لندن: يغادر أمير الكويت الشيخ صباح الصباح لندن، اليوم الجمعة، إلى بلاده التي تشهد أزمة سياسية خانقة، وذلك بعد عدة أيام قضاها ضيفا على الملكة إليزابيث الثانية، في زيارة دولة، حرصت فيها الملكة على الاهتمام بكل شيء، حتى التفاصيل الصغيرة، مثل ترتيب أماكن جلوس الضيوف، وأنواع زهور الزينة الموضوعة على المائدة. ومعروف أن أبنة جورج السادس، وحفيدة جورج الخامس، الذي غير أسم الملكية من ساكس كوبرغ إلى ويندسور، لا تستقبل أي زعيم عالمي، في زيارة دولة، إلا مرة واحدة فقط، لكن يمكن استقباله بشكل غير رسمي أي وقت، ذلك لأن تقاليد أهل الحكم في لندن، التي تغيب عنها الشمس كثيرا، تمنع الملكة من استقبال أكثر من زعيمين، كل عام، في زيارة رسمية. ولعل هذه الزيارة الرسمية التي ألتقى فيها الأمير عددا من كبار سياسي المملكة المتحدة، أسهمت في تخفيف حالة الاحتقان المتبادل بين العاصمتين، حيث كانت العلاقة بين الكويتولندن، تعاني من أزمة صامتة، خلال الأسابيع الفائتة، بسبب شكوك كلا الطرفين في جدوى التحالف التاريخي بينهما، على خلفية أحداث الربيع العربي. وطاف أمير الكويت، صاحب التجربة السياسية الطويلة، والعلاقات الدولية الواسعة، بكافة مفاصل لندن، سياسة واستثمارا، ابتداء من "غيلدهو"، مرورا بوستمنيستر أبي، وليس انتهاء بلانكيستر، وساند هيرست، وقلعة وندسور، وذلك في إطار لقاءات عديدة جمعته مع أهل سياسة، ورجال مال، واقتصاد، وصائدي صفقات، إضافة إلى الباحثين عن عقود من أمارة النفط. وحضر أمير الكويت وديفيد كاميرون حفل توقيع اتفاقيات ثنائية بين الكويت وبريطانيا، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم بشأن الهجرة بين البلدين وقعها عن الجانب الكويتي النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية احمد الحمود الجابر الصباح وعن الجانب البريطاني وزير الدولة للشؤون الخارجية وشؤون الكومنولث اليستر بيرت. كما تم توقيع كتاب النوايا المتبادلة، ومذكرة تفاهم لتسهيل الزيارات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة بدون تأشيرة. ولاحظ الذين قدر لهم رؤية أمير الكويت، خلال زيارة الدولة التي قام بها إلى لندن، مسحة التفاؤل والروح المعنوية العالية لحاكم أمارة تعاني من أزمة سياسية خانقة، ما يشير إلى أن في ذهن السياسي العتيق طبخة ما، وتصور ما، لما سيحدث خلال الاستحقاق الانتخابي المقبل. يشار إلى أن آخر زيارة رسمية لأمير الكويت كانت عام 1995 رغم أنه يتردد على العاصمة البريطانية من فترة لأخرى في إجازات خاصة. وستكون الانتخابات التي تبدأ يوم غد هي يوم الاختبار الكبير لقوة المعارضة، أو الحكومة، بعد أن زادت الحالة السياسية في البلاد غليانا مع إعلان أمير البلاد قراره بتعديل نظام الانتخابات، ليصبح الاقتراع محصورا بالتصويت لمرشح واحد بدلا من أربعة مرشحين. وتعاني الكويت من حالة الترامح المستمر بين الحكومة والبرلمان، منذ عدة سنوات، الأمر الذي أدى إلى تشكيل أكثر من 7 حكومات في فترة قصيرة، حيث لم يعد يهنأ وزير بكرسي، أكثر من عدة أسابيع، وكأن "الكراسي الحكومة ليست أكثر من مجرد كراس في محل حلاقة كبير، يتناوب عليه الزبائن"، على حد تعبير مراقب خليجي. ومنذ منتصف 2006، استقالت تسع حكومات، وجرى حل البرلمان ست مرات. وكانت المعارضة حققت فوزا ساحقا في انتخابات شباط (فبراير) 2012 وحصلت على 36 مقعدا من اصل 50، إلا أن المحكمة الدستورية ألغت هذا البرلمان في حزيران (يوينو)، ما جعل قيادات المعارضة تطلب من مؤيديها النزول إلى الشارع. وأقرت الكويت منذ عام 2010 خطة تنموية تتضمن مشاريع تقدر كلفتها بثلاثين مليار دينار حتى سنة 2014 لكن لم يتحقق منها سوى القليل بسبب النزاع السياسي بين السلطة والمعارضة.