تسود محافظة حضرموت حالة ترقب غير مسبوقة حتى يوم الجمعة الذي حددته قبائل المحافظة موعداً ل«الهبة الشعبية». و«الهبة الشعبية» هو الاسم الذي أطلقته قبائل حضرموت على سلسلة احتجاجات واسعة تنتهي بالسيطرة على المحافظة رداً على مقتل شيخ قبيلة الحموم سعد بن حبريش العليي مطلع ديسمبر الجاري برصاص قوة من الجيش عند مدخل مدينة سيئون. بعد لقاءات موسعة للقبائل الحضرمية في أعقاب مقتل بن حبريش، طالبت بتسليم الضالعين في قتله وإخراج قوات الجيش من مدن المحافظة وإسناد مهام الأمن إلى قوى أمنية مشكلة من رجال أمن ينتمون لحضرموت. وتوعدت القبائل بإسقاط المحافظة وإدارتها في حال لم تستجب السلطات الحكومية لمطالبها. ولم تفلح مساعي الرئاسة حتى الثلاثاء في احتواء الموقف وتهدئة القبائل حتى بعدما هاتف الرئيس عبدربه منصور هادي أسرة بن حبريش وأعلن الموافقة على تنفيذ كل المطالب "المشروعة" والحقوقية لها، قائلاً إنها مطالب حقوقية لكل مواطني حضرموت وفق ما ذكرت وكالة سبأ الحكومية للأنباء. وتزامن اتصال هادي بأسرة بن حبريش في أثناء ما كانت لجنة رئاسية تضم محافظ حضرموت خالد سعيد الديني ونائب وزير الداخلية علي ناصر لخشع ووكيل المحافظة سالم سعيد المنهالي ووكيل وزارة الداخلية صالح حسين قاسم ووكيل وزارة النفط سعيد سليمان الشماسي تجتمع برجال قبيلة بيت علي التي ينتمي إليها الشيخ القتيل في وادي نحب لترضيتها وعرض تحكيم عرفي عليها. لكن «حلف قبائل حضرموت» أعلن رفضه للعرض الحكومي وقال في بيان له «كان ردنا بان قضية دم الشهيد بن حبريش لا تخص قبائل الحموم لنفسها بل تخص أبناء حضرموت ككل ويمثلهم حلف قبائل حضرموت وان ما قاموا به (اللجنة الرئاسية) لا يمثل خطوة جدية لحلحلة الأزمة ولو وجدت المصداقية لديهم لنفذوا على الأقل إحلال قوات الأمن الحضرمية بدلاً عن الآخرين وإخراج قوات الجيش من المدن واننا سائرون على استمرار الاستعدادات للهبة في موعدها المقرر». ولم يوضح حلف قبائل حضرموت وهو الإطار القيادي لقبائل المحافظة الطريقة التي سيسيطر بها على المحافظة النفطية الأكبر مساحة في البلاد، مما بعث مخاوف من وقوع أعمال عنف. وزاد من هذه المخاوف بيان لقبائل في شبوة أعلنت عزمها تنفيذ هبة مماثلة ومتزامنة مع الهبة الحضرمية وأنذرت السكان من خارج المحافظة بمغادرتها قبل حلول الجمعة. ونال البيان انتقادات واسعة بسبب الإشارات العنيفة فيه وتهديد السكان المقيمين داخل المحافظة من المناطق الأخرى. وقال البيان «على أبناء شبوة في كل مديرية بعد تأمينها وتشكيل لجان شعبية لحفظ الأمن والممتلكات العامة والخاصة فيها وتسيير شؤونها الالتحاق بأبناء المحافظة في العاصمة عتق». وأضاف: نؤكد أن جميع الأجانب من خبراء وعاملين في الشركات النفطية في محافظة شبوة ضيوفٌ كرامٌ لدينا ونؤكد على ضمان سلامة أمنهم وسلامة عائلاتهم وممتلكاتهم وندعوهم للحفاظ على ما تحت سلطتهم وأيديهم في هذه الشركات من ممتلكات ووثائق والتعاون مع رجال القبائل لحفظها. وقالت مصادر إن قوى مختلطة من أطراف متعددة تسعى إلى إثارة العنف هي وراء الرسائل العنيفة التي اكتنفت بيان بعض القبائل الشبوانية التي التقت يوم الاثنين. يذكر أن موقف قبائل حضرموت لاقى تأييداً واسعاً من المجتمع المحلي والسياسيين وأحزاب سياسية وفصائل الحراك السلمي. وضمن هذا السياق، أعلن سكرتير أول منظمة الحزب الاشتراكي اليمني في المحافظة محمد عبدالله الحامد دعم القرارات التي اتخذها حلف قبائل حضرموت. وقال الحامد «كلفنا أعضاء حزبنا العاملين في مؤسسات الدولة مع سائر العاملين ان يكرسوا عملهم في ما يخدم الهبّة الشعبية والقرارات المتخذة من قبل الحلف وتأمين الظروف المعيشية والصحية والخدمات العامة والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وقبل كل شيء امن المواطنين وسلامتهم». وتضع «الهبة» المقررة في حضرموتوشبوة الحكومة والرئاسة في موقف صعب واختبار عسير في مدى قدرتيهما على احتواء الموقف وتأمين الوضع في المحافظتين اللتين يستخرج منهما نحو ثلاثة أرباع الصادرات النفطية.