وافدون تركوا أهلهم بحثاً عن لقمة العيش، وغرباء تركوا ديارهم تعيش تحت خط الفقر بحثاً عن فرص أفضل للحياة، ومعدمون اعتقدوا أن هذا البلد هو ملاذهم الأخير للعيش وجمع قوت أبنائهم، ثم استقروا وساهموا في تنمية البلد؛ لذلك فلا أظن أن هذا البلد الذي تهوي إليه أفئدة المسلمين وبطون الجائعين عاجزٌ عن أن يمدد مهلة تصحيح أوضاعهم فترة أخرى، وذلك بعد أن غصت السفارات ومكاتب الجوازات بالآلاف منهم بحثاً عن اللقمة الآمنة. للحقيقة، لا يوجد ناصح لهذا الوطن وخائف عليه قد أغضبته فرصة تصحيح أوضاع العمالة، لكن أخطاء عشرات السنين لا تعالجها بضعة أشهر، والذين لم يصححوا أوضاعهم لسفرهم، أو لقلة وقت المهلة، يتطلعون اليوم لأن ينظر إليهم خادم الحرمين الشريفين بعين الرحمة والمسؤولية، ويعطيهم الفرصة الأخيرة للعيش والانتماء لهذا البلد. لقد رفعت وزارة العمل رسوم رخصة العمل إلى 2400 ريال، واستغل أصحاب مكاتب الخدمات حاجات العمالة فرفعوا أسعار التعقيب الخدمي، واستغل بعض ضعاف النفوس من أصحاب العمل حاجة العمال إلى تصحيح أوضاعهم وفرضوا رسوماً أخرى على نقل كفالاتهم، ومع كل ذلك فهم لم يتذمروا، أو يحتجوا، أو حتى يعترضوا؛ لذلك فإني أتمنى على وزارة العمل بدلاً من تهديدها بالويل والثبور لهؤلاء الوافدين إعطاؤهم الفرصة الأخيرة لإصلاح أوضاعهم، وبدلاً من أن تدق الإسفين الأخير في نعش ترحيلهم تمنحهم فرصة الإنتاج والعمل وفق الأنظمة واللوائح المعتمدة. إن وزارة العمل إذا كان هدفها التصحيح وليس الترحيل فإنه يجب أن تقوم بجولة خاطفة على مكاتب الجوازات، وسفارات دكا ونيودلهي وجاكرتا؛ لتدرك أن هذه الأعداد لن تكفيها أقل من ستة أشهر عمل كاملة، أما إذا كان هدفها ترحيل العمالة والتخلص من تزايدها فيجب أولاً أن تتخلص من محاباتها لبعض الشركات العملاقة، وإيقاف مئات التأشيرات لصالح بعض الأمراء المتنفذين، الذين أغرقوا البلد بعمالة العرق المسكر والدعارة.. وسلامة فهمكم.