يصنع فيلم (مملكة النمل) لمخرجه التونسى شوقى الماجرى، جماليات خاصة، كما يحمل تحديات الفلسطينيين ورهانهم على "استمرار المقاومة"، رغم القصف وهدم المنازل والجدار العازل الذى أقامه رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق أرييل شارون. ففى المشهد الأول صبية يتصدون بصدور عارية وبالحجارة لجنود يطلقون النار ثم تتراجع الكاميرا ليتصدر المشهد الجدار العازل مكتوبا عليه اسم الفيلم وصناعه مع رسوم لوجوه وطائرات وأشكال أخرى من فنون الجرافيتى التى صاحبت كثيرا من موجات الربيع العربى. عرض الفيلم مساء أمس، الأحد، فى المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى افتتحت دورته الخامسة والثلاثون الأربعاء الماضى. وقال دليل المهرجان، إن الفيلم صور عام 2010 "بين مصر وتونس وسوريا، ولكن تأخر عرضه بسبب الأحداث السياسية التى مرت بها هذه البلدان". ولا يميل الفيلم إلى إطلاق شعارات ضد الاحتلال الإسرائيلى بقدر ما يسرد بهدوء قصة حب بين جليلة وطارق الذى يرجع إلى المنزل تمهيدا لزفافه فيدهم الجنود المنزل بحثا عنه، وحين يفشلون فى العثور عليه يطلقون قنابل مسيلة للدموع فى أركان البيت تحسبا لاختبائه. ولكن القوة تخلق قوة مضادة وفنونا من المقاومة بالحيلة أو المواجهة، حتى إن زواج طارق وجليلة يتم فى مكان سرى أشبه بسرداب اسمه "مملكة النمل" يحفظ الذاكرة الفلسطينية للأجيال. ويضطر طارق (الممثل الأردنى منذر رياحنة) للهروب قبل ولادة جليلة (الممثلة الأردنية صبا مبارك) التى يتم القبض عليها وتلد فى الزنزانة ابنها (سالم) وتواجه الضابط الإسرائيلى (الممثل السورى عابد فهد) بأنهم الآن صاروا ثلاثة "طارق وجليلة وسالم" وأن سالم سوف يسجل فى شهادة ميلاده مكان الولادة وهو السجن "هنا فى فلسطين. ابنى ولد فى فلسطين". ويغيب طارق 12 عاما ويكبر سالم ويتولى أمره الجد (الممثل الأردنى جميل عواد) الذى يعرفه بأسرار السرداب وجغرافيا البلاد وأن "لكل منا مملكة نمل" وأن فلسطين بحكم كونها نافذة بلاد الشام على البحر تصير موضعا لضربات الموج المتلاحقة ولكن "الضرب" يزيدها صلابة وتصير مقبرة "للغزاة". ويشدد على أن الاحتلال يهدف إلى محو "الذاكرة الفلسطينية" ولو بالعدوان على المقابر التى تعد من الأسباب القوية لربط الجيل الجديد بأرض آبائه. ومع توالى المواجهات وهدم المنازل يقتل الصبى سالم الذى لا يراه أبوه وتفشل أمه فى التوصل إلى أى معلومات عنه ويرفض الضابط الإسرائيلى حتى أن يسلمها جثته. ولكن الجدة خضرة (الممثلة الأردنية جولييت عواد) تقول بثقة إن الصبى سالم "فى القدس.. يا أسير يا شهيد"، وتضيف وهى تراهن على الأمل أن "المقاومة شغالة". وينتهى الفيلم بمشهد يجمع المحبين فوق أسطح المنازل وكل زوجين يتقاسمان ثمرة تفاح ثم يرددون أنشودة "صبرنا صبر الخشب تحت المناشير.. وايش صبرك يا خشب غير التقادير" وتنطلق الزغاريد التى تتحدى قوات الاحتلال.