تونس - "الخليج": انتهت أشهر من المفاوضات المضنية بين الفرقاء السياسيين في تونس باختيار مهدي جمعة رئيساً لحكومة الكفاءات الجديدة، غير أن هذا الخيار لا يحل الأزمة بأكملها في ظل غياب توافق كامل حول المرشح للمنصب فضلاً عن الصعوبات المنتظرة لتطبيق بقية بنود خريطة الطريق لرباعي الوساطة، في وقت يتوقع ان تشهد ولاية سيدي بوزيد مهد "الربيع العربي" غداً (الثلاثاء) يوم "غضب" في الذكرى الثالثة لاندلاع "الثورة" التونسية وذلك للاحتجاج على تردي ظروف المعيشة وتفاقم البطالة والفقر التي كانت من الأسباب الرئيسية للثورة . ومن بين 19 حزباً شاركوا في المفاوضات لاختيار رئيس الحكومة الجديدة صوت 11 حزباً فقط في نهاية المطاف، من بينها تسعة أحزاب اختارت مهدي جمعة بينما اختار حزبان المرشح الآخر جلول عياد . وغادر حزب نداء تونس أكبر الأحزاب المعارضة المفاوضات فيما امتنعت جبهة الإنقاذ عن التصويت . وعلى عكس المرشحين السابقين للمنصب وهم أحمد المستيري ومحمد الناصر ومصطفى الفيلالي على وجه الخصوص، يعتبر مهدي جمعة البالغ من العمر 52 عاماً من الخبرات الشابة والمستقلة سياسياً . وقال القيادي في حزب نداء تونس رضا بلحاج إن رئيس الحكومة الجديد محسوب على حركة النهضة الاسلامية رغم أنه من الوزراء التكنوقراط . ووصف بلحاج نتيجة الحوار الوطني "بالسلبية"، مشدداً على أنها ستعيد إنتاج نفس المنظومة السابقة خاصة وأن مهدي جمعة كان وزيراً في حكومة العريض المسؤولة عن الفشل . وقال بلحاج في تصريحات لإذاعة خاصة "إنه تم استبعاد شخصيات مثل عبدالكريم الزبيدي والحبيب الصيد ومصطفى كمال النابلي ومحمد الناصر الذين كانوا قادرين على إنجاح الفترة المقبلة وتم اختيار رئيس حكومة لا يملك التجربة الكافية للخروج بالبلاد من الأزمة الحالية" . وقال عصام الشابي المتحدث باسم الحزب الجمهوري، أبرز الأحزاب المعارضة أن نتيجة الحوار الوطني لم تنته إلى توافق، مشيراً إلى أن الأحزاب التي شاركت في عملية التصويت ستتحمل مسؤولية اختياراتها . وسيكون أمام رئيس الحكومة الجديد مدة أسبوع فقط لاختيار بقية وزراء حكومته المحايدة والمستقلة والتي ستشرف أساساً على الانتخابات المقبلة . لكن رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي شدد على أن الحكومة المقبلة ستنكب على جميع الملفات الحارقة، الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب . كما تطالب المعارضة بمراجعة كافة التعيينات الحزبية بالإدارة وتعزيز استقلالية القضاء تحسباً للانتخابات المقبلة . وعلى الرغم من النجاح الصعب في اختيار رئيس حكومة جديد فإن ذلك لا يحل كل الأزمة المشتعلة منذ أشهر بتونس، اذ تكمن صعوبة استئناف المسار الانتقالي الآن في اتمام باقي بنود خريطة الطريق وهي الانتهاء من مناقشة الدستور والمصادقة عليه وتشكيل أعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات واصدار قانون انتخابي، وهي رزمة مترابطة يتطلب تنفيذها قبل تسلم الحكومة الجديدة لمهامها . وينتظر أن يكون هناك نقاش حول برنامج الحكومة الجديدة وصلاحياتها ومدة عملها وما إذا كان من الضروري احالة قائمة أعضاء الحكومة الى المجلس التأسيسي للمصادقة عليها أم يتم تشكيلها بمعزل عن المجلس .