندي والتي اصبحت في سنوات الوحدة كعجوز شاخت قبل أوانها.
ويبرر الشاب العدني كلامه بالقول "ان اربع سنوات من الوحدة كانت كافية ليرى سكان الجنوب عمليات التفضيل في المواقع والمراكز، والهيمنة لطرف على آخر، حتى المرافق العامة في عدن من مطار وميناء وطرقات لم تكن بالشكل الذي يليق بالعاصمة الاقتصادية لدولة الوحدة.
وانشغل رواد المقهى بمتابعة نشرات الاخبار لمعرفة اين وصل الاخضر الابراهيمي موفد الامين العام للامم المتحدة. وقال احد الظرفاء "متى سيصل الاخضر للتوسط بين الاحمر والابيض".
خارج الفندق الذي أُخطر معظم نزلائه بمغادرته الى احياء اكثر هدوءاً وامناً، كانت الطرقات شبه مقفرة الا من السيارات العسكرية ومن المدنيين الذين خاطروا بالخروج من منازلهم للتبضع من متاجر كانت مفتوحة او لتعبئة المياه من الآبار المنتشرة في معظم الاحياء.
وفي احياء مثل المعلا وكريتر والتواهي وغيرها يتشابه منظر الصفوف الطويلة من المواطنين وهم يحملون الاوعية المختلفة والغالونات لتعبئتها من مياه الآبار التي أعيد فتحها بعدما كانت أغلقت منذ رحيل البريطانيين عن عدن.
احد المواطنين قال: "ان الرجال المسنين يتبارون في تذكّر اين كانت آبار المياه" في السابق، ولكن في اكثر من مرة جاءت المعلومات عن مكان وجود بئر مياه غير دقيقة الأمر الذي جعل منظر الحفر على جانبي الشوارع داخل الاحياء امراً مألوفاً.
ولا يخلو مسجد من مساجد عدن من بئر للمياه او خزان كبير يتدافع باتجاهه المواطنون بعد ان لحقت بشبكة المياه الرئيسية اضرار اثر قصف منشآتها في محلة بيرناصر التي تحولت الى جبهة قتال شهدت معارك ضارية وقصفاً مركّزاً بين القوات الشمالية والجنوبية في محافظة لحج.
احد المسؤولين في مؤسسة المياه في عدن قال "ان القوات الشمالية تحاول تحطيم معنويات المواطنين عبر محاولاتها تدمير مخزون العدنيين من الوقود والطاقة والمياه"، ويضرب مثلاً كيف كيف قصفت الطائرات الشمالية احد خزانات الوقود في مصفاة عدن، وكيف حاولت طائرة اخرى قصف خزان للمياه في القلوعة.
الطريق الى جبهات القتال في صبر وخرز وأبين سالكة، والنصيحة التي يتلقاها زائر هذه الجبهات: "احذر القصف الشديد والقنص".
العقيد محسن حسن حفيظ قائد القوات الجنوبية في جبهة صبر محافظة لحج قال ل "الوسط" ان الخطوط الامامية للفريقين باتت قريبة من بعضها البعض. واشار الضابط الذي تلقى تدريبه العسكري في المعاهد الحربية الروسية الى ان "صلابة المدافعين عن عدن وايمانهم بما يقومون به يلعبان دوراً بارزاً في افشال كل محاولات التقدم التي قامت بها القوات الشمالية في الايام الماضية بهدف احراز مكاسب عسكرية على الارض".
ويفتخر العقيد حفيظ بنوعية القتال الذي يخوضه جيشه على جبهات القتال والذي يصل الى حدّ القيام بأعمال "انتحارية"، ويقول: "ليس سراً ان اغلب المدافعين عن عدن هم من المتطوعين والميليشيا وانصار الحزب، لأن غالبية القطاعات العسكرية القوية للجيش الجنوبي كانت متواجدة في الاراضي الشمالية بموجب اتفاقية الوحدة، وتمّ شلّ حركتها بعد محاصرتها، ولذا فان فشل القوات الشمالية في التقدم باتجاه مشارف عدن يعتبر نصراً عسكرياً خصوصاً اذا كان ذلك يأخذ في الاعتبار حجم القوات البشرية التي زجّت بها حكومة صنعاء في القتال ومساحة اراضي بلادنا الشاسعة".
ولا تشبه الحرب بين اليمنيين الحروب التقليدية اذ لا يوجد على اي من الطرق المؤدية الى جبهات القتال موانع وسواتر تعيق تقدم القوات المهاجمة، ولا توجد خنادق وحفر اصطناعية الا في حالات نادرة، الامر الذي حاول تبريره بعض العسكريين بأنه يعود الى "عنصر المفاجأة والتخطيط المسبق لدى القوات الشمالية لخوض هذه المعركة، فيما الجانب الجنوبي كان يسعى جاهداً للعمل ضمن دولة الوحدة عبر الوسائل الديموقراطية من اجل احداث التغيير".
ويضيف العقيد حفيظ: "ان حامية عدن السابقة كانت تضم افضل الالوية اليمنية تسليحاً وتنظيماً وافراداً، لكن نقلها الى المحافظات الشمالية تمّ دون ان نحسب حساباً للخديعة التي كان يعدّ لها حكام الشمال".
رحيل فلسطيني آخر
في بلدة دار سعد وبيرناصر والوهط والحُبيد وغيرها من القرى تركت الحرب بصماتها في كل حي، قذائف، صواريخ، رصاص قنص، عائلات مشردة، ضحايا، جرحى، نزوح، يصاحب كل ذلك انقطاع للمياه وارتفاع غير طبيعي لحرارة الطقس.
في قرية اليرموك الفلسطينية وسط بلدة دار سعد التي لا تبعد اكثر من خمسة كيلومترات عن بلدة صبر التي احتلتها القوات الشمالية في الايام القليلة الماضية، لا يوجد ما يشير الى ان سكان القرية لا يزالون فيها. وسط ساحة القرية التي كان يقطنها حوالي 250 فلسطينياً جاؤوا اليها من لبنان بعد رحيل المقاومة الفلسطينية عن بيروت عام 1982، ترتفع خريطة كبيرة لفلسطين وأعلام فلسطينية وصورة للرئيس ياسر عرفات. في منزل مجاور للساحة، كان يجلس العقيد ابو العبد خطاب عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" ومسؤول ما تبقى من القوات الفلسطينية الموجودة في عدن والتي لم تلتحق بالشرطة الفلسطينية بعد.
قال الضابط الفلسطيني انه اضطر لإجلاء سكان القرية بعد ان بدأت القذائق تتساقط في محيطها، وأخذ رصاص القنص يخترقها. لكنه لاحظ انه حتى المناطق والاحياء التي انتقلت الاسر اليها في عدن غير آمنة، وهو يرفض مغادرة القرىة الى عدن، "لأنني زرعت كل شجرة فيها وأكلت من خيراتها ولا اريد ان اتركها في وقت الشدة" اضافة الى ان معسكر اليرموك الفلسطيني للتدريب لا يبعد مسافة كبيرة من هنا وقد اصابته قذائف عدة.
هاجس النفط
من صبر ودار سعد والشيخ عثمان الى البريقة او "عدن الصغرى" حيث آثار حريق مصفاة عدن لا تزال واضحة. معظم سكان البريقة وصلاح الدين اضطروا للنزوح، بعد ان تسببت الزيوت المحترقة في المصفاة بوفاة 7 اشخاص واكثر من مئة حالة اختناق نقل اصحابها الى مستشفى المصفاة لمعالجتها. محطة الطاقة الكهربائية على الطريق من الشيخ عثمان الى البريقة تعرض محيطها للقصف الشمالي في الساعات التي سبقت اعلان وقف اطلاق النار الاول. ومع ان المسؤولين في عدن بادروا الى طمأنة المواطنين بأن قصف المصفاة لن يترك اية انعكاسات كبيرة عليهم قال السيد احمد عبد راجح وكيل وزارة النفط والثروات المعدنية في عدن ل "الوسط" ان قصف المنشآت النفطية أثّر على اداء المصفاة، لا سيما ان هناك الكثير من المضخات والخزانات والانابيب التي تربط بين مستودعات التخزين ووحدات التقطير وهي بحاجة لاعادة بناء وتغيير. ومثل هذا الامر يحتاج الى جهد ومال ووقت".
واضاف راجح الذي كان يتحدث في مكتبه فيما كانت طوابير السيارات والشاحنات تنتظم في صفوف في محطة جبل شمسان القريبة منه للتزود بالوقود: "اننا لا نعرف حتى الآن حجم الاضرار، واذا لم يستطع رجال الاطفاء السيطرة على النيران، فقد تمتد الى مستودعات مجاورة لا سيما ان هناك مواد موجودة قابليتها للاشتعال السريع واردة".
وعن احتياط الوقود قال: "لا بأس وهو ليس بالضرورة داخل المصفاة على رغم ان الاحتياط الموجود داخل المصفاة تضرر".
واستبعد وكيل وزارة النفط ان يتم اللجوء الى التقنين الكهربائي في المرحلة الحالية، الا اذا قامت صنعاء بإرسال طائرة حربية لقصف المولدات الحرارية والكهربائية. واعرب عن امله في ان لا تكون المنشآت المدنية عرضة للهجمات العسكرية لا سيما ان منشآت مثل مصفاة عدن هي ملك للشعب اليمني، وموظفوها البالغ عددهم 2500 شخص يعيلون حوالي 5 آلاف اسرة.
وقال راجح ان عملية اجلاء للسكان تمت في منطقة البريقة نظراً الى وجود مواد كيماوية خطرة وسامة، ومن شأن انتشارها ان يضر بهم.
واكد وفاة 7 اشخاص بينهم رجال اطفاء وقال ان شركات النفط الاجنبية غادرت عدن الأمر الذي "سيؤثر على الوفاء بالتزاماتها ويؤخر نمو ثروتنا النفطية، بعد ان وصلت بعض اعمال الحفر واكتشاف حقول جديدة الى مرحلة متقدمة. ومن شأن وقف الاعمال في هذه المرحلة التسبّب بأضرار مادية للآبار وللشركات التي ستعود الى العمل من جديد على حساب الشعب اليمني".
ووصف راجح شركة "كنيديان اوكسي" الشركة النفطية الاجنبية التي تقوم بانتاج النفط في محافظة حضرموت بشكل مستمر. وقال ان معدل الكمية التي تستخرج يومياً من آبار حضرموت تصل الى ما معدله 140 ألف برميل في اليوم. لكنه قال انه لا يعرف شيئاً عن مصير شركة النمر التي تعمل في محافظة شبوة برأسمال عربي منذ دخول القوات الشمالية الى مناطق عملها. وذكر ان معدل انتاج الآبار في محافظة شبوة المحتلة لا يتجاوز 5 آلاف برميل في اليوم.
نزوح وضحايا
ومن مقر وزارة النفط الى حي كريتر حيث لجأ الى المدارس والابنية الحكومية غير المستعملة والمباني المشيّدة حديثاً والتي لم تكتمل بعد اكثر من عشرين ألف نازح قدموا من محافظات ومديريات جنوبية مختلفة بعد ان دمرت منازلهم او شردوا نتيجة للقتال العنيف بين الطرفين المتنازعين.
في مدرسة الشهيد مدرم في كريتر يعيش عدد من الأسر التي لجأت من الضالع وخورمكسر والمناطق المجاورة لمطار عدن والوهط والحوطه. قال صالح حسن قاسم وهو معيل اسرة مؤلفة من 14 شخصاً "لجأت من قرية الجربة في مديرة الضالع في اليوم الثامن للقتال بعد ان تساقطت القذائف في محيط منزلنا. لقد دمر جني العمر، ولكنني أحمد الله ان أحداً من اطفالي لم يصب بأذى.
وقال عبدالله بن عبدالله عمر، من سكان منطقة البريقة، "لجأت الى هذه المدرسة مع اسرتي المؤلفة من 12 شخصاً، وأسرة جاري الذي ذهب الى جبهة القتال، بعد ان كاد حريق مصفاة عدن قبل ايام ان يتسبب باختناقنا جميعاً. اننا ننام في هذه المدرسة على الارض، ولا يوجد من يهتم بنا او يوزع علينا بعض الحاجات الاساسية، اننا نتضوع من الجوع ولا نملك لا النقود ولا الاكل الكافي لإطعام اسرتين من 24 شخصاً".
السيدة آمنة عبدالله، ربة اسرة مؤلفة من 5 اطفال من سكان العرش المجاورة لمطار عدن، قالت ان القذائف التي استهدفت المطار والاحياء السكنية في خورمكسر وغيرها هي التي شردتها مع عائلتها، بعد ان رأت واطفالها "منازل بكاملها تأكلها النيران وضحايا ابرياء قضوا وهم في منازلهم".
في مستشفى الجمهورية التعليمي في خور مكسر حركة غير عادية. سيارات الاسعاف التي تقل الجرحى والمصابين من جبهات القتال والمناطق المعرضة للقصف لا تتوقف عن الحركة. الدكتور يوسف شهاب، رئيس قسم الجراحة في المستشفى قال لپ"الوسط" ان عدد الجرحى والمصابين الذين نقلوا الى المستشفى خلال أقل من 6 ساعات تجاوز الأربعين جريحاً، عشرون من بينهم كانوا بحاجة لعمليات جراحية دقيقة.
وأضاف الطبيب الفلسطيني الأصل الذي يعيش في عدن منذ اكثر من 20 عاماً ان محيط المستشفى تعرض للقصف المدفعي الشمالي طوال الليل الذي سبق اعلان صنعاء قبولها قرار وقف اطلاق النار.
وأشار الى ان قسم الجراحة الذي يشرف عليه اجرى اكثر من 650 عملية جراحية منذ بدء القتال وانه عاش احداثاً مأسوية، منها رؤية افراد اسرة من بلدة دار سعد وقد توفي نصفهم، فيما بقيت طفلتان مع والدهم.
في غرفة العمليات في المستشفى كان رجل في العقد السابع من العمر من بلدة الوهط الى حي خورمكسر، لكن سقوط قذيفة على مقربة منه في المساء الذي سبق وقف اطلاق النار لساعات قليلة ادى الى بتر يده اليسرى. وقربه جلس طفل في الحادية عشرة من العمر قالت والدته انه كان يلهو مع بعض الصبية في حي كريتر حين اصابته رصاصة طائشة استقرت في بطنه.
اقرباء اسرة من الوهط تجمعوا عند مدخل المستشفى لاستلام جثث اقاربهم الذين فروا من منزلهم الى جنوب قرية صبر لتستقبلهم قذيفة أصابت المنزل الذي اجتمعوا فيه وقتلت ثلاثة منهم.
الدكتور نبيل عبادة، نائب رئيس قسم الجراحة في المستشفى نفسه، قال ان هناك عدداً كافياً من الممرضين والاطباء لمعالجة كل الحالات، وباستثناء نقص المتخصصين في جراحة اعصاب الدماغ والاوردة والشرايين كان يسدها طبيب روسي حتى وقت غير بعيد، فإن المستشفى لا ينقصها سوى بعض المعدات الطبية والضمادات المختلفة وخيوط عمليات الجراحة.
وأشار الدكتور عبادة الى ان المستشفى يعمل اكثر من طاقته بمعدل 500 في المئة، وأن هناك ضغطاً كبيراً على جراحي العظام بسبب الاصابات الناجمة عن شظايا القذائف والرصاص، ولا يوجد حتى الآن إحصاء دقيق لعدد القتلى والجرحى بسبب نقل الجرحى والمصابين الى اكثر من مستشفى.
ويعترف مواطن عدني، بأن برادات مستشفى الجمهورية مليئة بالجثث وكذلك غيره من المستشفيات، وتعود معظمها الى مدنيين أصيبوا عشوائياً.
تحطم طائرتي هليكوبتر
ولا يعني الحديث عن القتلى والجرحى من ضحايا "حرب الاشقاء" ان المآسي تتوقف هناك. وعلى رغم ان دوي المدافع والصواريخ يكاد يصم الآذان، الا ان في "المقايل" حديث عن حكايات مأسوية من واقع الحرب، أبرزها تحطم طائرتي هليكوبتر جنوبيتين في مديرية ردفان بعد قصفهما بالصواريخ الشمالية. وقال مصدر الرواية، وهو عسكري بارز، ان الطائرتين كانتا عائدتين من منطقة الجيلين في مديرية ردفان بعد ان حطتا على احد المرتفعات لنقل اسر حاصرها القصف، وأدى سقوط الطائرتين الى مقتل 26 طفلاً وامرأة و16 رجلاً.
ويعيش في بعض المناطق في الضالع آلاف المواطنين المحاصرين من دون امدادات منذ اسابيع. ولم تنجح الاتصالات التي جرت بين المعنيين في وزارة الدفاع الجنوبية والصليب الأحمر الدولي في حل معضلة هؤلاء المحاصرين.
ويكاد التشطير الجديد لليمن ان يقسم العائلات لا سيما أن هناك اكثر من 20 ألف جنوبي انتقلت وظائفهم الى صنعاء بعد الوحدة، واضطر قسم كبير منهم خصوصاً الذين جاؤوا الى عدن في مهمات عمل وإجازة ان يتركوا خلفهم أسرهم. ويعيش معظم هؤلاء في قلق شديد لاسيما ان احوالهم المادية ليست في وضع مطمئن في ظل الغلاء الذي أدى الى اختفاء كل ما هو اخضر، وباستثناء البطاطا والبصل، فإن وجود خضار أخرى يكاد يكون من سابع المستحيلات في مدينة مثل عدن كانت خضارها الطازجة تأتي من المحافظات الشمالية وبعض المديريات المجاورة لها.
ويقول ساندرو بارانا، رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي لپ"الوسط" انه نجح مع فريقه في الشمال والجنوب في تفقد الأسرى لدى الجانبين.
وأضاف بارانا الذي اضطر الى نقل مكتبه من فندق عدن الى فندق الشمس على الشاطئ الذهبي بعد تعرض محيط الفندق للقصف العشوائي، ان فريقه المؤلف من 5 أشخاص وطبيب يقوم دورياً بزيارة المستشفيات والأسرى والعيادات للوقوف على احتياجاتها.
وأشار الى أن القوات الشمالية منعت باخرة للصليب الأحمر الدولي محملة بالمواد الطبية بالتوجه الى ميناء عدن.
وقال ان قادة احدى القطع البحرية الشمالية أبلغ قائد سفينة الصليب الأحمر بأن البحرية الجنوبية تقصف مواقعهم وانهم قد يضطرون للرد الأمر الذي قد يضر بالسفينة الدولية وركابها ويهدد سلامتهم.
وقال بارانا ان فريق الصليب الأحمر في صنعاء تفقد مستشفى لحج وزار اسرى جنوبيين، كما تولى نقل رسائل تطمين من أسرى الجانبين الى ذويهم في الشطرين.
واعتبر ان المشكلة الأساسية التي تواجه اللاجئين من مناطق القتال هي عدم وجود منازل لائقة ومياه شرب نظيفة ومراحيض الأمر الذي يهدد بانتشار الأمراض والأوبئة.
ورفض الحديث عن عدد الأسرى الذين زارهم الصليب الأحمر في الشطرين، وقال "لا يمكنني البوح بذلك الا للأطراف المعنية".
وكان تردد في الأيام الأولى للحرب ان وسائل اعلام اليمنين تحدثت عن اسر اعداد كبيرة، الا ان الصليب الأحمر تبلغ من المسؤولين في الجانبين انه لا صحة للأرقام التي أعلنت، وأن الحديث عن اعداد كبيرة كان لأسباب معنوية وهو جزءمن الحرب النفسية.
ومن قراءة البيانات العسكرية للجانبين، يتبين حجم مبالغة كل فريق في خسائر خصمه، الأمر الذي يعني انه لو كانت الاحصاءات صادقة ودقيقة لانتهى جيشا البلدين وزاد عدد القتلى عن اعداد افراد كل من الجيشين.
على الرصيف
ويعاني مع العدنيين في حصارهم عرب وأجانب من جنسيات مختلفة، وتكفي زيارة لمبنى الجمارك في ميناء عدن في التواهي لاعطاء صورة عن ذلك. ولعل قصة الشاب الفلسطيني إياد زقوط الذي غادر الكويت بعد غزوها الى عدن من بين القصص الجديرة بأن تروى. اذ ينام إياد الذي لا يتجاوز الثلاثين من عمره على رصيف ميناء عدن منذ اكثر من 25 يوماً. ويرفض قباطنة السفن التي تقل المغادرين ان يضموه الى ركابهم بسبب وثيقة سفره الفلسطينية – المصرية.
ويقول إياد "انه قضى ثلاثة أسابيع لا يملك قرشاً واحداً، وكان الجنود والموظفون العاملون في الميناء يقدمون له الطعام. ويشير الى ان والده الذي هاجر الى استراليا نجح عبر الصليب الأحمر الدولي في ارسال نقود له، واستخراج اذن له بالسفر الى استراليا، ويأمل إياد ان تسمح الظروف والاجواء العسكرية المفروضة حول الميناء بوصول سفن مدنية تقله مع المغادرين.
وقال محمد سلمان فهد وهو عراقي يعمل مدرساً في محافظة لحج انه ينام في ميناء التواهي منذ أيام، وقال انه بعد ان غادر مركز عمله لجأ الى المعهد التجاري في حي خورمكسر، ومع تعرض خورمكسر للقصف من قبل القوات الشمالية انتقل مع ثلاثة من زملائه المعلمين الى الميناء وباتوا ينامون على ارصفته بانتظار ساعة الرحيل.
وقال صباح عبدالرضا وهو عراقي أيضاً ان اكثر من 50 مدرساً من جنسيات مختلفة مصر، السودان، الاردن، سورية وفلسطين حضروا الى اليمن بموجب عقود او اعارة من وزارات التربية في بلدانهم، لكن الحرب داهمتهم، ولم يقبضوا كامل مستحقاتهم. وأشار الى ان الحكومة في عدن دفعت لهم في الأيام الأخيرة نصف مستحقاتهم بالعملة المحلية وأبلغتهم أن حكومة صنعاء قد تقوم بدفع المستحقات الباقية لهم بالعملة الصعبة، وأوضح ان عقودهم تقضي بالحصول على نصف رواتبهم بالدولار 500 دولار شهرياً والنصف الباقي بالعملة المحلية.
وقال نقولا نقولا مندوب المنظمة الدولية للهجرة في عدن ان منظمته التي تتخذ من جنيف مقراً لها والتي شاركت بنجاح في اخلاء اعداد كبيرة من سكان الكويت من الاجانب اثر الغزو العراقي تستعد لاستئجار باخرة لاعادة اكثر من 500 اجنبي الى بلدانهم.
وأوضح انه يواجه مشكلة في اعادة الصوماليين الى بلادهم بسبب الحرب الدائرة هناك ورفض حكومة جيبوتي استقبالهم في موانئها، كما ان حملة وثائق السفر المصرية من الفلسطينيين يواجهون صعوبات وهناك عدد كبير منهم فقد جوازاته أو تركها في صنعاء قبل بدء الاشتباكات.
81


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.