أصدر المقام السامي يوم الأربعاء الفائت تعميمًا لكافة الوزارات والمصالح الحكومية بتزويد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» بكافة العقود للمشروعات المعتمدة لها، كعقود التشغيل والصيانة، وكل ما تطلبه الهيئة من وثائق. كما ألزم كافة الجهات بالرد على الاستفسارات والملاحظات، والإفادة بما اتخذ حيال ذلك. والمُتأمِّل يجد أن الهيئة تبذل جهودًا يُرجى تكثيفها لتُحقِّق التطلعات وتَرْقَى لمستوى الطموحات، وكم سررتُ بنفيها الأخير مساء أمس الأول تهمة تقاضي سفير سعودي لمئة وخمسين يورو مقابل كل تأشيرة حج أو عمرة تصدرها السفارة. لكن هذه الجهود تحتاج للمزيد، حتى تؤتي ثمارها المنشودة، فالآمال المعقودة على الهيئة ليس لها حدود، والمرجو منها يفوق ما هو قائم بمراحل. والمفترض أن يكون للهيئة فروع في كل منطقة على الأقل، بل إني فوجئت بعدم وجود إدارة للفروع في الهيكل التنظيمي للهيئة في موقعها على الشبكة العالمية، ممّا يعني عدم وجود فروع للهيئة، وهذا -في تصوّري- أمر في غاية الأهمية؛ فالمملكة مترامية الأطراف، ووجود فرع قريب يُسهّل عملية الإبلاغ عن الفساد، ولا أتصوّر أن أمرًا كهذا هو محل نقاش، فضلاً عن أن يكون موضع خلاف. وكم وددتُ أن تكون الإنجازات التي تحققت معلنة على موقع الهيئة، فالهيكل التنظيمي لها يوحي بوجود كم كبير من الإدارات والأقسام، وبطبيعة الحال عدد هائل من الموظفين، واكتشاف الخلل ليس عيبًا، ونشره ربما يكون رادعًا لمن تُسوِّل له نفسه الإقدام على التعدي على مقدّرات البلاد وأموال الوطن، وفيه أيضًا تحفيز لمن قام بالإبلاغ أو من اكتشف ذلك الخلل من الموظفين أو المبلّغين. والمتابع يجد أن الهيئة ليس لها ناطق إعلامي، فكل ما يصدر يكون عن طريق رئيسها مباشرة، ولا زالت تتّبع طريقة إصدار البيانات، وهذا في حد ذاته مخالف للأوامر القاضية بتعيين ناطق إعلامي في كل جهة حكومية، يكون مرجعًا للإعلاميين، ومصدرًا للتصريحات المباشرة، بدلاً من طريقة إصدار البيانات، التي باتت ضربًا من الماضي، وقد عفا عليها الزمن، ومن المفارقات أن تنشر الصحف مشروعًا لدى الهيئة لمراقبة أداء الناطقين الإعلاميين لمنع تستّرهم على رؤساء جهات حكومية، أو تضليل وسائل الإعلام بمعلومات خارجة عن الواقع، ما يُساهم في انتشار الفساد، والمساعدة على بقائه، في حين أن الهيئة ليس لها ناطق إعلامي، يفترض أن يُمثّل قدوة لزملائه! وفي المجالس والمنتديات يدور حديث عن الهيئة، مفاده عدم الرضا عن أدائها، وكما أسلفت، فإن عدم وجود الفروع ربما يكون سببًا في ذلك؛ فالفرع قد يقوم بشكلٍ دوري بعرض منجزاته، ودعوة الإعلاميين في منطقته لاطلاعهم على ما قام به، وما تحقق له في فترة زمنية. ومن الناحية الإعلامية، فلا شك أن المتابع يجد أن الهيئة لم تبرز بالشكل المطلوب؛ فمن الناحية التوعوية يفترض أن تكون هناك برامج إعلامية دورية، وكذلك من الناحية الإجرائية يفترض جدولة جرعات مُتكررة من الرسائل؛ التي تغرس روح النزاهة في النفوس، وبيان مكانة الأمانة في حياة الإنسان، وللإنصاف، هناك رسائل نصية يتم بثها بين الحين والآخر، لكن ذلك يحتاج لجهدٍ كبير ومزيد من ورش العمل والمحاضرات واللقاءات، لبيان معنى الفساد، وكيفية الوصول إلى النزاهة، وما يندرج ضمن هذين المفهومين من أخطاء شائعة، وأمور ربما تكون غامضة عند البعض. إن الدعم الذي تلقاه نزاهة هو -بلا شك- حافز لها لبذل المزيد؛ فالمواطن يريد إعلان نتائج، وتحقيق إنجازات؛ فالفرح الذي عم أرجاء الوطن بعد إنشاء الهيئة؛ وجعلها مرتبطة بالمقام السامي، يفترض أن يواكبه عملٌ باهر، والقيادة الرشيدة تُؤكِّد على محاربة الفساد بشتَّى صوره ومختلف أشكاله، والتلهُّف يملأ النفوس لكشف كل ما أضر بالوطن والمواطن، بسبب ضعاف النفوس من مستغلي النفوذ، وأصحاب المصالح الشخصية، مهما كانت مناصبهم، ومهما علت مراتبهم. وختامًا، فإن الأمر الذي صدر منذ يومين، يصب في تعزيز مكانة الهيئة، وفيه تقريع للمتهاونين لاطلاع الهيئة على كل ما لديهم، ولأولئك غير المتعاونين، وقد سبق أن شكت الهيئة من جهاتٍ عدة لم يتجاوبوا معها. والمرجو أن نرى تفعيلاً سريعًا لهذا الأمر؛ فتظهر النتائج بشكل متوالٍ؛ وحينها يسر الناظر ويبتهج الخاطر، فهل يتحقق الرجاء؟! [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (68) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain