GMT 0:03 2013 الجمعة 6 ديسمبر GMT 0:08 2013 الجمعة 6 ديسمبر :آخر تحديث سركيس نعوم الوضع اللبناني الداخلي بتطوراته المرتقبة جراء انعكاس الأحداث الدرامية في المنطقة عليه يشغل بال الديبلوماسيين المعتمدين لدى لبنان. ولا ينبع الانشغال من خوف على اللبنانيين و"شعوبهم"، بل من طبيعة عملهم التي تقضي بنقل كل ما يجري وما يُرتقب أن يجري في هذه البلاد الى حكوماتهم، وذلك كي تستطيع استكمال تصورها للواقع فيها واستكمال صورة المنطقة حالياً ومحاولة معرفة صورتها مستقبلاً، ولكي تستطيع في الوقت نفسه اتخاذ القرارات ووضع السياسات التي تناسب مصالحها. ولعل من أكثر الاسئلة التي يطرحها الديبلوماسيون على السياسيين والاعلاميين ومتعاطي الشأن العام في لبنان هو الآتي: هل تعتقدون أن لبنان سيستمر في "فراغه الحكومي" الذي بدأ قبل نحو تسعة اشهر؟ وهل سيعيش فراغاً رئاسياً العام المقبل جراء عجز مجلس نوابه عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ ام أن تلافي الفراغ الرئاسي ممكن بتمديد ولاية الرئيس الحالي ميشال سليمان ثلاث سنوات كما جرى مع الرئيسين الراحل الياس الهراوي واميل لحود، أو بموافقة مجلس النواب على تعديل دستوري يحدد ولاية رئيس الدولة بأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وتالياً على تمديد ولاية سليمان سنتين بحيث يكون خدم في موقعه ولايتين رئاسيتين؟ لن أخوض في الأجوبة المتناقضة احياناً والمتكاملة احياناً رغم تناقضها التي يسمعها الديبلوماسيون جواباً عن أسئلتهم. لكنني أسمح لنفسي بطرح عدد من التساؤلات الموضوعية التي قد تساعد في توضيح طبيعة الأوضاع اللبنانية وتدفع الديبلوماسيين الى نقل صورة حقيقية عنها الى حكوماتهم مرفقة ربما بعدد من الاقتراحات الجدية. التساؤل العام هو: ألا يعيش لبنان في فراغ حقيقي عملياً منذ سنوات؟ وألم يزدد هذا الفراغ بعد انطلاق "ربيع سوريا" جراء تورط "شعبين" لبنانيين فيه على نحو مباشر، وبعد اصطفاف "الشعوب" اللبنانية الأخرى، مع تحول هذا الربيع حرباً اهلية – مذهبية، مع أطراف هذه الحرب؟ أما التساؤلات الفرعية التي يؤدي اليها التساؤل العام فكثيرة منها، هل قامت الحكومة اللبنانية التي تألفت قبل "الربيع السوري" بما يجب على كل حكومة ان تقوم به لمصلحة شعبها أو شعوبها؟ والانصاف يقتضي الجواب ب كلا. ومنها أيضاً هل تُصرّف الحكومة المستقيلة الأعمال وفقاً للدستور، ووفقاً للحال الاستثنائية التي تمر فيها البلاد والمنطقة؟ والجواب ايضاً هو كلا. ومنها ثالثاً، هل تشكَّل حكومة جديدة قريباً؟ وإذا شُكِّلت هل تملأ فراغاً؟ والجواب هو كلا. ومنها رابعاً، هل يقوم مجلس النواب بواجبه في المحاسبة والموافقة والتشريع؟ والجواب هو كلا. ولا يفيد هنا القول ان رئيسه نبيه بري يسعى وبصدق لجعله منتجاً، وهو قول صحيح، ذلك أنه والمجلس بممثلي "شعوبه" المتعادية أو المتخاصمة، عاجزون عن تحقيق أي أمر بما في ذلك الاجتماع وإن غير منتج. ومنها خامساً، هل يقوم رئيس الجمهورية بواجباته، وهل يعوض بحركته المستمرة الفراغ العملي والحقيقي في مؤسسات الدولة؟ والجواب هو كلا. أولاً لأنه ليس جزءاً من السلطة التنفيذية بل حَكَماً وفقاً للدستور. وشعوب لبنان المتصارعة في ما بينها ونيابة عن الخارج المتناقض ايضاً لا تسمح له بأن يكون حكماً. فكل منها يريده معه. وهو يفعل ذلك، اذ تارة يميل الى مواقف "شعب" وتارة أخرى الى مواقف "شعب" آخر وهكذا دواليك. وهذا الميل المتناقض يسري ايضاً على الدول الاقليمية المتصارعة في المنطقة وفي لبنانوسوريا وعليهما. ومنها سادساً، هل يحول التمديد لرئاسة سليمان دون الفراغ؟ والجواب هو كلا، اذ سيكون عملياً تمديداً لفراغ قائم. ومنها سابعاً، أن التمديد لرؤساء المؤسسات والأجهزة المدنية وغير المدنية هو دليل حسي على الفراغ بل الفراغات التي فشلت الدولة في ملئها لأنها تعيش أساساً فراغاً اكبر على مستوى المؤسسات الدستورية. لماذا هذا الكلام الآن؟ ليس "للتيئيس" على الاطلاق بل لوصف واقع. والهدف منه تحريض قادة "شعوب" لبنان على العمل جدياً اولاً لتأليف حكومة في سرعة، وثانياً لانتخاب رئيس جمهورية ضمن المهلة الدستورية. ذلك ان تحول الفراغ الفعلي العملي فراغاً رسمياً قد يطول، وقد ترافقه حروب أو أعمال عنف متنقلة، وقد ينهي دولة الطائف، ويضع "الشعوب" اللبنانية كلها أمام استحقاق "مؤتمر تأسيسي" يريده بعضها ويرفضه البعض الآخر.