رسالة وردتني تنبعث منها الآهات، وفيها الكثير من الزفرات، ويبدو واضحًا أن باعثها قد غلبته العبرات، فبعث بها برجاء طرح ما جاء في ثناياها وما احتوته في طياتها. إنها رسالة لا ينتابني أي شك في صدق كل كلمة وردت بين سطورها، وأجدني أمامها أسيرًا لا أنفك منها حتى أعود لتفاصيلها المؤلمة وحكايتها المحزنة. إنها تروي ألما يعاني منه معظم البيوتات في مجتمعنا، وتبث معاناة الأسر السعودية بشكلٍ عام، وما يجدونه من تعامل مع هذه القضية، فهو لا يمكن وصفه ويستحيل رسمه. لا أود الإطالة -مع أن الرسالة تستحق أكثر بكثير مما ذُكر آنفا- فهي قصّة رجل له أبناء، وتوفيت زوجته وذاق من المرارة ما الله به عليم جراء الحصول على خادمة، وبحسب رسالته فقد جرّب العديد من الجنسيات، ووجد العجب العجاب، إلى أن أقدم على تقديم تأشيرة للحصول على خادمة من الفلبين، وهو الآن ينتظرها وقد مضى على ذلك أكثر من ثلاثة أشهر. وتكمن معاناة الرجل بعد سفر خادمته الإندونيسية، فأتى من إفريقيا بخادمة كان جل همّها السحر والشعوذة، ثم أقدم على طلب تأشيرة أثيوبيّة فإذا القرار يأتي بإيقاف الاستقدام منها، ليجد نفسه مضطرا للإقدام على الفلبين وقد أضناه الانتظار لأكثر من ثلاثة أشهر، وأجده في نهاية الرسالة يناشد الجهات القائمة على الاستقدام بالعودة لأشهر بلد قدم منه خادمات للبيوت (إندونيسيا) وإعادة فتح الاستقدام منه، ويُؤكِّد أنهن الوحيدات اللاتي يمكن أن يعملن في مجتمعنا، ويتأقلمن مع الأسر السعودية بشكلٍ عام. والواقع يُؤكِّد صحة ما ذكره صاحب الرسالة، ويُؤيِّد مطالبته المنطقية، وبعد تأمُّل في الرسالة أجدني ملزمًا بطرح بعض الرؤى، لعلها تجد الدعم من قبل المسؤولين بوزارة العمل، وخاصة اللجنة الوطنية للاستقدام، ومن ذلك: فعلى الرغم من حساسية القضية وأهميتها بالنسبة لكل بيت سعودي، إلا أن اللجنة الوطنية للاستقدام لا تتفاعل معها بالشكل المطلوب، حيث إنها تفاوض دولة لغرض الإفادة من الأيدي العاملة فيها كخادمات؛ وتمكث شهورًا بل ربما سنوات، وتمنع الاستقدام من دولة أخرى دون وجود البديل، في الوقت الذي يعاني فيه أرباب الأسر! ولا أعلم لماذا هذه الإطالة في التفاوض، فبلدان العالم متعددة، وكثير منها يعاني من البطالة؛ وعدم وجود الوظائف لمواطنيه، ومن هنا فالاستقدام لا يبدو معضلة، ولكن يظهر أن عدم إدراك حجم المعاناة أدى إلى جلساتٍ عديدة، وفي نهاية المطاف كانت النتيجة: لم ينجح أحد! متابعة المكاتب ومماطلتها وطول مدة الاستقدام، كل هذه الأمور لا يدري المواطن إلى من تكمن المرجعية فيها، والمفترض أن يكتب صاحب كل مكتب هاتف الشكاوى سواء في وزارة العمل أو في اللجنة الوطنية للاستقدام، وقد بات منتشرًا الآن طول فترة الاستقدام من الفلبين، وأن من رام ذلك فعليه المكوث لأشهر طويلة حتى تصل الخادمة، وكانت المعاناة قبل وبعد ذلك مع الهاربات، فحتى كتابة هذا المقال لا تزال الإجراءات غير الصارمة مع هذه الظاهرة مستمرة، ومع فترة التصحيح تم اكتشاف مئات الآلاف من الهاربات، وكان التعامل مع ذلك على غير المتوقّع، فالخادمة يتم تخييرها بين العودة لكفيلها أو اختيار كفيل آخر، ليضعنا هذا التخيير أمام علامات التعجب والاستفهام، فما ذنب من دفع تكاليف الاستقدام حتى يخسر أمواله وعاملته وتذهب لشخص آخر، هكذا بدون مقابل؟! إن إيجاد مكاتب كبرى يتاح لها استقدام عدد من الخادمات بحيث يمكن للمواطن الحصول على خادمة وفي وقت وجيز جدًا وفق ضوابط معينة -كما هو معمول به في دول مجاورة- يبدو أنه حل واقعي، والجميع ينتظره بفارغ الصبر، وقد تم الإعلان عن شيء من ذلك، ولكن على أرض الواقع لم يتغير شيء حتى الآن. وباسم صاحب الرسالة (م. العتيبي) أناشد القائمين على الاستقدام بإعادته من إندونيسيا، فقد أثبتت التجارب أن هذا البلد هو الوحيد الذي يُمكن أن يتأقلم سكانه مع مجتمعنا من نواح عديدة، ووقوع بعض الهفوات أو الزلات والخطأ من البعض لا يفترض تعميمه على الكل. والمرجو من اللجنة الوطنية للاستقدام التعامل بشكل عاجل لإنهاء كل ما يمكن اعتراض الاستقدام، لأن التأخير في إيجاد الحلول السريعة لتلك القضية لم يخدم المجتمع بل يؤدي إلى انتشار السوق السوداء وارتفاع التكاليف والهروب، وكل ذلك يمكن أن ينتهي إذا ما أنهينا كل ما يعترض الاستقدام بشكلٍ سريع.. والمكاتب حلم يظل يُراوح مكانه، فهل يتحقق..؟! [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (68) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain