لقي التراث الأدبي العربي اهتمامًا من بعض الدارسين المهتمين بقضايا المسرح، وذلك حين عمد بعض كتّاب المسرح إلى التعامل مع نصوص التراث القديم، وإعادة كتابتها بطريقةً مسرحية، ومنهم مَن اتّخذ من أعلام التراث وأحداث التاريخ والمواقف والمشاهد المشهورة في التراث مادة لأعمال مسرحية، وقد نشط هذا الاتجاه في الأدب الحديث، واشتهر بعض الكتّاب باهتمامهم بتتبع تاريخنا الأدبي، ورصد مظاهر القوة والتميّز فيه، وإعادة إنتاجها في نصوص مسرحية لقي بعضها طريقه إلى خشبة المسرح، ولا يزال التراث كنزًا يحتاج إلى مَن يكتشفه ويقدمه بطريقة مناسبة. إن إعادة إنتاج التراث القديم مسرحيًّا يمثل واحدًا من أبرز قضايا تجديد التراث العربي، ذلك أن هذا الموضوع لا يكمن في اجترار الماضي، وترديد القديم، وإنما باستلهامه واسترفاده في أعمال جديدة، أو إعادة إنتاجه وفق متطلبات العصر الحديث، وذلك بالتركيز على العناصر المشرقة فيه، وإبراز مظاهر القوة وملامح العظمة والقيم العليا التي حركت الأجيال وقدمت الأبطال، ولهذا فإن الكاتب المسرحي حين يعمد إلى كتابة مسرحية عن شاعر قديم مثلاً فإنه يركز في سيرته على الأبعاد والتجارب الإنسانية، وكذا حين يعرض إلى قضية أو حادثة فإنه يبرز التجربة والحكمة التي تتجاوز هذا الموقف إلى مواقف أخرى تشبهه في حياة المعاصرين، إن قيمة مسرحة التراث الحقيقية هي في استنطاق المعاني العميقة للأحداث، وتقديم تجارب الإنسان القديم للإنسان المعاصر ليهتدي بذلك في مواجهته للحياة.