أ.د. سالم بن أحمد سحاب حديث الذكريات الموغلة في القدم جميل ورائع، إذ يسترجع ما محته الذاكرة وغاب عن البال سنوات طويلة. أن تتواصل مع ثلة كبيرة من زملاء الصبا في عالم الهواتف الذكية، فتلك أعجوبة يحتفي بها التاريخ ويطرب. وأما أن تلتقي بكهول (وأنت منهم)، عرفتهم منذ العام الهجري 1385، فذلك أقرب إلى المعجزة خاصة إذا ضم الجمع عشرين من هؤلاء الذين عاصرتهم طفلًا من الناحية القانونية، وهم اليوم أجداد لهم من الأحفاد من اجتازوا مرحلة الطفولة وولجوا إلى عالم البلوغ. السؤال: هل يمكن في عصر السرعة الذي نعيشه، والمادة التي أنستنا أنفسنا، والمظاهر التي تحكمت في حياتنا ورقابنا.. أن يلتقي هؤلاء (الستينيون) بعد ذلك الأمد الطويل؟! إجابتي بنعم لأني عشت التجربة، فكان اللقاء الثالث في ظرف عام واحد مع زملاء (المراهقة) والطفولة المتقدمة. شخصيات متباينة منذ التقائها في صف واحد في مدرسة واحدة قبل نصف قرن بالتمام، وهي اليوم كذلك شخصيات متباينة لكن راشدة واعية التقت على رابطة من الحب والإخاء ورغبة في استعادة ماضٍ قديم جميل، بكل مشاقه ومعاناته آنذاك، وبكل قلة ذات اليد التي تنوعت أشكالها وإشكالاتها آنذاك. تنوعت بنا دروب الحياة، ومضى كل منا لما كتب له، مدني وعسكري، معلم وطيار، موظف ورجل أعمال! الذي يعمل في الحكومة والذي في القطاع الخاص. هكذا سارت بنا الأقدار وباعدت بيننا الدهور والأيام. التباعد ليس هو الاستثناء، بل هو الأصل في حياة مزدحمة مليئة بالمشاغل والارتباطات وبناء طيف آخر من العلاقات والاهتمامات والزمالات والصداقات. ومع أن معظمنا عاش في جدة، واستمر فيها حتى بلغ الستين وزاد، إلاٌ إن قلة غادرت إلى مدن أخرى كما هو متوقع. ومع ذلك حضر المهاجرون فازدان بهم اللقاء وصفا بوجودهم الزمان والمكان. إنها دلالات الاجتماع على الخير، وعلى المحبة، وعلى الود القديم.. لا شيء آخر من متاع الدنيا.. لا مصالح، ولا تطلعات سوى إلى السؤال عن الصحة والحال والعيال، وتذكر ما كان واسترجاع مواقف غلبت عليها تصرفات الطيش والمراهقة مشوبة ببراءة وبساطة وثقافة سادت آنذاك. ما أجمل اللقيا بعد طول غياب!! [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain