التعامل بتعالٍ سمة لبعض مدراء العموم، فالفوقية تجسّد شخصيتهم والتواضع لا يعرف طريقاً إليهم، ولذا تجد موظفيهم ينفرون ويفرون منهم، ويتحاشونهم بكافة السبل وشتى الطرق ؛ فإداراتهم خاوية من التآلف بعيدة كل البعد عن التكاتف. وقد انتشر مؤخراً عبر مقاطع اليوتيوب، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في الشبكة العنكبوتية أن أحد مدراء العموم - وكان يقوم بجولة على أحد المرافق التابعة له – التقاه موظف ليحاول مخاطبته ويشرح له طلبه ، فماكان من ذلك المدير إلا أن قاطعه قائلا له (وبلهجته العامية) : « روح يا بوي ما حنّا فاضين لك»! وبطبيعة الحال ضحك من حوله من حاشية تفتقد للحكمة، ورجع ذلك الموظف المسكين القهقرى، وانتهى الموضوع، في مشهد مزرٍ ينم بوضوح عن عدم احترام الطرف الآخر، وفي بعد تام عن ثقافة الحوار التي ينادي بها خادم الحرمين الشريفين ويفترض في ذلك المدير ومن هم على شاكلته – وهم ليسوا قلة مع بالغ الأسف – أن ينخرطوا في دورات عدة لكي يتعلموها ويطبقوها! وبالعودة لذلك الموقف فإن المتابع يتساءل عن الجهة التي يفترض أن يعود إليها ذلك الموظف لينتصف من ذلك المدير أدبياً على أقل الأحوال، فالإهانة صعب على النفس تحمّلها ثقيلة على المرء مهما كانت وظيفته ؛ فالكرامة إنما جعلها الله لبني آدم جميعا على اختلاف مناصبهم ومراكزهم (ولقد كرّمنا بني آدم). وهذا يقودنا للمناداة مرة أخرى بثقافة الحصول على الحقوق، ببيان المرجعية النظامية لكل حالة أو قضية ، بحيث ينتصف كل متضرر، وقد سبق لهذه الزاوية التطرق لهذا الموضوع الهام ومطالبة هيئة حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان أيضا بطباعة كتيب يبين لكل مواطن ومقيم على هذه الأرض الجهات التي يمكن اللجوء إليها في حال وقوع مظلمة أو منقصة أو حتى اختلاف في وجهة نظر في تفسير مادة أو خلاف ذلك، لكن كلتا الجهتين لم تفعل حتى الآن، ويبدو واضحا عدم الجدية في السعي لطباعة مثل هذه الكتيبات ، مع أن المفترض أن يكون ذلك من أولويات العمل في الجهتين. ومن جهة ثانية لا زال دور الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في مثل هذه المواقف غائباً، فالفساد لا يقتصر على الجوانب المالية فقط، بل يشمل أموراً عدة منها مستوى التعامل من قبل الموظف في أجهزة الدولة؛ فمثل هذا الموظف «صاحب القضية والذي تم ازدراؤه من قبل المدير العام «سيجد شخصاً يطلب منه مبلغاً من المال في سبيل إنجاز معاملته، ولأن سعادة المدير العام أهانه أمام الجميع فإنه سيرضخ وبشكل عاجل لمثل هذا الابتزاز ولهؤلاء الاستغلاليين ، إذ لا يمكن له أن يفكر مجرد تفكير العودة مرة أخرى لمخاطبة مثل ذلك المدير، وهل بعد هذا فساد؟! وهنا يلوح في أذهان المتابع سؤال هام: أليس في هذا التصرف المشين تجاهل للأمر السامي الكريم للمسؤولين والقاضي بفتح الأبواب وقضاء الحوائج؟ وهيئة مكافحة الفساد معنية بمحاسبة كل من يخالف هذا الأمر، ولا أتصور أن مجادلاً سيدخل في نقاش حول ما إذا كان هذا التعامل يدخل ضمن هذا النطاق أم لا، إذ كيف يصح في الأذهان شيء.. إذا احتاج النهار إلى دليل. إن المطالبة بأحكام نظامية يتم تطبيقها على كل مسؤول يوصد بابه أو يحاول تجاهل المطالب وقضاء الحوائج أمر في غاية الأهمية، وإقرار تلك الأحكام يفترض أن يتم من قبل الجهات المعنية ، وحينها لا أعتقد أن مسؤولا سيحاول - ولو مجرد محاولة - القيام بمثل ماقام به ذلك المدير. ويرجى ألا يطول أمد انتظار هذه الأحكام ، وإعلانها في أقرب وقت ممكن؛ فالأمور يجب أن توضع في نصابها، وليعلم حينئذ كل مسؤول أنه – كما يكرر دوماً قادة هذه البلاد أيدهم الله – مجرد خادم للمواطن، فهل يتحقق الرجاء في القريب العاجل ؟ [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (68) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain