الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تتوانَ يوماً عن الالتزام بالاتفاقات المبرمة حول برنامجها النووي ولكن الطرف المقابل لم يتوانَ عن نقض هذه الاتفاقات وعمل على تأزيم الأوضاع بشكل متواصل ليسجل تأريخاً أسوداً يعكس واقعه. طهران (فارس) إنّ المشكلة النووية تعد أهم ملف تتعامل معه الجمهورية الإسلامية الايرانية في الوقت الراهن على الصعيدين الداخلي والخارجي ويرى المراقبون لو أنّ طهران انتصرت في مواجهتها هذه مع الغرب فإنّها تكون قد حققت أعظم إنجاز سياسي معاصر. قبل 10 أعوام في حين أنّه لم يمض أكثر من 20 عاماً على امتلاك إيران للطاقة الذرية السلمية آنذاك قام رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق محمد البرادعي بزيارة طهران في عام 2003م لتفقد المنشآت النووية وزعم أمام 35 عضواً من مجلس رئاسة الوكالة بأنّ الجمهورية الإسلامية الايرانية غير ملتزمة بقرارات معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (NPT) ومنذ ذلك الحين وإلى اللحظة أصبح الملف النووي الإيراني عامل ضغط تتشبث به البلدان الاستكبارية لمضايقة إيران حيث اقترحت البلدان الأوروبية عليها أن توقع البرتوكول الملحق بهذه المعاهدة وبعد شد وجذب عقد اجتماع في العاصمة البلجيكية بروكسل ووافقت طهران على تنفيذ مقترحاتهم بالكامل إلا أنهم لم يلتزموا بوعودهم وذلك في عام 2004م بالتحديد. وفي نفس هذا العام طالب المجلس الرئاسي للوكالة في بيان له بتعليق النشاطات النووية السلمية في إيران بالكامل والجمهورية الإسلامية الايرانية بدورها ولأجل إثبات حسن نيتها أعربت عن استعدادها لتعليق تخصيب اليورانيوم بالكامل بشكل طوعي وذلك في اجتماع عقد في باريس في العام ذاته حيث قامت بذلك بالفعل لكنها عندما لاحظت أن ملفها بقي مطروحاً على الطاولة وأن الجانب الغربي لم يف بوعوده أعادت تشغيل مفاعل أصفهان في عام 2005م. ورغم أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية على يقين من سلمية برنامج الجمهورية الإسلامية الايرانية النووي إلا أنّها خضعت للضغوط الغربية وأرسلت الملف النووي الايراني إلى مجلس الأمن الدولي ما أدى إلى إصدار ستة قرارات ظالمة بحق طهران في منظمة الأممالمتحدة رغم سلمية البرنامج النووي، وبعد ذلك بدأت المحادثات مع المجموعة الموسومة بمجموعة الستة أو 5 + 1 أي الأعضاء الخمسة في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا لكن مساعيها لم تفلح حتى يومنا هذا. وفي خضم هذه الأحداث فقدت الجمهورية الإسلامية الايرانية عدداً من علمائها في مجال الطاقة الذرية بعد اغتيالهم من قبل القوى الاستكبارية وواجهت أعتى أنواع الحظر طوال التأريخ إلا أنها مع ذلك واصلت تطوير تقنيتها النووية. أما المحادثات بين الجمهورية الإسلامية الايرانية ومجموعة الستة فقد كان لها تأريخ حافل طوال الفترة القصيرة نسبياً من عمرها حيث شهدت عدة عواصم عالمية اجتماعات في هذا الصدد بما فيها بروكسل وأسطنبول وفيينا وجنيف وألماتي وبغداد وموسكو، والميزة المشتركة لهذه الاجتماعات هي التزام طهران بما يتم الاتفاق عليه ونقض الجانب الغربي لهذا الاتفاق بشكل متواصل! فيا ترى إنّ الذين يصفقون فرحاً بكون الاتفاق النهائي حول الملف النووي الإيراني قريب هل هم متأكدون من التزام البلدان الغربية - وعلى رأسها الولاياتالمتحدة - بالاتفاقيات التي سوف تبرم إذا ما حصل اتفاق مع طهران؟! /2926/