تشهد جزيرة هونغ كونغ طفرة اقتصادية، ويستغل أصحاب الثروات ذلك لزيادة أرباحهم في الوقت الذي تراجع فيه مستوى المعيشة بالنسبة لمئات الآلاف من المواطنين البسطاء، بسبب جشع الأغنياء. ويشير مسح نشرته «غلوبل ويلث سيرفي» أخيراً إلى أن عدد الأغنياء في الجزيرة ارتفع بنسبة 36% مقارنة بالعام الماضي. ويعيش في هونغ كونغ سبعة ملايين شخص، من بينهم 39 مليارديراً. وقد أثر هذا الثراء سلباً في الطبقة البسيطة التي باتت لا تستطيع تأمين تكاليف المعيشة والإيجارات التي ارتفعت بشكل جنوني في الآونة الأخيرة. تركة بريطانية غلاء المعيشة في هونغ كونغ يعد تركة بريطانية، إذ عمل المسؤولون البريطانيون عندما كانوا يحكمون الجزيرة على إبقاء الإيجارات في مستوى عال، ليستفيد من ذلك أصحاب الأموال، ولم تتمكن السلطات الصينية من تغيير هذا النهج. سكن غير لائق يعيش نحو 100 ألف شخص في ما تدعوه منظمات الرعاية الاجتماعية ب«السكن غير اللائق»، إذ تضم شقق مقسمة إلى حجرات تشبه التابوت الخشبي أو القفص الحديدي من حيث الحجم. ووفقاً للإحصاءات الحكومية هناك 210 آلاف شخص على لائحة الانتظار للسكن الاجتماعي. وتوجد الأقفاص داخل عمارات متهالكة، حيث الفئران والحشرات في كل مكان، ومعظم المستأجرين يتوفرون على حصيرة خيزران ومشمع قديم بدلاً من سرير أو مرتبة. واضطر الكثيرون للعيش في بيوت من حديد أو خشب، واستغل أصحاب العقارات تزايد الطلب لإرهاق كاهل الفقراء الذين لجأوا إلى أكواخ لا تليق بالعيش الآدمي. ومن بين الشرائح الأكثر تضرراً في مجتمع يعيش 20% منه تحت خط الفقر، كبار السن الذين لا يمتلكون رواتب تقاعدية، ويضطر هؤلاء لاستئجار مساحات ضيقة في بناية «غريبة» تفتقر إلى مقومات الحياة وأسباب الراحة، فضلاً عن عوامل السلامة. وخلص تقرير نشرته جامعة «هو لاب» إلى أن هونغ كونغ «جنة العائلات الغنية، وجحيم لبقية الشعب». وقال التقرير إن عامة الشعب لا تستفيد من النمو الذي تشهده الجزيرة. ويقول خبراء إن غلاء المعيشة في الجزيرة يعد تركة بريطانية، إذ عمل المسؤولون البريطانيون عندما كانوا يحكمون هونغ كونغ على إبقاء الإيجارات في مستوى عال، ليستفيد من ذلك أصحاب الأموال، ولم تتمكن السلطات الصينية من تغيير هذا النهج. وتعهد حاكم الجزيرة الحالي، سي واي لونغ، بأن يعالج مشكلة نقص المساكن المخصصة للطبقة الفقيرة. ويعيش بسطاء في أقفاص حديدية ضيقة، ويقسم القفص الواحد أحياناً إلى ثلاثة أجزاء أشبه بالتوابيت. وتتفاقم الأزمة في بعض المناطق، إذ يتكدس نحو 100 شخص في غرفة واحدة. يعيش شانغ كام تشو (49 عاماً) في غرفة «تابوت» مع 25 شخصاً آخر، غير بعيد من المركز المالي الفخم في الجزيرة. وقدم تشو العاطل عن العمل طلباً للحصول على سكن اجتماعي منذ سنوات، إلا أن الحظ لم يحالفه إلى الآن، ويضطر حالياً لإنفاق أغلب ما يحصل عليه من مال لاستئجار التابوت. وغير بعيد عن تشو يعيش ونغ تشي هانغ (37 عاماً) في تابوت لا يزيد طوله على 1.8 متر، وبإمكانه بالكاد أن يمد رجليه. أما ونغت ات مينغ (57 عاماً) فقد تقاعد منذ سنوات، وضاقت عليه الجزيرة بما رحبت، وانتهى به الوضع في قفص لم يسع أغراضه المتواضعة، وهو يعيش في عزلة وإحباط منذ فترة. ويعاني سكان الأقفاص الحرارة والضغط النفسي والظلام. وما يزيد الوضع سوءاً زيارة مالك البناية من حين إلى آخر ومطابته بالمال. وتجبر الظروف الاقتصادية وارتفاع مستوى المعيشة سكاناً على مشاركة السكن والعيش داخل أقفاص حديدية، ويصل إيجار القفص إلى أكثر من 200 دولار شهرياً، على الرغم من أنه يتشارك أكثر من 20 فرداً في الغرفة نفسها. وتوضع كل ثلاثة أقفاص فوق بعضها بعضاً، ويكون القفص الأول هو الأغلى لأن ساكنه يمكنه الوقوف فيه، وهى ميزة لا تتوافر في القفصين العلويين. ويتشارك سكان الأحياء العشوائية في دورات المياه، ويتناولون الطعام الجاهز، نظراً لعدم وجود مطابخ. وتنتشر الأمراض والحشرات والفئران، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة خمس درجات على الأقل فوق المستوى في الخارج.