الأسلوب الايراني المنطقي الذكي لتحقيق المصالح الوطنية.. المحادثات مع الدول الغربية في ظل التحالف مع الصينوروسيا منطق تحقيق المصالح الوطنية يقتضي توازن السياسة الخارجية للبلد وينبغي ألا تصبح التوجهات في العلاقات مع بعض البلدان سبباً لضعف رؤى سياسية أخرى وعلى حساب العلاقات مع بلدان أخرى. طهران (فارس) السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الايرانية هي في الواقع كالسياسات الخارجية لسائر البلدان حيث لها جانبان أحدهما ثابت والآخر متغير، أي أن الأول يرتكز على الإرادة والآخر يتمحور حول الظروف السائدة ومقتضيات السياستين الداخلية والخارجية. والجمهورية الإسلامية وسائر الحكومات التي حكمت في إيران قد اتبعت هذا المنهج على مرّ الأيام إذ عملت على أساس الأصول العامة السائدة على نظام الحكم وكذلك طبق الأصول المدونة في الدستور ولكن توجهات هذه الحكومات كانت تختلف حسب الظروف التي سادت إبان فترة حكمها ولا سيما النظام الدولي الحاكم والقيود التي واجهتها. أما حكومة الدكتور حسن روحاني فقد استلمت دفة الحكم استناداً إلى أنها ستتبع منهجاً يقوم على أساس التوازن في التعامل مع سائر البلدان وهذا الأمر في الواقع هو أحد الأصول الثابتة في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الايرانية وهو نابع من مبدأ تحقيق المصالح الوطنية. ومن الجدير بالذكر أنه خلال العقدين الماضيين هناك بعض المسائل قد غفل عنها في السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية، ألا وهي مسألة التوازن في التعامل مع سائر البلدان ولا سيما البلدان التي تعد قطباً في النظام الدولي، فقد شهدت سياسة البلاد توجهات نحو قطب معين وغض النظر عن القطب الآخر الذي يلعب دوراً بارزاً على الساحة الدولية. لذا فإن المنطق الذكي لتحقيق المصالح الوطنية للجمهورية الإسلامية يقتضي مراعاة أسس العزة والتوازن المنطقي في السياسة الخارجية العامة بحيث لا تكون العلاقات مع جهة معينة على حساب العلاقات مع الجهة الأخرى. منذ نهاية الحرب الباردة وتأسيس نظام عالمي جديد أحادي القطب والذي تجسد في الولاياتالمتحدة الأميركية فإن سائر القوى العالمية حاولت تحدي النظام الجديد الذي أرست دعائمه واشنطن. فالنمو الاقتصادي والعسكري المتصاعد للصين وتلطيف الأجواء السياسية بينها وبين روسيا قد أدى إلى نشوء قطب جديد لمواجهة المعسكر الأميركي في مختلف بقاع المعمورة. يذكر أن بكين وموسكو يعتبران قطبين أساسيين في المنافسة الاستراتيجية بين طهرانوواشنطن فهذان البلدان عضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي ومن القوى العظمى التي لا ينكر نفوذهما أحد لذا فإن تأثيرهما في واقع الحظر المفروض على الجمهورية الإسلامية الايرانية كبير للغاية وكذلك فإن هذا التأثير يسري حتى إلى برنامج إيران النووي. وكما هو معلوم فإن الصينوروسيا شريكان تجاريان للجمهورية الإسلامية الايرانية وكذلك لهما دور هام في المجال العسكري والتسليحي لإيران وما زالت رغبتهما جادة في إبرام عقود نفطية واستثمارية مع طهران. إذن نظراً للظروف الحالية ولواقع العلاقات المتقاربة بين طهران وكل من بكين وموسكو في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية فإنّه ليس من الحكمة غض النظر عن هذه العلاقات والإعراض عن هذين البلدين لأن الإدارة الأميركية والبلدان الداعمة لها تمارس ضغوطاً كبيرة على الجمهورية الإسلامية الايرانية ولا يزال الخيار العسكري مطروحاً بشكل جاد رغم انتعاش المحادثات النووية من جديد لذا فإن خسارة قطبين عظيمين لهما ثقلهما على الساحة الدولية بكل تأكيد ستكون عواقبها وخيمة للغاية وكأنها عملية انتحارية. / 2811/