دعا النائب السابق عن جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة في البحرين محمد جميل الجمري، النظام إلى الابتعاد عن إسلوب تقطيع الوقت والمراهنة على المتغيرات الإقليمية المنامة (فارس) وقال الجمري في حوار مع مراسل وكالة أنباء فارس أن "الأزمة في البحرين لها جذور تأريخية تمتد إلى قرابة القرن من الزمان ولا يمكن حلها دون التوافق مع الشعب للخروج بصيغة يكون الشعب فيها مصدرا للسلطات جميعا". واضاف أن "الحكومة تراهن على أن المتغيرات ستفضي إلى بقاء الأوضاع على ما هي عليه، وهذا تصور واهن"، مؤكداً أن رياح التغيير تهب على المنطقة ولا يمكن استثناء بلد من التغيير. وعن مصير البحرين نتيجة مقاطعة المعارضة للحوار، بين القيادي في جمعية الوفاق انه لا مخرج للأزمة من دون جلوس الحكم أمام المعارضة على طاولة حوار توصل إلى توافق، مبيناً في الوقت ذاته أن الحكومة جربت كل أنواع البطش بالمعارضة وبالشعب المطالب بحقوقه والنتيجة مزيدا من التأزم والاحتقان السياسي. وعن تصاعد الانتهاكات الحقوقية وموقف المنظمات منها، أشار الجمري إلى أن السلطات في البحرين لم تظهر جدية في الحد من الانتهاكات، لافتاً إلى أن الاهتمام الدولي تجاه واقع حقوق الإنسان في البحرين فهو وإن لم يكن متناسبا مع ما تشهده البحرين من انتهاكات إلا إنه أيضا لم يكن تماما في صالح الحكومة. وفيما يلي نص الحوار فارس: هل يمكن عدّ إسقاط الجنسية من المواطنين نموذج من إرهاب الدولة؟ المعارض محمد جميل الجمري: القوانين في البحرين سريعة التغير وقد تحركت الجهات الرسمية منذ سنوات وقدمت حزمة قوانين قصدت منها التضييق على أي حراك سياسي، ثم أجرت عليها تعديلات مع كل تطور وتوسع في الحراك السياسي من أجل محاصرة ما تبقى من فضاء لممارسة التعبير عن الرأي. وفي جلسة المجلس الوطني الاستثنائية بتأريخ 28 يوليو 2013 والتي عقدت في ظل أجواء تهييج للرأي العام تم إقرار مجموعة توصيات لتشديد العقوبات في قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية وجاء في التوصية الثانية للمجلس : إسقاط الجنسية البحرينية عن كل مرتكبي الجرائم الإرهابية والمحرضين عليها. وقد دأبت السلطات في البحرين في اعتبار كل من يعارض السلطة علانية محرضا لأية أعمال تقع ولا تتعب السلطات نفسها في إثبات علاقة المتحدث في موضوع سياسي مع أحداث مواجهات في أي مكان في البحرين، بل الأمر يتجاوز ذلك بأن أي منكر لفعل من أفعال الحكومة يعد محرضا حتى لو لم تقع بعد ذلك أية مواجهات مع قوات الأمن. ومن هنا فقد تم تهيئة الأرضية لإضافة مواد قانونية تجيز إسقاط الجنسية عن المعارضين السياسيين. هذه الممارسات من قبل الحكومة تأتي في إطار بث الرعب والخوف في نفوس المعارضين السياسيين حيث تم شرعنة مثل هذه الإجراءات بحيث يكون الاعتراض عليها بمثابة الاعتراض على تطبيق القانون. فارس: هل يجوز في دستور البحرين إسقاط الجنسية عن المواطنين؟ المعارض محمد جميل الجمري: في المادة 17 من دستور 1973 (والذي كان دستورا متفقا عليه بين الشعب والحكم) : أ – الجنسية يحددها القانون ، ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها بصفة أصلية إلا في حالتي الخيانة العظمى وازدواج الجنسية. إلا ان المادة من 17 من دستور 2002 والذي صدر بإرادة منفردة من الملك أبقى الباب مفتوحا لإسقاط الجنسية حيث نصت المادة: الجنسية البحرينية يحددها القانون ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها إلا في حالة الخيانة العظمى , والأحوال الأخرى التي يحددها القانون. حيث فتح الباب أمام إسقاطها طبقا للقانون ورأينا كيف تم إضافة مواد للقانون تجيز ذلك، ونحن كمعارضة نرى بأن هناك مشكل دستوري حيث إننا دائما عبرنا عن معارضتنا للتغييرات التي أجريت على الدستور بعيدا عن التفويض الشعبي. فارس: المعارضة تطالب بحوار جاد والسلطة تصعد من حملتها، إلى أين تسير البحرين؟ المعارض محمد جميل الجمري: لا مخرج للأزمة التي تعيشها البحرين من دون جلوس الحكم أمام المعارضة على طاولة حوار جاد يفضي إلى توافق. لقد جربت الحكومة كل أنواع البطش بالمعارضة وبالشعب المطالب بحقوقه والنتيجة مزيدا من التأزم والاحتقان السياسي ولا إمكانية للحكم بفرض الأمر الواقع على الشعب. لا بد للحكم من الابتعاد عن إسلوب تقطيع الوقت المراهنة على المتغيرات الإقليمية فالأزمة في البحرين لها جذور تأريخية تمتد إلى قرابة القرن من الزمان ولا يمكن حلها دون التوافق مع الشعب للخروج بصيغة يكون الشعب فيها مصدرا للسلطات جميعا وتكون هناك شراكة في اتخاذ القرار وعدالة في توزيع الثروة. فارس: المتغيرات الإقليمية والدولية هل ستؤثر إيجاباً على البحرين لحل الأزمة؟ المعارض محمد جميل الجمري: الحكومة تراهن على أن المتغيرات ستفضي إلى بقاء الأوضاع على ما هي عليه، وهذا تصور واهن حيث أن رياح التغيير تهب على المنطقة ولا يمكن استثناء بلد من التغيير. على الحكومة الرجوع إلى شعبها والتفاهم معه وعدم التعويل على متغيرات خارجية تخلصها من الورطة التي هي فيها. فارس: أمهلتكم السلطة للعودة للحوار، ماذا تتوقعون في حال استمر تعليق مشاركتهم؟ المعارض محمد جميل الجمري: هم يعلمون أن عدم عودة المعارضة للطاولة يعني أن لا حوار، فالأطراف الموجودة كلها من لون واحد وهي متفقة تماما وتعضد بعضا الآخر فجلوسها دون المعارضة لن يفضي إلى أي تغيير، ومن دون التوافق مع المعارضة لن يكون هناك أي مخرج من الأزمة. فارس: هل التواصل بين المعارضة النظام منعدمة حالياً؟ المعارض محمد جميل الجمري: لا يوجد أي تواصل حاليا مع المعارضة، والحكومة لم تظهر أبدا الجدية في الحوار مع المعارضة حيث كانت إذا تقدمت خطوة تراجعت بعدها خطوات ومن هنا رأينا التدهور في الوضع الأمني مع بدء ما سمي بحوار التوافق الوطني الثاني. فارس: كيف تقيم واقع حقوق الإنسان في البحرين، ولماذا هذا الصمت الدولي تجاه الانتهاكات؟ المعارض محمد جميل الجمري: لم تظهر السلطات في البحرين جدية في الحد من الانتهاكات، وعمدت بدلا عن ذلك إلى مزيد من مشاريع العلاقات العامة حيث يهمها فقط إسكات الأصوات المنادية بتصحيح الأوضاع الحقوقية في البحرين. أما بخصوص الاهتمام الدولي فهو وإن لم يكن متناسبا مع ما تشهده البحرين من انتهاكات إلا إنه أيضا لم يكن تماما في صالح الحكومة ومن هنا رأينا الحكومة محرجة في جلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف وتوقيع 47 دولة على بيان يطالب الحكومة بإصلاحات. / 2811/