العنوان أعلاه كان محورًا للقاء التربوي الذي عقدته -قبل أسبوع- شعبةُ اللغة العربية بمكتب التربية والتعليم بمحافظة العرضيات ضمن برامج الشعبة للعام الدراسي الحالي، اللقاء ضم مجموعة من معلمِي اللغة العربية والمهتمين بها في المراحل الدراسية المختلفة، بالإضافة لمشرفِي اللغة العربية بالمكتب، عنوان اللقاء جاء بفعل حالة الصدود أو سمِّها حالة النفور من (قواعد النحو) وهي التي تُشكِّل في النهاية ما يُعرَف ب(الإعراب). من وجهة نظري أرى أن هناك مسلَّماتٍ يجب توافرها عندما ترد مسألة الإعراب ومنها: أولًا- المعلم (المتمكن) يشكل حجر الزاوية في تحبيب النحو لدى الطلاب. ثانيًا- تمكُّن المعلم وحده لا يكفي ما لم يُعزّزه بطرائق ناجعة لإيصال الرسالة للمتعلم. ثالثًا- إتقان المتعلم قواعدَ النحو في المرحلة الابتدائية يعني حتمية إتقانه في المراحل الأعلى. رابعًا- النحو عبارة عن خبرات متراكمة لا يمكن فصلها عن بعض. خامسًا- ما لم تكن الخبرات السابقة مُدخلة بطريقة صحيحة ومنظمة فلن يُكتب للخبرات اللاحقة البقاء. ولتبسيط الموضوع يمكنني القول أن المفاهيم النحوية أشبه ما تكون بقصاصات ورقية (كثيرة) وذات أحجام (متباينة) وذات ألوان (متنوعة) حُشِرت في صندوق ضخم يُسمَّى النحو، ثم طُلب من المتعلم أن يُلم بأعدادها وأحجامها وألوانها، وعندما استعان بمعلم يفكُّ له تلك الطلاسم كانت طريقة المعلم تعتمد على إخراج كل قصاصة على حده وتعريف المتعلم بلونها وحجمها ثم يتم ركنها لينطلق لقصاصة أخرى حتى يأتي على القصاصات كلِّها وقد أَنسى آخرُها أوَّلَها. من هذا نعلم أن الطريقة الأمثل هي البدء بفرز القصاصات وعرضها في أشكال منتظمة بحسب الأحجام والألوان بشكل مترابط فتصبح جميعها بشكل بنائي متسلسل وتحت بصر المتعلم فيُلم بها إلمامًا كافيًا؛ نظرًا لترابطها وتسلسلها وتمايزها. ولذلك ينبغي على معلم اللغة العربية أن يضع لمفاهيم النحو مخططًا أو تصورًا شاملًا يُسهِّل عليه تقديم هذه المفاهيم للطالب ليستوعبها. أُولى عمليات البناء تتشكل في المرحلة الابتدائية، وهنا ينبغي أن يُمايز الطالب –وفق خارطة مفاهيمية أو شجرة معرفية- بين المفاهيم المكونة للجملة (الاسم، الفعل، الحرف) ثم يلم بالمفاهيم التي تقع تحت مفهوم الاسم وهي بحسب تتابع صفوف المرحلة الابتدائية (المبتدأ، الخبر، الفاعل، المفعول به، الاسم المجرور، اسم كان وأخواتها، خبر أن وأخواتها، الأسماء الخمسة، التوابع..إلخ) ثم يلم بالمفاهيم التي تقع تحت مفهوم الفعل وهي (الفعل الماضي، الفعل المضارع، فعل الأمر) ثم يلم بالمفاهيم التي تقع تحت مفهوم الحرف وهي (حروف تجر، وحروف لا تجر). بعد ذلك يعمد المعلم لتقسيم الأسماء إلى مرفوعات (مبتدأ، خبر، فاعل، اسم كان وأخواتها، خبر أن وأخواتها، نائب الفاعل، تابع المرفوع..إلخ) ثم المنصوبات وهي (المفعول به، اسم أن وأخواتها، خبر كان وأخواتها، الحال، تابع المنصوب..إلخ) ثم المجرورات وهي (الاسم المسبوق بحرف جر، المضاف إليه، تابع المجرور). ثم يضع جداول تبين علامة الإعراب لكل من (المفرد والمثنى والجمع بأنواعه والأسماء الخمسة). ثم ينطلق إلى حالات المضارع ما بين رفع ونصب وجزم، ويتتابع البناء في المرحلتين المتوسطة والثانوية. وتبقى القضية متعلقة بقدرة المعلم على رسم مخطط تصوري متسلسل ومترابط يسير هو وطلابه على هديه بدءًا بالصف الرابع من المرحلة الابتدائية ثم ينمو ويكبر مع كل صف دراسي. وأفضل ما يمثل هذا المخطط التصوري - في نظري - هو ما يُعرَف ب(خرائط المفاهيم) التي تجعل المفاهيم النحوية تنتظم في بناء معرفي سليم تظهر فيه العلاقات فيما بينها مما يعني رسوخها لدى المتعلم وبالتالي سهولة استدعائها، وهذا ما يُستحسَن بحق النحو، كونه سلسلة بنائية تتطلب الربط بين الخبرات والمفاهيم السابقة واللاحقة لها. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain