لايزال المواطن سيف راشد الدهماني متمسكاً بحلمه المتمثل في استكمال بناء قريته التراثية في منطقة «ميدق» التابعة لإمارة الفجيرة، لاسيما بعد أن افتتحها رسمياً أخيراً سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، ضمن احتفالات الدولة ب«اليوم الوطني» ال42. افتتاح القرية افتتح أخيراً سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، القرية التراثية للمواطن سيف الدهماني في منطقة «ميدق» التابعة لإمارة الفجيرة، وذلك ضمن احتفالات الدولة ب«اليوم الوطني» ال42. وتخلل حفل افتتاح القرية الذي حضره عدد من المسؤولين وطلبة مدارس وأهالي المنطقة عرض فقرة غنائية بعنوان «يا دارنا» وأخرى بعنوان «بين الماضي والحاضر»، إضافة إلى فقرة «المطوعه» قدمتها مدرسة رميثة الأنصارية، فضلاً عن قصيدة شعرية عن الوطن ألقتها الطالبة مريم علي الزحمي من مدرسة السيجي للتعليم الأساسي والثانوي للبنات. وقام الشرقي في نهاية الحفل بجولة في أرجاء القرية التراثية التي تضمنت مجموعة من الصور والمنتجات التراثية القديمة التي تعنى بتراث الدولة. موقع مميز تقع «قرية الدهماني» التراثية في منطقة مميزة أسهمت بشكلٍ كبير في الترويج لها وزيادة الإقبال عليها، وهي «ميدق» التي تعد إحدى المناطق الجميلة، وقد اكتسبت المنطقة الاسم نسبة إلى وادي ضخم تجري فيه المياه باستمرار، وكان يعد في السابق مصدراً رئيساً لري عشرات المزارع الصغيرة والمنتشرة على السفوح السفلية لجبال المنطقة. وتحتوي المنطقة على عيون مياه طبيعية، وتزخر أرضها بمياه الوديان في فصل الشتاء، وفيها قلعة يطلق عليها اسمها «ميدق» ومجموعة من القلاع الصغيرة، وقد تم العثور على مجموعة من الآثار فيها. عكف الدهماني على بناء القرية منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام بمجهودٍ فردي، يعكس تعلقه الكبير وولعه الشديد بالتراث الذي يعده جزءاً لا يتجزأ من هويته الوطنية التي يحرص على تعزيزها باستمرار. وقد سخر الدهماني، الموظف المتقاعد، جل وقته لإنجاز القرية التي تمثل بمرافقها المنوعة صورة مصغرة لمظاهر الحياة التقليدية القديمة التي تجسد على حد قوله «الزمن الجميل بتفاصيل منوعة». بدأ الدهماني العمل على القرية التراثية قبل عام تقريباً، وأنجز فيها عدداً من القلاع والحصون التراثية التي تشكل إحدى صور البيئة المحلية القديمة، وتعكس في الوقت نفسه الهوية الإماراتية الأصيلة، في محاولة لتعريف أفراد الجيل الجديد بها. وقال الدهماني ل«الإمارات اليوم»: «قمت ببناء عدد من البيوت التراثية في القرية ذات الأشكال والاستخدامات المختلفة ك(العريش) و(بيوت الحصى) و(الكرين) و(العسبك)، وجعلت فيها مجموعة من الأجنحة، مثل جناح الأدوات الزراعية، وآخر للأدوات المنزلية، فضلاً عن مجموعة من الصور القديمة التي تسلط الضوء على ملامح الحياة القديمة، وصور لشيوخ، قديمة وحديثة»، وتابع «كما تضم القرية محتويات تراثية منوعة، مثل (الطوي) الذي يعد نموذجاً للبئر القديمة التي كانت توجد في بعض البيوت والمزارع، الأمر الذي يسهم في تحقيق الأهداف من وراء قيامها والمتجسدة في تعريف الأجيال الجديدة بالتراث الإماراتي العريق، وترجمة تعلقي وولعي الكبير به، خصوصاً أنه يعد جزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية التي أحرص على تعزيزها باستمرار». وأضاف «سعياً لتحقيق هذه الأهداف أفتح أبواب القرية أمام الجمهور وطلاب المدارس، إلى جانب السياح الذين يوافدون من كلِ حدب وصوب نحوها، لاسيما أنهم يعشقون التعرف إلى تاريخ وتراث الدول التي يقصدونها». وحول الصعوبات والعراقيل التي واجهها الدهماني في بناء قريته قال «يتطلب بناء القرية التراثية التي أطمح لإكمالها جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً، خصوصاً أنني أعتمد على نفسي ومجموعة بسيطة جداً من العمال، وأرفض معاونة المتطوعين، وذلك لرغبتي الحثيثة في تحقيق الإتقان على أكمل وجه، كما أنني أعجز عن تقديم مكافآت مالية مقابل العمل، ولذلك لايزال استكمال بنائها قيد التنفيذ منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام». وعادةً ما أبدأ العمل فيها في شهر مايو وإلى أكتوبر، الأمر الذي يمثل صعوبة بالغة في ظل حرارة الجو، إلا أن موسم استقبال زوارها يحتم ذلك، والذي يبدأ من شهر أكتوبر ويستمر إلى أبريل. ويملك المواطن سيف الدهماني صاحب القرية التراثية الواقعة في منطقة «ميدق» التي تبعد عن مسافي الفجيرة نحو سبعة كيلومترات غرباً، خبرة واسعة في مجال التراث، وتحديداً في بناء وتصميم قرى تراثية تعكس البيئة المحلية القديمة، وشارك بذلك في مجموعة من الفعاليات التراثية، ومنها فعاليات «مهرجان الرطب 2013» الذي نظم أخيراً في المبنى 3 في مطار دبي الدولي، وقبل سنوات في مهرجان «الجنادرية» بالسعودية، وقام ببناء قرى تراثية مصغرة في مجموعة من الهيئات الحكومية ومدارس وجامعات. وتضم «قرية الدهماني» مجموعة من البيوت التراثية ذات الأشكال والاستخدامات المختلفة التي قام بتصميمها بنفسه، ومنها «العسبك»، وهو بيت شتوي اشتهرت به المناطق الجبلية التي تنخفض فيها درجات الحرارة، ويشبه بيوت «الأسكيمو» ذات القبة الدائرية، و«العريش» وهو بيت صيفي يدخل في بنائه «الدعون»، وهي أغصان النخيل، وحطب «الجندل» وهو نوع من الخشب، أو جذوع النخيل، و«الخيمة» بيت البدو الذي يصنع من الشعر.