أ. د. عبدالله مصطفى مهرجي وانتهى موسم الحج المبارك لهذا العام 1434ه وبنجاح قياسي ولله الحمد، وعاد الحجيج يلهجون بالحمد والثناء على ما منَّ الله به عليهم من أداء هذه الشعيرة المباركة وعلى الجهود الكبيرة والخدمات الجليلة التي قدمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين في المدينتين المقدستين والمشاعر المقدسة من أمن وإسكان ونقل واتصالات ورعاية طبية وخدمات متنوعة، وكالعادة السنوية يحين الآن وقت مراجعة الحسابات، وتقديم التقارير الختامية لهذا الموسم من كل الجهات الخدمية ذات العلاقة بالحج، الأمنية والصحية والجهات التنظيمية والإرشادية والإعلامية والتوعوية. ولعل النجاح المنقطع النظير لهذا الموسم -بفضل الله عز وجل- وخاصة مشروع توسعة المطاف هذا المشروع العملاق والذي بدأت تظهر ثماره الإيجابية رغم أنه لم يكتمل بعد، لا تنسينا هذه النجاحات أن الحج كركن خامس من أركان الإسلام هو مجموعة شعائر مترابطة زمنياً ومكانياً في توالٍ قياسي، ويدعونا إلى نظرة متفكرة ومتدبرة، نظرة عامة وشمولية لإدارة الحج كموسم سنوي تمر به المملكة العربية السعودية بكل أجهزتها المعنية وبأعلى مستوى من الاهتمام، وكمنظومة متكاملة تبدأ بالتخطيط الاستراتيجي وتمر بالإدارة المتكاملة وتنتهي بالتحليل المنهجي للنتائج والتقويم الفعّال للأداء واستنباط الحلول العملية للموسم القادم. والحج كخدمة عرضة للمبدأ الاقتصادي الأزلي العرض والطلب، والطلب السنوي يتزايد حتى مع وجود مبدأ (الكوتا) إلا أن تزايد أعداد سكان العالم الإسلامي يضاعف أعداد القادمين للحج، وحجاج الداخل يتزايدون، وخاصة من المقيمين بين أظهرنا أو من المتخلفين من موسم رمضان، رغم الجهود الكبيرة لمنع من لا يحمل تصريحاً، وأي مشكلة تواجهنا يجب النظر لحلّها بأحد أمرين: إما حلول إنشائية بنائية، أو حلول غير إنشائية تعتمد على التركيز على الحلول التشريعية والتخطيطية والتنظيمية، نظرتنا لإدارة منظومة الحج والعمرة من خدمات الإسكان، وخدمات النقل والتفويج، والرعاية الطبية...الخ، يجب أن لا تكون نظرة كلاسيكية، فكلما زادت الأعداد بحثنا عن زيادة المساكن وزيادة الطرق وزيادة وسائل النقل، وفي رأيي أن تلك الحلول آنية ويوماً ما ستصبح غير كافية على استيعاب الزيادة السنوية في أعداد الحجاج والمعتمرين من الداخل أو من الخارج. إن الهدف من كل المشروعات بلاشك هو توفير وسائل الراحة ورفع مستوى السلامة للحجاج والمعتمرين وليس فقط استيعاب المزيد منهم، فالمشكلات إن لم تكن -مثلاً- في جسر الجمرات في هذا العام، فمن الممكن أن تكون في المسعى في العام الذي يليه... وهكذا، إذن لن ننتهي إذا نظرنا للحلول بنظرة تقليدية. فمساحة منى لا تتجاوز 6.8 كم والمساحة المستغلة لا تتجاوز 6 كم والباقي منطقة جبلية، وهناك مساحة 2.20 كم مخصصة للطرق والخدمات والمرافق العامة، والخيام طاقتها الاستيعابية لا تتجاوز المليون حاج بدون افتراش أو أي مظاهر سلبية أو مخالفة، والاستطاعة تعني قدرة المكان والإمكانات المتاحة والمتوفرة قبل أن تكون الاستطاعة للحاج في نفسه فقط. إن النجاح الكبير لحل مشكلة جسر الجمرات الذي شهدنا نتائجه الباهرة منذ سبعة أعوام وكذلك النقل بالقطار بين المشاعر الذي لمسنا نتائجه بعد ذلك، ثم هذا العام البدء في مشروع توسعة المطاف والساحات الشمالية لبيت الله الحرام في مكةالمكرمة، كل ذلك بدأ بالتفكير غير الكلاسيكي في الحل، أو مجموعة الحلول بعد تفهم واضح للمشكلة وأبعادها، وذلك يدعونا إلى النظر دومًا نظرة غير تقليدية إلى إدارة الحج، وأي تخطيط مستمر له، ولنأخذ مثلًا الإسكان في منى الذي يناظر الحل الشامل المتكامل، ولكن بالعزيمة والإصرار وتفهم جوانب المشكلة والدراسة المتعمقة سيكون ما نأمل بإذن الله تعالى، كما أن هذه الجهود الكبيرة والتنظيمات الرائعة التي تساهم في إدارة الحج بشكل فعّال لابد أن يواكبها فقه المقاصد، فحرمة دم مسلم واحد أعظم عند الله من حرمة الكعبة، هذا الفقه الذي يحفظ للمسلمين «الحاجين والمعتمرين» أرواحهم رحمة بهم ورحمة بأهليهم.. أليس في قول الله عز وجل: )مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ(، وفي التوجيه النبوي الكريم لمعلّم البشرية سيّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-: (افعل ولا حرج) «القول الفصل» من كل رأي أحادي لا يُراعي ظروف المكان والزمان، فالتيسير على حجاج بيت الله والأخذ بمقاصد الشرع الكريم في أعمال الحج ورفع الحرج عنهم ضرورة اقتضتها الظروف المكانية، ولابد من العودة إلى روح الشرع والعمل بأفعال وأقوال الهادي للبشر، والسراج المنير، القدوة والأسوة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، ليتماشى مع هذه التسهيلات الإنشائية والنجاحات التنظيمية مع وجود هذه الأعداد المتزايدة سنوياً.. والله من وراء القصد. [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (63) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain