ويري الشعب, باعتباره صاحب السيادة, أهداف ثورته تتحول إلي إنجازات ملموسة علي أرض الواقع. لكن البعض يسعي إلي وأد عملية التحول الديمقراطي في مهدها, تحقيقا لمكاسب شخصية وانتخابية, في محاولة لإعادة مصر إلي الخلف, وإطالة أمد الفترة الانتقالية, وإبقاء البلد دون مؤسسات منتخبة, مع أن مصر أحوج ما تكون إلي الاستقرار السياسي, شرطا للانطلاق الاقتصادي, ومع أن أصحاب هذه الدعوات أنفسهم ظلوا يرددون دوما: الدستور أولا. هكذا, سيقول الشعب كلمته في دستوره, ولن يسمح لأحد بقطع الطريق, أو الوصاية عليه, وسيشرف قضاء مصر علي الاستفتاء, ولن يستجيب شرفاؤه للدعوات إلي مقاطعته. وحسنا فعل الرئيس محمد مرسي عندما طرح مبادرة لمناقشة كل ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية مع القوي السياسية, وكيفية تأمينها في المرحلة المقبلة, ذلك أن الوضع المالي للبلاد يزداد صعوبة, وما لم نغلق صفحة الماضي, فلن نتمكن من النظر إلي المستقبل, وتحقيق أي إنجاز في ملفي الاقتصاد والأمن, وهما الملفان الأكثر أهمية بعد الاستقرار السياسي. والمطلوب الآن استثمار ما تبقي من وقت, حتي موعد الاستفتاء, في دراسة الدستور الذي نجحت الجمعية التأسيسية في إنجازه, خلال الأشهر الستة المحددة لها, وأخرجته بما يليق بمصر الثورة, بالرغم من الأجواء المضطربة التي عملت فيها. ويكفي الجمعية فخرا أن النقاش كان يتم بشكل علني لكل مادة من مواد الدستور, تحت سمع وبصر الشعب, وأنها أدارات حوارا حول كل مادة مع جميع أطياف المجتمع, وأن ما توصلت إليه من مشروع الدستور إنما جاء بمشاركة مكوناتها السياسية كافة, فكانت عند ثقة الشعب بها.