ساعدتنا وسائل التقنية على أن نتخيل ونتحرر من قيود الذات، فما كان مستحيلاً أصبح متاحاً، وحرية الرأي كفلها الدين للجميع، فبها نعبِّر عما نشاء، ونتحدث عما نشاء، وندلي بآرائنا ومقترحاتنا وانتقاداتنا، في حدود اللياقة الإنسانية والقيود الشرعية، أما قيودنا الاجتماعية فبدأت تتبلور سلباً وإيجاباً!! فما كان مخفياً بقصد أو عن غير قصد أصبح متاحاً للجميع، ويحق لي قبوله أو رفضه أو تعديله بما يحقق أهدافي وأطروحاتي، ويتواءم مع ذاتي المثقفة وغير المثقفة! "أنا أغرد إذاً أنا موجود" قدمت لنا مستقبلاً جديداً للتفاعل مع الحياة؛ فأظهرت التقنيات الحديثة حقائقنا، وكشفت لنا مكنونات ذواتنا؛ فأصبحنا نكتب ونصور ونعبّر ونتكلم بما نحمله من أفكار؛ فانكشف الغطاء، وظهر مكنون الذوات؛ فتعرى الكثير أمام كاميرات الأجهزة الذكية السهلة، وانكشفت عقولهم أمام آرائهم عندما تحررت من القيود! هذا الواقع!.. الذي لم نتمكن من احتوائه! فأبناؤنا وبناتنا هجموا على التقنية الحديثة بأدوات ضعيفة – لا نعمم هنا - لكننا نستاء من تزايد استخداماتهم المريضة، فما كان خفياً علينا ظهر، وما كان لا يعرفونه سابقاً صار جزءاً من معارفهم التي يتقنونها؛ فأصبحت وسائل الاتصال التقنية الحديثة عبئاً صعباً على أولياء الأمور والمربين؛ لأنهم لم يتوقعوا هذه الثورة التقنية. اطلعت بفرح على بعض التجارب في تعزيز الاستخدامات المثلى للشبكات الاجتماعية، التي أصبحت في متناول الجميع، الصغير والكبير، الشباب والفتيات.. وغزو التقنية منذ بدايات مايكروسوفت شات وحتى الكيك والواتس أب والتويتر والفيس بوك واليوتيوب، وزاد فرحي فرحاً أن نُظّمت الملتقيات التي تتيح لنا الفرصة لنتعامل مع هذه الشبكات بذكاء، فملتقى "المغردون السعوديون" وملتقى "شوف" اللذان نفذتهما مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز "مسك الخيرية" تجربة رائدة بنتائج جميلة، واستعراض لنجاحات من استخدموا التقنية بإبداع، وأنجزوا فيها مادياً ومعنوياً، وأصبحت ملاذاً رائعاً للشباب والفتيات في مختلف الأعمار؛ ليعرفوا كيف يستثمرون استثماراً ذكياً نقياً في الإعلام الجديد والتقنيات الحديثة. والأجمل أن يتفاعل المجتمع حضوراً وإشادة ونقداً بناءً، مع الرغبة المتزايدة من الجميع بأن يظهرواً الجانب المشرق من التقنية؛ ليرتاح الوطن، ويرتاح المواطن، ويطمئن المربي على أبنائه وبناته للتعامل مع الموج الهادر للتقنية بين يدي أبنائه وأفراد مجتمعه، فلعل مثل هذه الملتقيات أن تستمر، وأن تقدَّم لنا سنوياً في صورة حاضنات لأفكار وأطروحات الشباب ممن يتعامل مع التقنية؛ فالبدائل الإيجابية تحفظهم من الغرق في سلبيات وسائل الاتصال الحديثة. همسة واقع.. شكراً لكل من حمل همّ الوطن والأمة؛ فالمساهمات المنظمة ذات الأهداف البناءة تؤثر استراتيجياً على مستوى أفراد المجتمع، وتساهم في رفع عقلياتهم ومنافعهم في البيئات التي يعملون فيها ويعيشون حولها.. وهنا نعرف أن كل الحروف الصور والمقاطع هي إثراء إيجابي لمحتوى الشعوب العربية وفخر إسلامي جديد على الشبكات العنكبوتية.