حذّر المفتي العام رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ من تحول العزاء إلى موائد ضحك وسرور وكأنه لا يوجد عزاء لشخص قد مات، مشيرا إلى أن بعضهم يخرج من بيته ويقيم العزاء في الاستراحات أو الفنادق وهذا خلاف المشروع، فالعزاء مشروع في البيت أو في المسجد، وأما أن يخصص باستئجار مكان فسيح والخروج من البيت لضيقه فهذا خلاف الشرع. مبينا أن المرأة لا تحاد على ميت إلا زوجها أربعة أشهر وعشرا، وأما غير ذلك فلايجوز أن تحاد على أحد، موضحا أنه على المسلم ألا يجعل المصائب والأحزان تسيطر عليه وتمنعه من التحرك والعمل، فلا تكن هذه المصيبة وسيلة لتعطيل الأعمال وترك الواجبات وتعطيل المواعيد، كما لا يجوز لوم من لم يبق في فترة العزاء ويعطل أعماله ليكون بجوار من ابتلاه الله بهذه المصيبة، فعلى المسلم ألا يعطل أعماله بل يسلم ويعزي وينصرف بدلا من البقاء الأيام الطوال وترك المواعيد فكل هذا لا يوجد في الشرع ما يؤيده. وأضاف المفتي أن فقد الأحباب من الأهل والأقارب والأصحاب ابتلاء يبتلي الله به عباده ليكفر به الخطايا، أن المصيبة يكون لها أثر على نفس المصاب يذهله عن تذكر ما يشرع أن يقوله عند وقوع المصيبة فيحتاج إلى من يثبته ويصبره عند المصيبة، ويذكره الأجر والثواب للصابر والمحتسب، ولذلك شرعت التعزية فالتعزية لها فضل عظيم، وهي عبادة لمن أخلصها لله، فهي حق على المسلم للوقوف مع أخيه في شدته، والتعزية تسلية للمصاب فيذكر بالله ويعلم أن هذا قضاء الله وقدره ليرضى ويصبر ويحتسب الثواب عند الله، فكل لفظ ممكن أن يسلي المسلم يؤتى به من غير إفراط ولا تفريط. وزاد المفتي أن من آداب التعزية أن تكون بعد وفاة الميت سواء صلي عليه أو لم يصل عليه، كما أنها ليست محددة بأيام معدودة، والاسترجاع وذكر الله والثناء عليه. فهذه التعزية حق للمسلم على أخيه المسلم لتعزيه وتضمد جراحه وتثبته وتوصيه بالصبر والاحتساب. مبينا أن من السنة عند احتضار الإنسان أن يكون من عنده يلقنه الشهادتين، ثم يوجهه إلى القبلة، ويغمض عينيه فهذ هي السنة، والبكاء على الميت جائز شريطة ألا تكون نياحة أو لطم أوشق للجيب، والمبادرة بتغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه، والدعاء له وقضاء دينه. وأكد المفتي أن الله أمر الأمة بإعداد القوة ما استطاعت لكل شيء لاستقبال أي بلاء أو محنة، فتربي شبابها وتدربهم على الجد والاجتهاد وترفعهم عن سفاسف الأخلاق والأعمال، مستعدين للدفاع عن دينهم ووطنهم وعن محارمهم، لكن المصيبة أن قوة الأعداء تغلغلت في النفوس، فأصبح لهم رهبة، حتى دخل اليأس في نفوس المسلمين عدم الاستطاعة بالتغلب عليهم وعدم الاستطاعة بالوقوف لوحدنا بل بمساعدتهم، وهذا بسبب ضعف الإيمان وقلة الإدراك، فمتى ما رجعنا إلى ديننا وتعلقنا بالله فتحت لنا أبواب الخير. أما الاستسلام للأعداء يجعلهم يتربصون بنا فيستضعفوننا ويستغفلونا لإشعار الأمة بأنها تابعة لهم وخاضعة لهم. ما جعل الأمة تعتقد أنها لا تستطيع أن تحل مشكلاتها وتدبر أمورها إلا بالرجوع إلى الأعداء الذين دمروا بلداننا وفرقوا شملنا، فأصبحت الأمة مسرحا لمؤامراتهم ففرقوها وشتتوا شملها وأبناءها وأوقعوا فيها من البلاء الكثير. لذلك لابد من الحذر من هؤلاء فسياستهم متقلبة مع هؤلاء ومع هؤلاء فهم لا يريدون للأمة خيرابل يريدون أن يخضعوا الأمة لهم، ما جعل الأمة تعيش في خوف وذل وهوان، لذلك يجب أن تحقق الأمة الخيرة التي ذكرها القرآن في التصرفات والأعمال والعبادات والتعاملات، ومواجهة تلك المؤامرات بقوة إيمان وصدق وعزيمة.