كشفت رزان المبارك الأمين العام لهيئة البيئة بأبو ظبي، عن البدء في تنفيذ مشروع زراعة مليوني شجرة قرم على امتداد ساحل إمارة أبو ظبي، على أن ينتهي المشروع نهاية ديسمبر 2014، برعاية من ديوان سمو ولي عهد أبو ظبي ودعم من المجلس التنفيذي. وقالت المبارك إنه تم الانتهاء في العام الجاري من زراعة ما لا يقل عن 350,000 شتلة حول المغيرة والمرفأ، وهناك خطة لكي يصل عدد الشتلات إلى مليون شتلة بحلول شهر ديسمبر 2013، و2 مليون شتلة بحلول شهر ديسمبر 2014. وتقوم هيئة البيئة أبو ظبي بمراقبة البرنامج لضمان أن تتوافق عمليات الزراعة مع المعايير الدولية. وأكدت أن الهدف الرئيس من البرنامج زيادة غطاء أشجار القرم على طول ساحل أبو ظبي، للتخفيف من آثار عمليات التنمية الساحلية، وقالت إنه تم اختيار المناطق المحتملة لزراعة أشجار القرم على أساس معايير مختلفة، منها سهولة الوصول والسماح باستخدام الأرض وملاءمة الرواسب، حيث تم اختيار خط الساحل بين المرفأ وثميرية. من ناحيتها، قالت شيخة الظاهري المدير التنفيذي لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري بالهيئة، إن إمارة أبو ظبي تتميز بامتلاكها لمناطق واسعة من أشجار القرم، تبلغ مساحتها 141 كلم 2 ، على جزرها وأجزائها الساحلية. بعض من أشجار القرم طبيعية والبعض الآخر تمت زراعته حيث يمكن مقارنة بعضاً من أشجار القرم المزروعة ، التي يصل عمرها إلى أكثر من 30 سنة، مع أشجار القرم الطبيعية التي تنمو بشكل جيد. وأشارت إلى أن أشجار القرم التي تدعم مجموعة واسعة من التنوع البيولوجي قد تأثرت بعمليات التنمية والتطوير واسعة النطاق التي تشهدها دولة الإمارات، ومن أجل تخفيف آثار تدهور وفقدان موائل أشجار القرم ، الناتجة من أنشطة التطوير، في إمارة أبو ظبي، تقوم هيئة البيئة أبو ظبي بتطبيق خطة استباقية، من خلال قيامها بعمليات زراعة واسعة النطاق لأشجار القرم. وأكدت أن زراعة أشجار القرم لا تعود بفوائد بيئية فقط، بل بفوائد اقتصادية أيضاً. تحمي أشجار القرم الشاطئ من التعرية والتآكل الناجم من الأمواج والتيارات البحرية. وعلاوةً على ذلك، توفر أشجار القرم مواقع حضانة هامة للأسماك الصغيرة والربيان والقشريات، كما توفر أيضاً ملاجئ هامة للطيور المعششة في الجزيرة. فوائد كبيرة وأضافت الظاهري: تدرك هيئة البيئة أبو ظبي، أهمية حماية أشجار القرم الطبيعية الكبيرة النامية بشكل جيد ، وليس هناك مقارنة للقيم البيئية لمجموعات أشجار القرم الطبيعية مع أشجار القرم المزروعة حديثاً. ولقد أظهرت الدراسات، التي أجريت مؤخراً في أبو ظبي، أن أشجار القرم الطبيعية لها المقدرة على تخزين وعزل الكربون على نحو أكبر، مقارنةً بأشجار القرم المزروعة حديثاً. وتغطي أشجار القرم مساحة 75 كيلو متراً مربعاً بالدولة، وتضم الإمارات أحد الأنواع النادرة الذي يطلق عليه القرم الرمادي أو أفيسينيا مارينا، فيما تؤوي إمارة أبو ظبي (85 %) من أشجار القرم الموجودة بالدولة. بيئة غنية وتصنف مستنقعات القرم على أنها من أغنى البيئات في البيئة البحرية، وتتميز أشجارها بمقاومتها الشديدة للملوحة، كما تتميز بنمو جذور هوائية من مجموعها الجذري المتشعب المغمور تحت سطح الماء، حيث ترتفع فوق السطح بارزة كأعمدة صغيرة لتسهل للجذر المغمور الحصول على الهواء الجوي والقيام بالتنفس. وتنمو أشجار القرم في مناطق المد والجزر، وبالرغم من أن زيادة مساحة غابات القرم في إلامارة، إلا أن هناك بعض المواقع التي تأثرت فيها أشجار القرم بشكل سلبي، نتيجة النشاطات البشرية، مثل شق الطرقات وحفر القنوات. القائمة الحمراءللاتحاد الدولي: القرم من الأنواع المهددة وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، فقد تم تصنيف أشجار القرم ضمن الأنواع المهددة، نتيجة فقدان مواطنها الطبيعية في العديد من مواقع وجودها، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى عمليات اقتلاعها وتنمية المناطق الساحلية. وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله ، قد أطلق في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، برامج عديدة للتشجير واسعة النطاق لزراعة أشجار القرم في دولة الإمارات، ساهمت إلى حد كبير في اتساع رقعة غابات القرم على مدى العقود الماضية. ونجحت هيئة البيئة في إعادة توطين نوع من أشجار القرم يسمي ب (ريزوفورا مكروناتا)، والذي كان ينمو بصورة طبيعية في دولة الإمارات، ثم تعرض للانقراض بسبب الاستغلال المفرط ، حيث تمكنت الهيئة من خلال زراعة أعداد كبيرة من شتلات هذا النوع في مياه جزيرة رأس غناضة، وذلك بعد 100 سنة من انقراضها. حماية القرم كما تمكنت الهيئة أخيراً من حماية ما يقرب من 60.000 متر مربع من أشجار القرم في إحدى الجزر، بعد أن كشفت تقارير المفتشين البيئيين عن خطة أحد المطورين لتنظيف المنطقة، بهدف توسيع القناة المائية. وقد اكتشف هذه المخالفة مفتشو الهيئة في زيارة روتينية لموقع المشروع. وبدأت هيئة البيئة إجراء الدراسات والمسوحات على النظم البيئية الساحلية في إمارة أبو ظبي، والتي تشمل غابات القرم ومناطق الأعشاب البحرية ومستنقعات المياه المالحة، لتقييم قدرة هذه المناطق على تخزين الكربون الأزرق الذي يسهم في التخفيف من آثار تغير المناخ، حيث تعمل هذه المناطق على تخزين وعزل الكربون بشكل مستمر، وبمعدلات تفوق أحياناً الغابات الاستوائية. وتهدف إمارة أبو ظبي إلى توفير الريادة العالمية في فهم وتحفيز الروابط بين إدارة المناطق الساحلية وتغير المناخ في جميع أنحاء العالم، في ظل توجه الدول نحو الاقتصاد الأخضر. دراسة أولية وكشفت نتائج الدراسات الأولية التي أجريت حتى الآن لتقييم غابات القرم في أبو ظبي، أن الأشجار الكبيرة هي أكثر قيمة من المزروعة حديثاً. وكانت مبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية قد أطلقت أخيراً، وبدعم من هيئة البيئة - أبو ظبي، مشروع "الكربون الأزرق" الرائد الذي يربط إدارة النظم البيئية الطبيعية الساحلية المحلية بخطط للتكيف مع آثار تغيُّر المناخ والتخفيف من حدتها. فوائد نبات القرم تمثل أشجار القرم موائل طبيعية غنية وآمنة لتكاثر عدة أنواع من الأسماك والثعابين البحرية والسلاحف والأسماك التجارية، مثل الروبيان والسنوبر وسمك الناخر، فضلاً عن الطيور البحرية التي تتخذ من غابات القرم أماكن مناسبة للتعشيش ووضع البيض. تنمو غابات القرم في المناطق التي تقع بين خطي المد والجذر، وتسهم إسهاماً كبيراً في الحفاظ على البيئة، حيث تمنع تآكل السواحل وتعريتها بسبب الأمواج والتيارات البحرية. تشكل غابات القرم مصدراً رئيساً للغذاء والوقود والخشب، بالإضافة إلى استخدامها في الماضي كمواد خام لبناء البيوت والسفن، بسبب صلابتها ومقاومتها العالية للتعفن والنمل الأبيض.