صدر منذ زمن طويل قرار مجلس الوزراء، القاضي بإلزام الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة والأجهزة الحكومية بتعيين ناطقين إعلاميين، وتم بعد ذلك إعلان أسمائهم. غير أن المشاهد هو فقدان كثير من الناطقين الإعلاميين الإحساس بمسؤولياتهم، الأمر الذي يضرُّ بمنشآتهم، ويُسهم في نشر الشائعات والأباطيل، فمن نافلة القول إن كثيرًا من الناطقين الإعلاميين غير متخصصين، وبالتالي يقحمون جهاتهم في أمور تحتمل القيل والقال، ولا يساعدونها في رسم الصورة الذهنية المأمولة! وقد عاينت، وعانيت بنفسي الأسبوع المنصرم ما يؤكد هذه المعلومة، فتبيّن لي أن بعض الناطقين الإعلاميين مجبورون على هذا المنصب، وبالتالي هم يؤدّون أداء كيفما اتفق، وحتى لا يكون الكلام جزافًا فإليك -عزيزي القارئ- موجز ما حدث: احتجتُ معلومةً عن سبب زيادة رسوم إصدار وتجديد متعلّقة بجهاز حيوي يحتاجه الكثيرون، سواء من المواطنين أو المقيمين (واللبيب بالإشارة ...)، وباشرتُ ذلك شخصيًّا، فاتَّصلتُ بالناطق الإعلامي في منطقتي، فلم يستطع الإجابة (لاحظ غياب المعلومة)، وأحالني بدوره إلى الناطق الإعلامي للجهاز بالرياض، وزوّدني -مشكورًا- برقم جواله، وبريده الإلكتروني، فهاتفته سبع مرات فلم يجب، وأرسلت له بريدًا إلكترونيًّا، ولم يرد رغم مضي أسبوع على ذلك! وقد ذكّرني ذلك بما نشرته إحدى الصحف عن الناطقين الإعلاميين قبل نحو شهر، ووصفتهم فيه بالتعالي، والتحيّز، وعدم التعامل بمهنية؛ حتى وصل الأمر بها إلى اتهامهم بالتفريق بين العنصرين الرجالي والنسائي! ولا أخفي سرًّا أنني حينها امتعضتُ وقلتُ في نفسي إن التعميم هدّام؛ فربما كان ذلك حال البعض، وليس الكل، غير أن معايشتي الفعلية لهذا الأمر جعلني أغيّر شيئًا من قناعتي، وأميل إلى القول: أكثرهم وليس بعضهم. وقد سبق لي أن ألقيت دورتين تدريبيتين، حضرها العديد من الناطقين الإعلاميين، وبثّوا حينها بعض الشكاوى والمقترحات، ولعلّي أوجزها في ثلاثة أمور: فالأول منها يتعلق بعدم تأهيل كثير من الناطقين الإعلاميين تأهيلاً مهنيًّا، فهو موظف يتم اختياره لهذه المهمّة، فيجد نفسه أمام جحافل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، ويتلقى اتصالات متكررة، ولا يحير جوابًا -أحيانًا- لغياب المعلومة -كما هو حال صاحبيَّ المذكورين آنفًا- بل لا يوجد بينه وبين إدارات وأقسام الجهة ذاتها اتصالات مباشرة لكي يحصل على المعلومة! والثاني أنهم لا يُصرف لهم ما يوازي الجهد الذي يبذلونه، فلا مكافأة، ولا تحفيز، والجوال الذي يتواصلون فيه مع الجهات الإعلامية هو شخصي، ويتحمّلون جميع فواتيره، ولا تتكفل الجهة به! والثالث أن الاختيار لا يتم -في تصوّري- بالرغبة فهم يكلّفون، ولا توجد لديهم الرغبة في غالب الأحيان للحيثيات السابقة، ثم إن أكثرهم ليسوا بإعلاميين في الأساس، ولا يعرفون آلية التعامل مع وسائل الإعلام، ولا أخفي سرًّا أنني وجدت المستوى الثقافي لدى البعض متدنيًا، فلا يستطيع التحدث شفهيًّا لوسيلة مسموعة أو مرئية! إن المفترض أن يؤهل الناطق الإعلامي تأهيلاً قويًّا؛ ليتحلّى بالشفافية والوضوح في كل ما يطرحه عبر وسائل الإعلام، وأن تكون له رؤية ورسالة واضحة، لإبراز دور المنشأة التي يعمل فيها، وألاّ يجامل فيها الجهة، فيجمّل صورة منشأته على حساب الواقع والرأي العام. إن وجود الناطق الإعلامي يؤكد ضرورة تدعيم الرسالة المراد بثها لوسائل الإعلام، والتركيز كذلك على استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، وعليه عدم التفرقة بشكل مطلق بين جهة وأخرى، أو جنس وآخر، والتعامل بمهنية عالية، فكلّ مَن يعمل في وسائل الإعلام يجب التعامل معه بكل وضوح خدمة للرأي العام، وكذلك للجهاز الذي يعبِّر عنه. وأود أن أبث رسالة لذلك الناطق، أنني أملك الشجاعة لذكر اسمه وجهته، ولكن المقصود هو بث رسالة له ولغيره -إذ ليست المسألة شخصية- وما وقع معي يمكن أن يقع لآخرين، فيرجى تغيير السلوك ذاته، وإن كان قد أجبر على هذا المنصب، فعليه التخلّي عنه حتى لا يكون ضرره أكبر من نفعه، فهل وصلت الرسالة لهؤلاء الناطقين الإعلاميين؟! والأهم: هل وصلت الرسالة لمديريهم؛ كي يؤكدوا عليهم ضرورة التواصل مع الجميع، أو طلب الإعفاء؟! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (68) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain