سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الأستاذ عبدالوهاب المهدي ل"26 سبتمبر": نطالب بتدخل أممي عاجل لوقف استهداف العدوان المباشر أو غير المباشر للمناطق الأثرية
في قلب اليمن تقف صنعاء القديمة شامخة بشموخ التاريخ مدينة لا تروى حكاياتها بالحجارة فحسب بل بالهوية والروح التي تسكن بين جدرانها المزخرفة وأزقتها الضيقة.. مدينة أدرجتها اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي لكنها تعيش اليوم ظروفاً استثنائية تهدد كيانها المعماري والثقافي من اعتداءات لا ترحم إلى ظروف مناخية قاسية وضغط سكاني متزايد وصولا إلى اعتداءات خارجية طالت حتى ذاكرة البلاد ومآثرها.. في هذا الحوار الحصري نضع ملف صنعاء القديمة على الطاولة مع الأستاذ عبدالوهاب محمد المهدي رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية للوقوف على حجم التحديات والاستراتيجيات القائمة للحفاظ على تراث عمره آلاف السنين وما تقوم به الهيئة من جهود ملموسة لترميم وصيانة المعالم وتوثيق الانتهاكات خاصة في ظل الاعتداء والقصف الإسرائيلي الأخير الذي طال مناطق في المدينة مصنفة ضمن التراث العالمي .. فإلى نص الحوار: حوار - محمد الهندي - ما تقييمكم لوضع مدينة صنعاء القديمة الحالي من حيث البنية المعمارية والحفاظ على الهوية التاريخية؟ * مدينة صنعاء القديمة تمر بوضع معماري هش نتيجة تراكم الأضرار الناتجة عن العدوان والعوامل المناخية خصوصا الأمطار رغم ذلك تعمل الهيئة بالتعاون مع منظمات دولية ومحلية على ترميم المئات من المباني التاريخية للحفاظ على الهوية اليمنية الأصيلة. - هل تعتبر صنعاء القديمة اليوم مدينة محمية فعليا وما هي الإجراءات الملموسة لذلك؟ * نعم صنعاء القديمة تعتبر مدينة محمية بموجب تسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي ولدينا دليل إرشادي للبناء داخل المدينة إلى جانب سجل وطني للتراث وننفذ رقابة دورية لضبط أي تدخلات غير مرخصة. - ما هي أبرز التهديدات التي تواجه صنعاء القديمة حاليا؟ * تتمثل أبرز التهديدات في الأمطار والسيول والتصدعات البناء العشوائي والتدخلات العمرانية غير المدروسة وضغط النزوح الداخلي الذي يؤثر على البيئة السكنية والخدمية في المدينة. - كيف تعاملت الهيئة مع الأضرار الناتجة عن العدوان والعوامل البيئية؟ * تم تنفيذ مشاريع ترميم طارئة لمئات المنازل بتمويل من منظمات مثل اليونسكو والاتحاد الأوروبي وبدعم مجتمعي ومحلي بالإضافة إلى تدخلات في إصلاح شبكات الصرف ومعالجة الأسطح الطينية. - إلى أي مدى يؤثر النزوح والضغط السكاني على المدينة؟ * النزوح أدى إلى تزايد الأحمال السكانية مما ساهم في تدهور بعض المرافق والبنى وأثر سلبا على الصيانة الدورية والتوازن المعماري داخل المدينة التاريخية. - ما هي آخر مشاريع الترميم التي نفذتموها؟ * أبرز المشاريع تشمل ترميم منازل للأسر الأشد فقرا بالتعاون مع مؤسسة بنيان ومشاريع ترميم بتمويل من الاتحاد الأوروبي شملت أكثر من 400 منزل إضافة إلى دعم بنية الصرف الصحي وكان آخر هذه المشاريع تنفيذ المرحلة الثالثة من مشروع الترميم الممول من أمانة العاصمة لعدد 42 منزلا بتكلفة 100 مليون ريال . - ما المعايير التي تضمن الحفاظ على الطابع المعماري اليمني في الترميم؟ * نلتزم بدليل البناء المعتمد داخل المدينة القديمة ونحرص على استخدام المواد والتقنيات التقليدية مع توثيق جميع المعالم وفقا للهوية المعمارية المحلية. - كيف تتعاملون مع الترميمات الفردية غير المرخصة؟ * نقوم برصد أي تدخلات غير مرخصة ونعمل على تصحيحها وفق المعايير المعتمدة كما نوجه الملاك بضرورة الرجوع للهيئة قبل أي أعمال صيانة أو ترميم. * هل لديكم برامج توعوية لتعزيز ثقافة الحفاظ على التراث والمدن التاريخية ؟ * نعم وفي هذا السياق وبالتعاون مع اليونسكو وجهات محلية أطلقنا حملات توعية واسعة استهدفت السكان والملاك لتعزيز الوعي بأهمية صون التراث المعماري. - كيف تدعمون ملاك البيوت غير القادرين على الترميم؟ * ننفذ مشاريع مخصصة لدعم هذه الفئة شملت إعادة تأهيل منازلهم مجانا عبر شراكات مع منظمات مانحة ومؤسسات خيرية محلية. - ما هو دور المجتمع المحلي في مشاريع الترميم؟ * المجتمع المحلي شريك أساسي لنا في مراحل التقييم والتنفيذ للمشاريع من خلال لجان مجتمعية ومبادرات شبابية مثل فرسان التنمية. - هل توجد خطة لتحويل المدينة القديمة إلى وجهة سياحية منظمة؟ * التحضيرات قائمة عبر ترميم البنية التحتية وتحسين بيئة المدينة لكن التحول السياحي الكامل يتطلب استقرارا وأمنا وخطة استثمار متكاملة. - كيف توازنون بين السياحة والحياة اليومية للسكان؟ * من خلال ضمان أن أي مشروع سياحي يحترم خصوصية السكان ويوفر لهم فرص عمل داخل بيئتهم مع الحفاظ على الطابع الحي للمدينة. - ما دور الفعاليات الثقافية والفنية! * الفعاليات تلعب دورا مهما في إحياء المدينة وتنشيط الوعي بالتراث وندعم مبادرات فنية وثقافية تسهم في تعزيز الهوية المحلية. - هل تتلقون دعما من منظمات دولية مثل اليونسكو؟ * نعم نتلقى دعما من اليونسكو والاتحاد الأوروبي والصندوق الاجتماعي للتنمية في مجالات الترميم والتوثيق والتدريب. - ما مستوى تعاونكم مع الجهات الحكومية الأخرى ؟ * نتعاون بشكل مستمر مع أمانة العاصمة ومؤسسة بنيان والصندوق الاجتماعي ومشروع الأشغال العامة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية والترميم. - هل هناك مبادرات لجذب استثمارات في المدينة؟ * نسعى لذلك عبر تهيئة البيئة القانونية وتوفير نماذج مشاريع سياحية وثقافية قابلة للاستثمار مع بحث فرص الشراكة مع القطاع الخاص. - ما هي خطة الهيئة للعشر السنوات القادمة؟ * التركيز سيكون على استكمال الترميم الشامل وتطوير السياحة المستدامة وتدريب الكوادر المحلية وتحويل المدينة إلى نموذج عالمي للحفاظ العمراني. - كيف يمكن استخدام التكنولوجيا في حماية التراث! * نعمل على تطوير التوثيق الرقمي للمعالم واستخدام أدوات المسح ثلاثي الأبعاد والأرشفة الإلكترونية لتوثيق وتحديث سجلات المدينة. - ما رسالتكم لليمنيين حول أهمية الحفاظ على صنعاء القديمة؟ * صنعاء القديمة ليست مجرد مدينة بل شاهد على هوية اليمن التاريخية والحفاظ عليها واجب وطني وديني وهي مسؤولية جماعية لضمان بقائها للأجيال القادمة . - ماذا عن العدوان الإسرائيلي على مدينة صنعاء القديمة خلال الآونة الأخيرة مع العلم بأن صنعاء مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي وما هي الإجراءات التي اتخذتموها حيال ذلك؟ * بالنسبة للعدوان الإسرائيلي الأخير على مدينة صنعاء القديمة فاننا ندين بشدة هذا القصف الذي طال منطقة مصنفة ضمن قائمة التراث العالمي وهو انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية التي تحمي المواقع التاريخية والثقافية وخصوصا تلك المسجلة لدى اليونسكو والهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية تعمل حاليا على توثيق الأضرار بشكل دقيق بالتعاون مع منظمات دولية مثل اليونسكو وسترفع تقارير رسمية لإدانة هذا الاعتداء ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته كما سيتم تقديم ملف قانوني للجهات المعنية في الأممالمتحدة ومجلس حقوق الإنسان لإيضاح حجم الانتهاك وأثره على التراث اليمني والعالمي فصنعاء القديمة ليست ملكا لليمن فقط بل هي تراث إنساني يجب أن يحظى بالحماية الدولية الكاملة. - هل تسبب العدوان الإسرائيلي الأخير بأضرار موثقة للمعالم التاريخية داخل المدينة القديمة؟ * نعم تم تسجيل تهدم منازل بكاملها نتيجة العدوان الإسرائيلي وأزهقت أرواح بالإضافة إلى أضرار في عدد من المباني التاريخية لا سيما في الأحياء القريبة من مواقع الانفجارات حيث تضررت النوافذ الخشبية والزخارف الجصية والأسطح الطينية وقد باشرت فرق الطوارئ الهندسية عمليات التوثيق والمعالجة الأولية لمنع تفاقم الأضرار. - ما نوع الدعم الذي تطلبه الهيئة من المجتمع الدولي في ظل هذه الاعتداءات؟ * نطالب بتدخل أممي عاجل لوقف الاستهداف المباشر أو غير المباشر للمناطق الأثرية وتوفير دعم فني ومالي لتأهيل المباني المتضررة كما نطالب بإيفاد بعثات دولية لتقصي الحقائق وتوثيق الانتهاكات وفقا للاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحماية التراث. - هل هناك جهود لتصنيف الأضرار ضمن الجرائم الثقافية الدولية؟ * نعم. الهيئة تعمل حاليا بالتنسيق مع مختصين في القانون الدولي لإعداد ملف قانوني متكامل يستند إلى اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية لعام 1954 وغيرها من المواثيق لتقديمه إلى اليونسكو ومجلس الأمن الدولي والمحكمة الجنائية الدولية. - كيف تتعامل الهيئة مع التحديات التمويلية في ظل الأوضاع الراهنة؟ * نواجه صعوبات كبيرة في التمويل لكننا نحاول تجاوزها عبر توسيع شبكة الشراكات مع المنظمات الدولية وتقديم مشاريع قابلة للتمويل إضافة إلى إطلاق مبادرات محلية للتبرع ودعم جهود الترميم والحماية. - ما الخطوات الحالية لحماية بقية المدن التاريخية في اليمن؟ * الهيئة تعمل على إعداد خطط طوارئ مماثلة لمدن مثل زبيد وشبام وكوكبان كما نسعى لتوثيق كل المواقع التراثية رقميا وإنشاء قواعد بيانات مركزية لضمان حمايتها في حالات النزاع أو الكوارث الطبيعية.