أصابتني الدهشة - كغيري - عندما طالعت تصريحاً لأحد أعضاء مجلس الشورى ذكر فيه معارضته لزيادة مرتبات موظفي الدولة مبرراً ذلك بأن رواتبهم تفوق إنتاجيتهم، وزاد من دهشتي دعوته لهم للاستقالة إذا لم يعجبهم ذلك ، وكان ذلك مثيرا للرأي العام بدليل ماذكرته إحدى الصحف من أنها اضطرت لحذف نحو 7 آلاف تعليق على عضو الشورى المشار إليه، مؤكدين أنه لم يتلمس هموم المجتمع فلم يدافع عن رواتب الموظفين المتدنية، وأكدوا أن مجلس الشورى هو صوت الشعب إلا أن العضو تجرد من ذلك وانحاز إلى رأي الطبقة المخملية . وذكر البعض صراحة أن من الطبيعي أن يكون إنتاجية الموظف السعودي أقل من راتبه في ظن ذلك العضو وربما أعضاء آخرين يوافقونه الرأي ذاته ؛ فهم لا يعلمون أن لديه جمعية للإيجار وسداد الفواتير وقسطا للسيارة ولديه استقطاعا شهريا لحصوله على قرض من بنك! وكم كان بودي أن يكون الكلام يحمل منهجية منطقية، فيقال إن الرواتب مجزية لأسباب محددة مبنية على إحصائيات دقيقة، تتعلق بالدخل والإنفاق بحيث يقاس بارتفاع الأسعار ويقارن مقارنة دقيقة ، وحينها يكون الإقناع ، وليت ذلك العضو الذي عارض أورد المقياس الذي على أساسه قاس الإنتاجية ووجد أنها لا توازي الرواتب المصروفة للموظفين. وتمنيت تدخل جهات أخرى لها مساس بالرواتب والموظفين ، وأعني تحديدا وزارة الخدمة المدنية ، فتذكر للمجلس الموقر معاناة الموظفين من عدم الترقية وتأخرها كثيراً، وأعرف بدوري موظفا حكوميا امتدت خدمته لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً ولم تتم ترقيته سوى مرتبتين فقط! ليتنا ونحن نناقش مثل هذا الأمر نناقش معه الحقوق والواجبات الوظيفية ، والتي يبدو أن وزارة الخدمة المدنية لا تريد تحديدها وتأطيرها بشكل دقيق بحيث يعلم الموظف كل واجباته مكتوبة وواضحة فيلتزم بأدائها ويحاسب على تقصيره في أي بند منها، وهنا تقاس الإنتاجية التي يريدها العضو الذي ربما كان كلامه قاسيا وبعيدا عن الإقناع. وفي ذات الوقت فإن الحقوق هي أيضا ليست واضحة وتجد الموظف رهيناً لأوامر وتوجيهات رئيسه المباشر حتى فيما يتعلق بساعات الدوام والانتداب وخارج الدوام، فكل ذلك مرهون برضا الرئيس المباشر، وليست هناك لائحة يفترض التقيد بها في الغضب وعدمه؛ إذ العلاقة علاقة عمل. لقد سبق لهذه الزاوية مطالبة وزارة الخدمة المدنية بطباعة كتيب يتم تسليمه رسميا لكل موظف مهما كانت مرتبته يحوي الواجبات والحقوق وكان بعنوان:(كتيب الوظيفة ..ياوزارة الخدمة المدنية) ، وأذكر حينها أيضا المطالبة ببيان الإجازات ومايترتب عليها ، وكذلك النظام التقاعدي الغامض؛ فأنت تتعجب من موظف لا يزال على رأس العمل في حين أنه لو تقاعد فإن راتبه سيفوق راتبه الحالي! إن مسألة الإنتاجية ومقارنتها بالراتب لا تستقيم في كل حال ؛ فالبعض تكون وظيفته فكرية ، فهو لا يطالب بأداء أو إنتاج محسوس كأعضاء مجلس الشورى أنفسهم، وكذا أساتذة الجامعات وغيرهم، فالفكر والنتاج الفكري لا يقاس كمّاً بل نوعاً. أما النتاج الحسي فهو ممكن التطبيق في وظائف معينة إما عن طريق الحاسب أو مايتم تدوينه أحيانا في بعض السجلات، وهذا يكون في نطاق محدود جدا. وعموما فإن الرواتب يفترض أن تخضع دوما لقياس المستوى المعيشي للفرد ، فتكون مرتبطة به، أما في الوضع الحالي فإن التوصية كان يفترض أن تكون بإقرار الزيادة لا برفضها نظير الارتفاعات المتوالية في أسعار السلع وكذا الإيجارات ، وكان المرجو أن يكون المجلس واقعيا يدرس مثل هذه الأمور علميا ويطبقها عمليا، وحينها يكون التصويت عليها ، وألا يكون الرفض أو القبول تبعا للرأي الشخصي بل بعد دراسة يشكّل لها فريق بحث ويكون البحث متوافقا مع الأسس العلمية المتبعة وتعرض نتائجه وتوصياته بعد ذلك على أعضاء المجلس الموقرين. إن المرجو أن يتلمّس المجلس حقيقة حاجات المواطن ويدرس كل مايطالب به، ولا نقول بإقرار الكل لكن الدراسة يفترض أن تكون علمية مقننة ومقنعة ، وبعدها تظهر على المواطن علامات الرضا بما أُقرّ أو رُفض. فهل يستجيب مجلس الشورى ، ويجعل ديدنه البحث الميداني لحاجيات المواطن ، بعيدا عن فكر بعض أعضائه أو آرائهم التي ربما تكون فردية؟ [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (68) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain