د. محمود إبراهيم الدوعان اليوم يوم التروية، وغدًا يوم عرفة العظيم، الذي عظّمه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «الحج عرفة»، فعندما يتجرّد الحاج من أرذال الدنيا ويضع ملابس الإحرام البيضاء، يشعر بشحنات إيمانية قوية يستشعر فيها عظمة الداعي له، وقدسية المكان الذاهب إليه، فتتجلّى روحه وتزكوا نفسه، ويزداد قلبه شوقاً ولوعة في الوصول للأماكن المقدسة، وأداء شعائر الحج التي يقول الله فيها: (ومن يُعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). وقد ذُكر عن الشيخ العارف بالله عبدالرحيم البرعي اليمني -غفر الله له وأسكنه فسيح جناته- في حجّه الأخير للأماكن المقدسة، أنه أُخذ محمولاً على جمل فلما قطع الصحراء وأصبح على بعد (50 ميلا) من المدينةالمنورة، والتي كان يتمنى أن يموت فيها، هبّت عليه نسائم الصَبَا (رياح شرقية تهب في الصباح الباكر من عالية نجد)، رطبة عليلة معطرة برائحة طيبة الطيبة، فازداد شوقه للوصول إليها، ولكن المرض أعاقه عن المأمول فأنشأ قصيدته العصماء التي لفظ مع آخر بيت فيها أنفاسه الأخيرة حيث يقول: يا راحلين إلى منى بقيادي هيجتموا يوم الرحيل فؤادي سرتم وسار دليلكم يا وحشتي الشوق أقلقني وصوت الحادي وحرمتموا جفني المنام ببعدكم يا ساكنين المنحنى والوادي ويلوح لي ما بين زمزم والصفا عند المقام سمعت صوت منادي ويقول لي يا نائما جد السُرى عرفات تجلو كل قلبٍ صادي من نال من عرفات نظرة ساعة نال السرور ونال كل مرادي تالله ما أحلى المبيت على منى في ليل عيد أبرك الأعيادي ضحوا ضحاياهم وسال دماؤها وأنا المتيم قد نحرت فؤادي لبسوا الثياب البيض شارات اللقاء وأنا الملوع قد لبست سوادي يا رب أنت وصلتهم صلني بهم فبحقهم يا رب فُك قيادي فإذا وصلتهم سالمين فبلغوا مني السلام أُهيل ذاك الوادي قولوا لهم عبدالرحيم متيم ومفارق الأحباب والأولادي صلى عليك الله يا علم الهدى ما سار ركب أو ترنم حادي يا رب بلّغ كل مشتاق لتلك الديار المقدسة مأموله، وأعطه سؤله، وحقق أمنيته، والطف بعبادك المهللين المكبرين قاصدي بيتك العتيق ومشاعرك المقدسة ومثوى نبيك ومصطفاك سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنزل عليهم فيوضات رحماتك، وعزائم غفرانك، وردّهم إلى ديارهم سالمين غانمين بحجٍ مبرور، وسعيٍ مشكور، وذنبٍ مغفور، فقد قال الصادق المصدوق فيهم: «من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه. وفي رواية: من حج فلم يرفث ولم يفسق» صحيح مسلم. بلّغ اللهم جميع المشاركين والعاملين في خدمة حجاج بيت الله الحرام من مسؤولين، ومطوفين، ورجال أمن، وأجهزة حكومية بمختلف مهامها، وكل من يسعى في خدمة حجاج بيتك العتيق بطريق مباشر أو غير مباشر وعلى رأس الجميع خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وولي عهده الأمين، وحكومته الرشيدة، ولكل من شارك ولو بنية صادقة، أو كلمة طيبة، أو تصرف راشد، لضمان راحة وسلامة حجاج بيت الله الحرام وقاصدي مسجد نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم. بلغهم جميعاً يا رب مقصدهم وأملهم، وهم في أحسن حال. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (37) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain