ADEN FM – خاص تقرير – فؤاد الفتاح يجمع معظم خبراء الاقتصاد على أن هذا البلد لا يشكو من ضآلة المال بل من ضعف القدرة على استيعاب المبالغ التي يتلقاها من المساعدات الخارجية وكيفية إنفاقها وفق خطط مدروسة على مشاريع مجدية تنعكس إيجابا في مساعدة الشعب اليمني على بلوغ أهدافه في العيش الكريم ،لعل ما يزيد الطين بله هو أن الحكومة لا تمتلك رؤية كاملة لاستيعاب المنح الخارجية بل إن الركون على الخارج أفقدها أيضا القدرة على استغلال الموارد المحلية مثل الضرائب والجمارك والثروة النفطية والسمكية والسياحة وتقليص الفساد المالي والإداري وغير ذلك من الموارد التي من الإمكان أن توقف عناء البحث عن المنح والمساعدات والقروض،وبالنظر إلى المبلغ الذي تسلمته الحكومة من إجمالي تعهدات المانحين حتى ابريل يلاحظ أن مليار ريال يمثل وديعة في البنك المركزي فيما المبلغ المتبقي أنفقته الحكومة في مشاريع استثمارية، وهو مبلغ بسيط جدا مقارنة بالمبلغ الإجمالي خاصة وأن مرحلة الفترة الانتقالية التي يفترض أن يتم فيها استثمار معظم التعهدات قد قربت على الانتهاء حيث مضى منها حتى اللحظة أكثر من ثلثين ولم يتبقى سوى 6 شهور. من جانب أخر المانحين أبدوا قلقهم من الإجراءات والخطوات التي قامت بها حكومة الوفاق في الجانب الاقتصادي والأمني والإنساني رغم التقدم السياسي الحاصل في تلك الفترة مثل الانتخابات الرئاسية وإعلان الحوار الوطني.ومقابل تركيز عين المانحين على الوضع الاقتصادي المتدهور فأن نتائج الاجتماع القادم المتوقع إنعقادة في مارس ربما لا تلبي الآمال والتطلعات، ولذلك فأن التعويل على الخارج سيجعل الحكومة في وضع محرج خاصة وأن الرأي العام المحلي ينظر إلى الخطاب الإعلامي الذي أعقب الاجتماعات السابقة بأنها حققت نتائج إيجابية، وأن مبلغ 8 مليار يمثل إجمالي تعهدات المانحين كان قاب قوسين أو أدنى من الخزينة العامة آنذاك، ومعظم تلك الأموال ربما قد دخلت إلى الخزينة خلال الفترة الماضية وتحديدا منذ مارس، لكن الواقع أثبت نقيض ذلك، وكل ما أعلن عنه المانحون مشروط بإصلاحات سياسية واقتصادية، وكل ما تم انجازه حتى اللحظة هو تقدم في الجانب السياسي فقط، وما يزال هذا التقدم مرهون بنتائج مؤتمر الحوار الوطني وما سيؤول إليه المؤتمر بشكل عام. بدوره الاتحاد الأوروبي أكد ،في بيان له نشر في الحادي والعشرين من أكتوبر الماضي، استشراء الفساد المالي والإداري واتساع رقعة المحسوبية في دهاليز حكومة الوفاق في اليمن ، داعياً إياها إلى إجراء الإصلاحات اللازمة على وجه السرعة بهدف الحد من الفساد في القطاع العام وتحسين الإدارة العامة لاسيما إزالة الموظفين الوهميين من القطاعين المدني والعسكري واتخاذ خطوات نحو إصلاح برنامج دعم المشتقات النفطية تدريجيا مع مراعاة تعزيز شبكة الضمان الاجتماعي وتنفيذ خطة عمل لتوظيف الشباب،وأكد في نفس البيان إخفاق حكومة الوفاق الوطني في كسب ثقة المانحين وفشلها في استيعاب أموال المانحين, مطالباً إياها بالإسراع في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لضمان الدعم لليمن،وأضاف البيان : «انه وبدون اتخاذ هذه الخطوات، فإن الانتعاش الاقتصادي وتحسين الوضع الإنساني المتردي في اليمن لن يكون ممكناً،وفي الثامن والعشرين من شهر أكتوبر الماضي قال مدير مكتب البنك الدولي في اليمن وائل زقوت إن الحكومة لم تعطِ مكافحة الفساد الأهمية التي تستحقها ليشعر المواطن اليمني بالالتزام الحكومي على كافة المستويات وبجدية الحكومة في تحدي الفساد الشيء الذي يفقدها مصداقيتها تجاه الشعب،وأكد زقوت أن حكومة الوفاق لم تنفذ أي شيء من خطة النقاط الست لمكافحة الفساد بشكل ملموس، مطالباً الحكومة بالأفعال لمكافحة الفساد وليس قرارات.. وحثّ زقوت الحكومة على تقديم كل الدعم وإعطاء الصلاحيات إلى الهيئة الجديدة لمكافحة الفساد لتضطلع بمهامها على أكمل وجه.. وذكر أن الفساد يعتبر مشكلة حقيقية في اليمن وأنه أحد أسباب تعثر تنفيذ المشاريع الممولة من المنح والقروض الخارجية. وفي سياق متصل انتقد البنك الدولي استشراء الفساد في دهاليز حكومة الوفاق الوطني ، مؤكدا أن موارد اليمن العامة ستبقى محدودة خلال المستقبل المنظور ، وذلك في وقت كشفت إحصائية استقصائية إنفاق حكومة الوفاق الوطني مليارين وأربعمائة وسبعة وثمانين مليوناً وسبعمائة وخمسين ألف ريال (2.487.750.000) ريال على عدد 155 سفرية ومشاركة خارجية معلنة" احتفالات، ندوات، ملتقيات، مؤتمرات .." حضرها أعضاء الحكومة خلال العام الماضي 2012م.ودعا البنك الدولي اليمن إلى أهمية إجراء المزيد من الإصلاحات لتحسين نظام الإدارة المالية العامة لدعم النمو واستيعاب الموارد المتاحة بشكل أكثر فاعلية . ووفقا لما أوردته صحيفة ( الثورة ) الرسمية في الحادي عشر من أغسطس المنصرم فقد أوضح تقرير صادر عن البنك الدولي أنهُ على الرغم من تحسن آليات وأساليب الشراء والتعاقد لكن اليمن تحتاج إلى مزيد من الاهتمام كون الفساد ما زال مستشرياً , مؤكداً أن ضعف الحكومة والقطاع العام يمثل عائقاً أساسياً بالنسبة لليمن لتحقيق التنمية وأهداف النمو. ویؤكد اقتصادیون أن حكومة الوفاق لم تسْر وفق أجندة اقتصادیة محددة للمرحلة الانتقالیة، كقضایا الغذاء والمشكلات التنمویة كالبطالة والفقر، وتعزیز الموارد المالیة، وأیضا استغلال الموقف الجاد للمانحین، وشركاء الیمن في التنمیة وكسب ثقتھم، لتمویل البلاد بموارد خارجیة تسمح بالعبور من المرحلة الصعبة، وتحقق نمو اقتصادي ینقل المجتمع إلى مسار النمو السریع، وانتشار ثمارالتنمیة على مستوى فئات المجتمع كافة، ویمثل ضیاع فرصة استعداد المانحین لدعم الیمن نكسة كبیرة هزت ثقة المانحین بقدرة الیمنیین، وقد لا تتكرر هذه الفرصة على مدى السنوات القادمة،مما هز ثقة المستثمرینالمحلیین والأجانب وأدى إلى إحجامھم عن الاستثمار في الیمن وستمتد هذه المعضلة لسنوات قادمة، وسنواجھ في المرحلة القادمة تبعات اقتصادیة كبیرة. ورغم ما تواجهه حكومة الوفاق الوطني من انتقادات حادة لإخفاقها في تنفيذ برنامجها في إطار حدوده الدنيا، إذ ازدادت الأوضاع سوءاً عما كانت عليه في السابق، في ظل الأوضاع التي تشهد تردياً في مختلف المجالات،إلا انها لم تحاول تحسين حال أدائها،الأمر الذي مثل عقبة كبيرة أمام تراجع الإستثمار وشكل بيئة طاردة لكافة المستثمرين المحليين والأجانب وقاد البلاد إلى التدهور الإقتصادي والتنموي بشكل عام،إذ تعد الكهرباء في اليمن من أبرز القطاعات المتعثرة والمليئة بالفساد، حيث وصف الوزير سميع الفاسدين في اوائل لقاءاته بموظفي الوزارة، ب "أسماك القرش"، دونما إدراك أن الأيام ستكشف فساداً ممنهجاً على مرأى ومسمع من الجميع في ظل إدارته،كما يعول الجميع على توليد الطاقة الكهربائية بالغاز نتيجة للتكلفة الكبيرة لتوليد الطاقة عبر المازوت أو الديزل، وتعتبر محطة مأرب الغازية في مرحلتها الأولى أولى المشاريع للتوليد عبر الغاز، وأولى المحطات التي تم إنشاءها بعد عقود من الزمن أهمل فيه هذا القطاع. وأكد اختصاصيون في مجال الكهرباء والطاقة الحاجة الملحة لإنشاء محطات جديدة تفادياً للأخطاء المتراكمة خلال الفترة الماضية والمتمثلة في الترميم للمحطات القائمة دونما وضع أي اعتبار لإنشاء محطات جديدة،في حين وضعت الكهرباء ضمن خططها تنفيذ مشروع محطة معبر الذي سيسهم بدرجة كبيرة في حل جزءاً كبيراً من إشكالية الانقطاعات المتكررة،ويعد المشروع من أهم الاستثمارات التي دعمتها أمريكا بنظام (ipp) بقدرة 400 ميغاوات والمقدم من الشركة اليمنية للطاقة المحدودة إحدى الشركات المحلية بالشراكة مع كبرى الشركات الأجنبية وذلك تلبية لطلب الحكومة لتغطية العجز من الطاقة، إلا أن المشروع متعثراً. وكان السفير الأمريكي بصنعاء جيرالد فايرستاين السابق قد كشف عن أسباب التعثر بقوله :" مشروع محطة كهرباء معبر الذي سيستخدم الغاز لانتاج الطاقة الكهربائية، حقيقية ظللنا ندعم تنفيذ هذا المشروع عبر شركات خاصة يمنية ومثيلاتها في امريكا ، والى الآن لم نتمكن من انجاز هذا المشروع ، والمعيقات من وزارة الكهرباء اليمنية فلم يقوموا بالدور المتوقع منهم لإنجاز هذا المشروع". وهاجم السفير أداء حكومة الوفاق الوطني في الجانب الاقتصادي، مشيرا إلى أنها لم تحقق أي نجاحات في المجال الاقتصادي ولم تعمل على خلق بيئة استثمارية، في إشارة الى فشلها،وقال ان الحكومة لم تعمل على تطوير قطاع الطاقة والبنية التحتية كما لم تلتزم بتنفيذ المشاريع المتوافق عليها مع المانحين.