حذر خطباء الجمعة بلبنان، من تداعيات احداث مدينة طرابلس شمال لبنان، داعين الى تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تستثني احدا. بيروت (وكالات) وأشار السيد علي فضل الله خلال خطبة صلاة الجمعة من على منبر مسجد الامامين الحسنين عليهما السلام في حارة حريك، إلى أنه "مع إنشغال العالم العربي والإسلامي بأزماته، تستمر إسرائيل بمخططها الاستيطاني للإطباق على القدس والمسجد الأقصى، وتتابع الضغط على الفلسطينيين في أرزاقهم وأرواحهم وكل أوضاعهم، لدفعهم إلى تقديم المزيد من التنازلات لحساب إسرائيل". وأضاف السيد فضل الله "إذا كان البعض يشعر بالامتعاض من عدم أداء مجلس الأمن دوره، نتيجة تضارب المصالح بين دوله، فإن ما يحصل في فلسطين يبقى الدافع الرئيسي للامتعاض من هذا المجلس، الذي لا يمارس دوره كما يجب، فهو كان ولا يزال يرعى استمرار وجود "إسرائيل" اللاشرعي في فلسطين، ويتعامى عن أعماله العدوانية، ولا يتعامل معها بمسؤولية وجدية، كما يتعامل مع القضايا الأخرى، فتبقى قرارات إدانة هذا الكيان حبراً على ورق، وغير قابلة للتنفيذ، لا عاجلاً ولا آجلاً". ورأى السيد فضل الله أن "المستفيد الأكبر من كل ما يحصل في مصر هو "إسرائيل"، وهذا ينبغي أن يفهمه الجميع، وأن يكون دافعاً لهم للعمل على تهيئة مناخات الوفاق، والتحضير لحوار داخلي يجمع كل مكونات الشعب المصري، للمحافظة على موقع مصر ودورها، والحؤول دون إغراقها في الفوضى التي يراد لها أن تعم المنطقة بكاملها"، معتبراً ان "الحل السياسي والحوار في سوريا هما أقرب الطرق لإختصار الأزمة الراهنة، بعدما بات واضحاً عدم إمكان الحسم العسكري لمصلحة هذا الفريق أو ذاك"، داعياً الجميع إلى "إقتناص أية فرصة حوار والانطلاق بها، لكي لا يستمر نزف الدم والدمار". واعتبر السيد فضل الله أن "بعض السياسيين في البلاد لا يزالون ينتظرون حسم الصراع في الخارج، ولا سيما في سوريا، ما يعطل تشكيل الحكومة، ويوقف حركة التشريع، ويجمّد العجلة الاقتصادية، ويفاقم الأزمات الكثيرة التي يعانيها البلد"، لافتاً إلى انه "في هذا الوقت، يبقى النزيف الأمني مستمراً من خلال ما يجري في طرابلس، حيث يستمر مسلسل العبث الأمني والقتل المجاني الذي يطاول هذه المدينة، التي أصبحت أسيرة مسؤولي المحاور فيها، ويستمر الحديث عن دخول السيارات المفخخة إلى لبنان، كما تزداد وتيرة الحوادث الأمنية المتنقلة وعمليات الخطف، ما بات يشكّل هاجساً لكل اللبنانيين ومصدر قلق دائم لهم". وشدد السيد فضل الله على أن "هذا الواقع ينبغي أن يكون دافعاً للمسؤولين للخروج من حساباتهم الضيّقة، والتفكير في الوطن والمواطن، وإذا كان البعض يراهن على الخارج، فإن عليه أن يعيد النظر في حساباته، لأن هذا الخارج سيعمل لإطالة أمد الأزمة، والحلول التي سيطرحها ربما لن تكون لحساب اللبنانيين"، وإعتبر ان "عودة المحررين الذين اختطفوا في سوريا إلى أهلهم، محطة من محطات الوفاق الداخلي التي يمكن البناء عليها، بعدما تحركت مختلف الجهات لحل هذه المشكلة"، داعياً إلى "إستمرار العمل من أجل إطلاق المطرانين المختطفين وكل المخطوفين، لتكتمل الفرحة، ويعود الجميع إلى أهلهم ووطنهم، ويساهموا في إعمار بلدهم". من جهته، ألقى المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين (ع) في برج البراجنة، أشار فيها إلى أن "الحديث في السياسة وما يتفرع عنها من أوضاع لبنانية معقدة ومتشعبة ومتداخلة مع أوضاع إقليمية لا تقل سوءاً واضطرابا، لا بل خطورة، كمن يضرب على طبل أجوف لا صوت ولا صدى له، فقط ما يمكن سماعه دربكات مزعجة أحدثت الصمم لدى الكثير من الساسة اللبنانيين، لاسيما أولئك الذين ما انفكوا من خلال سياساتهم وارتهاناتهم ورهاناتهم الرعناء يعطّلون مشروع الدولة، ويضعون العوائق والعراقيل المكشوفة والمستورة أمام كل حركة وحراك باتجاه بنائها، فيما هم يرفعون شعار العبور إلى الدولة، فأي دولة يريدون العبور إليها هؤلاء الذين باعوا أنفسهم للشيطان، وهم الذين يعطلون تشكيل الحكومة ويصرون على شروطهم التعجيزية، ويرفضون الحضور إلى المجلس النيابي للمشاركة في العمل التشريعي، ووضع المخارج المقبولة والمعقولة والواقعية لأزمات البلد". وأضاف الشيخ قبلان "ننا اليوم في دولة معلقة، بمؤسساتها وبإداراتها، وكل شيء فيها موقوف وعاطل عن العمل، والجميع أصبحوا داخل النفق، ينتظرون من يخرجهم، ولكن هذا الانتظار قد يدمر ما تبقى من هذا البلد، إذا لم يقر الجميع بأن ما ينقذنا هو تعاوننا وتكاتفنا وإشغال عقولنا بما يخدم المصلحة العامة، بعيداً عن الغرائز وكل حسابات التموضع خارج الإطار الوطني". وأضاف إن" ما يحدث اليوم في طرابلس وغيرها من المدن والمناطق اللبنانية يجعلنا غير متفائلين، وينذر بكوارث فعلية لن يكون أي فريق لبناني بمنأى عنها. من هنا نحن نطالب الجميع بإيقاظ ضمائرهم والتطلع إلى ما ينقذ لبنان، ويحقق مصالح أبنائه، وألا تبقى حساباتهم في الأطر المصلحية الضيقة، وعلى وقع المتغيرات الإقليمية والدولية، فلبنان مهما تقلبت الظروف، وتبدلت المعادلات، يبقى بحاجة ماسة إلى تضافر جهود الجميع، وتشاركهم في حمل المسؤولية الوطنية، ولا يحميه ويدفع عنه كل الارتدادات والانعكاسات السيئة سوى عودة اللبنانيين إلى لحمتهم ووحدتهم وقراءاتهم الموضوعية والعقلانية لواقع لن تقوم قائمته، ما لم يتحقق إجماع اللبنانيين على أن لبنان بلدهم، وأن مصيره مرهون بمدى اقتناعهم بالتحاور في ما بينهم، والتفاهم والتوافق على أن قيام الدولة القوية والقادرة هو السبيل الأقصر والأمثل للوصول إلى وطن معافى ومحصن وعصي على كل محاولات التآمر والفتن". ودعا الشيخ قبلان إلى "الاستعجال بتشكيل حكومة وحدة وطنية إنقاذية توافقية لا تستثني أحداً ولا تعزل أحدا، وتكون قادرة على وضع حد لهذا الفلتان ولهذه الفوضى المستشرية التي تنذر في حال استمرارها واستفحالها إلى انفراط ما تبقى من هذه الدولة، وانهيار كل الثوابت والقواعد التي على أساسها كان لبنان". واعتبر الشيخ عفيف النابلسي ان "الوضع لا يزال بعيدا جدا عن الثبات والاستقرار، ويجتذب من حين الى آخر أنشطة جماعات تسعى لتفجيرات هنا وهناك لغايات ايديولوجية أو سياسية". وتابع "لقد باتت بعض البؤر على الحدود مع سوريا منطلقا لهذه الجماعات لأعمال تهدد الأمن والسلم بالنظر إلى التوجهات والأفكار الخطيرة التي تحملها هذه الجماعات والمؤازرة الواسعة التي قدمها لها بعض السكان هناك"، مضيفاً "في الخط عينه يتركز التوتر في مدينة طرابلس التي تعاني من تبعات تأثير الأزمة السورية، ومن غطاء بعض المسؤولين والنافذين لمجموعات باتت العصبيات تتضخم إلى أقصى الحدود في تصرفاتها، وفي ظل غياب الدولة التي نشدد على مسؤوليتها الفعلية على ضمان أمن الناس وسلامهم وإن عظمت المهمة". واضاف النابلسي أن "المواجهات التي تجري هي مواجهات مسيسة لا هدفية لها سوى اتباع رغبات سياسيين يعيشون أزمة الحضور والقيادة وخسارة المشروع الذي دفعوا فيه الكثير من المال الحرام والجهد القائم على الفتنة. وختم "في كل الاحوال إن شارة الإنطلاق لوضع حد للأزمة الداخلية الأمنية والسياسية يجب أن تبدأ ويجب أن يتحرك جميع من في الدولة والمخلصين لهذا الوطن، لوضع حد لأي حوار بالنار أو بالمواقف الفتنوية التحريضية. لأنّ لبنان تكون على أساس التعايش، وبكونه رسالة سلام وأخوة، لا يتجزأ ولا يتقسم، بل يعيش بنوه في إطار التكامل والتفاهم والتفاعل العميق". /2926/