الدوحة رويترز: قال خالد مشعل زعيم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) انه ينبغي النظر إلى الاعتراف الفعلي بدولة فلسطينية ذات سيادة الذي حققه منافسه الرئيس محمود عباس في الأممالمتحدة إلى جانب الصراع الذي نشب في الآونة الأخيرة في غزة مع إسرائيل كاستراتيجية واحدة جريئة قد تؤدي إلى تمكين كل الفلسطينيين. وقال مشعل إن الحرب القصيرة التي أودت بحياة 162 فلسطينيا وخمسة إسرائيليين انتهت بشروط وضعتها حماس وانهت عزلتها وخلقت حالة جديدة قد تؤدي إلى المصالحة مع حركة فتح التي يتزعمها عباس. وفي مقابلة مع رويترز في الدوحة قارن مشعل بين حالة الانكسار الإسرائيلية وابتهاج الفلسطينيين في غزةوالضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل واصر على أنه 'لأول مرة يتم وقف اطلاق النار عبر شروط المقاومة بشكل واضح وبحضور الأمريكان. 'الهدف الرئيسي كان الرد على المقاومة وعلى غزة مع تحقيق انجاز سريع والذهاب إلى الانتخابات (الاسرائيلية) لكن فاجأته المقاومة (رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو) ليس بسرعة الرد بل بسقف الرد والجرأة على قصف تل أبيب هذا أربك حساباته'. ودعم مشعل بقوة المبادرة الدبلوماسية التي قادها عباس رئيس السلطة الفلسطينية لترقية الوضع الفلسطيني في الأممالمتحدة إلى دولة غير عضو بصفة مراقب والتي أيدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الخميس في نيويورك. وقال مشعل 'نحن رحبنا بخطوة أبو مازن (عباس) للذهاب إلى الأممالمتحدة وأنا اتصلت به قبل أيام وأبلغته بذلك وموقفنا هذا انطلاقا من حرصنا على توحيد الجهود الفلسطينية وتوحيد الموقف الفلسطيني'. ويضع هذا الفلسطينيين دبلوماسيا على قدم المساواة مع الفاتيكان ولكن من الناحية السياسية يقول مشعل إنه قد يساعد على 'توحيد الجهود الوطنية الفلسطينية' كجزء من عملية المصالحة مع حركة فتح التي يتزعمها عباس. وقال مشعل 'قلت للأخ ابو مازن (عباس) نريد بهذه الخطوة جزءا من كل.. جزء من استراتيجية وطنية فلسطينية فيها خيارات مفتوحة مستندة إلى امتلاك أوراق قوة متعددة وعلى رأسها المقاومة التي أبدعت في غزة واعطت رسالة عن قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود ومواجهة المحتل'. وأدى وصول حلفاء حماس من جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر التي لعبت دورا رئيسيا في التوسط لوقف إطلاق النار و'هزيمة العدو في غزة' إلى توفير أجواء جديدة قد تسمح للفلسطينيين بتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال مشعل 'انا متفائل بعد هذه الاجواء التي فيها انجاز فلسطيني واحد. هناك اجواء جديدة تتيح لنا تحقيق المصالحة.. المصالحة رزمة واحدة فيها قضايا عديدة نسعى لتطبيقها..هذه الأجواء وفي وجود مصر بروح جديدة أعتقد أننا قادرون على تحويل التفاهمات السابقة لتطبيق عملي على الأرض سواء فيما يتعلق بالحكومة وتشكيلها والانتخابات وملف المصالحة الاجتماعية'. وكان مشعل يرتدي حلة سوداء وقميصا دون رابطة عنق ويتحدث في فندق في الدوحة حيث يقيم منذ ان غادر سورية في يناير كانون الثاني هذا العام. وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس 'عندما نتوحد ونتصالح وننهي الانقسام وتكون لنا مرجعية واحدة ونضال سياسي واحد عند ذلك نصبح قوة أكبر ونستطيع ان ننجز أكثر وقدرتنا على الصمود امام العدوان الإسرائيلي بكل أشكاله تكون أكثر'. وبسطت حركة حماس سيطرتها على قطاع غزة بعد انتصارها في قتال مع حركة فتح عام 2007. وكانت حماس قد فازت في الانتخابات العامة الفلسطينية عام 2006. وأعطت انتفاضات الربيع العربي التي اجتاحت المنطقة دفعة لمشعل بعد أن دفعت بزعماء إسلاميين إلى السلطة. وكان مشعل نجا من محاولة اغتيال من تدبير الموساد في عمان عام 1997 عندما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في السلطة. وقال مشعل 'الحرب الأخيرة أبرزت أهمية التغيير الذي جرى في مصر والعالم العربي.. هل هذا على حساب أحد ليس على حساب أحد هذه أمتنا'. وبدأت غزة التي تخضع لحصار إسرائيلي عسكري واقتصادي منذ وقت طويل تخرج من عزلتها بزيارات رفيعة المستوى في الآونة الأخيرة من قطر وتركيا ومصر وجامعة الدول العربية. وقال مشعل 'هناك حضور عربي مختلف. هناك اسناد عربي للشعب الفلسطيني مختلف غزة لم تبد معزولة في هذه الحرب' كما كانت خلال الصراع المدمر مع اسرائيل أواخر 2008 وبداية 2009 'فلا شك هذه عوامل أسهمت في الوصول إلى هذه النتيجة'. وقال مشعل (56 عاما) انه ليست لديه نية للاستمرار في زعامة حماس على الرغم من دعوات 'داخلية وخارجية' للاستمرار. وتعقد الحركة التي يدعو ميثاقها إلى تدمير إسرائيل انتخابات داخلية منذ عدة أشهر لتقرر من سيخلف مشعل. والتناقض في موقف حماس من السلطة الفلسطينية التي تسخر منها في بعض الأحيان باعتبارها تابعة لإسرائيل يعكس غموض موقفها بشأن الشكل المستقبلي للدولة الفلسطينية. وتحت قيادة مشعل تطور الإسلاميون في توازن غير مستقر ورفضوا التنازل عن 'فلسطين' ما قبل عام 1948 لكنهم على استعداد لقبول الأمر الواقع لدولة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967 وهي الضفة الغربيةوالقدس الشرقية وقطاع غزة. وقال مشعل إن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون على كل الأرض الفلسطينية لكن هناك رغبة لتوحيد الموقف الفلسطيني والعربي على برنامج مشترك. وأضاف أن حماس 'قبلت مبدأ التوافق على القواسم المشتركة بمعني ما هو الحد الأدني الذي يمكن أن يلتقي عليه الفلسطينيون والعرب وجدنا أن اقامة دولة على حدود عام 67 عاصمتها القدس مع انجاز حق العودة (اللاجئين) ودولة ذات سيادة حقيقية حد مشترك بين برامح القوى الفلسطينية والدول العربية فقبلنا به.' وقال انهم قبلوا ذلك لكن ليس على حساب الاعتراف بإسرائيل أو التخلي عن الحقوق الفلسطينية. وقال مشعل 'الدولة الفلسطينية لا تنال بالمفاوضات.. اسرائيل لا يمكن ان تعطينا شيئا حقيقيا ذا بال على طاولة التفاوض الا اذا كنا اقوياء على الارض.. العدو علمنا التاريخ لا يعطي شيئا ولا يتراجع الا تحت الضغط'. وتابع قوله 'كل فلسطيني وكل عربي يريد دولة فلسطين حتى في حدود 67 عليه ان يعرف ان الطريق الى ذلك المقاومة وتوفير كل اوراق القوة وكل اشكال الضغط الفلسطيني والعربي مفيش (لا يوجد) حل غير ذلك هذه هي القاعدة'. وحقق عباس انتصارا دبلوماسيا كبيرا في الأممالمتحدة الخميس لكن دون أن يجني شيئا اخر لإستراتيجية التفاوض إذ تقوم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بتوسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربيةوالقدس الشرقية ما يبدد الآمال في امكانية اقامة دولة فلسطينية ذات مقومات. ويرى بعض المحللين أن هذا سيوحد صفوف فتح وحماس. وحظي زعيم حماس أيضا بتأييد من غير الإسلاميين بموقفه المناهض بقوة لمحاولة الرئيس السوري بشار الأسد سحق الانتفاضة المستمرة منذ 20 شهرا ضد حكمه. وقال مشعل 'احنا (نحن) مع الشعب السوري ومع الشعوب العربية والاسلامية التي تطالب بالحرية والاصلاح. من يطلب منا تأييد سياسة رسمية قائمة على سفك الدماء..لا يمكن أن نقف مع هذه السياسة. 'من اللحظة الأولى موقفنا كان رافضا..نصحناهم ولكنهم أصروا على الخيار العسكري إلى أن تطورت الأمور وتعقدت الأزمة وفي لحظة شعرنا ما أرادوا منا...غادرنا دمشق هذا هو الموقف باختصار'. وقال مشعل إن العلاقات تأثرت أيضا مع إيران وهي ممول ومورد رئيسي للأسلحة إلى حماس. وقال مشعل إن إيران دعمتهم طويلا دعما كبيرا دون شك. وأضاف 'نحن اختلفنا مع إيران في الازمة السورية ولا شك ان الازمة السورية القت بظلالها على علاقتنا مع إيران نحن نقدر كل من يدعمنا ولكن لا يمكن ان يكون على حساب قناعتنا ومبادئنا'. وأعرب مشعل عن شكره لايران وسورية لاستضافته لسنوات عديدة عندما وصمت الولاياتالمتحدة وإسرائيل الحركة بأنها 'إرهابية' لكنه قال ان حماس لا يمكنها التنازل عن مبادئها. وقال 'لا نتدخل في قضايا الآخرين هذه سياستنا ولا ندخل في معركة مع اي نظام عربي ولكن لا يمكن ان نقف مع اي نظام أو زعيم داخل في معركة دموية مع شعبه ونحن بالضرورة منحازون للشعوب ولتطلعاتها وحقوقها المشروعة'. وقال مشعل إن الأسد لن يتمكن من الانتصار في المعركة ضد شعبه وانها مسألة وقت قبل أن يحدث التغيير. وأضاف 'كنت أتمنى ألا تتطور الأزمة إلى هذا الحد ولكن التاريخ يقول إن الشعوب في النهاية هي التي تنتصر'. ولد مشعل في سلواد القريبة من مدينة رام اللهبالضفة الغربية وقاد حماس خلال الاضطرابات التي أطلقتها انتفاضات الربيع العربي وأبدى ما قال رفاقه انها مهارات دبلوماسية بارعة لتجاوز الأوضاع. وقال مشعل إنه سيقوم بزيارة تاريخية لقطاع غزة الأسبوع المقبل بعد سنوات عاشها في المنفى وذلك بمناسبة مرور 25 عاما على تأسيس الحركة. وأردف أنه سيعود إلى بلده وأن هذا هو حلمه 'في الفترة الأخيرة أصبحت الظروف مهيئة وزيارة غزة حلم وواجب في نفس الوقت..ستكون مقدمة لزيارات متعددة.. انا في غاية السعادة والاعتزاز انني ان شاء الله قريبا سأكون على أرض غزة وأسعد بأرضها الطاهرة المضمخة بدماء الشهداء والقادة العظماء'. وردا على سؤال عما اذا كان يشعر بالقلق من أن إسرائيل قد تحاول اغتياله قال 'الضامن الاساسي هو الله انا لا اعتمد الا علي الله لا أحد يموت الا ان يستوفي أجله ..عمره ورزقه'.