ربما لا يكون السلطان الأشرف شعبان بن السلطان الناصر ابن قلاوون، من السلاطين العظماء في دولة المماليك، ولكنه نال شهرة واسعة في مجال العمارة والفنون بفضل ما تم إنجازه في عهده من أعمال معمارية وفنية. ففي عهده شيد السلطان، الذي جلس على العرش طفلاً دون التاسعة، مدرستين إحداهما لأمه خوند بركة، وهي قائمة إلى اليوم في خط التبانة بالقاهرة، والثانية مدرسته الأشرفية، التي اندثرت في عهد الناصر فرج بن برقوق، فضلاً عن تزويده الكعبة بمفتاح من البرونز المكفت بالذهب، ثم قبل ذلك وبعده ستة مصاحف تنسب أربعة منها للسلطان ومصحفان لوالدته خوند بركة. وفقاً لأقوال المقريزي فإن السلطان الأشرف شعبان عني عناية كبيرة بتزويد مكتبة مدرسته ومكتبة مدرسة والدته بعدد كبير من المصاحف بعضها تم نسخه وتذهيبه بأمر منه، وبعضها الآخر آل إلى المكتبتين عن طريق الشراء وكانت منها نسخ بخط ابن البواب وياقوت المستعصمي، ولكن هذه الكنوز الفنية تم الاستيلاء عليها من قبل جمال الدين الأستادار، الذي استحل مال الأوقاف من المصاحف الثمينة لا لشيء سوى بناء مدرسة باسمه وتزويدها بمكتبة جاءت هي أيضاً عن طريق النهب. العصر الذهبي اعتبر مؤرخو الفنون الإسلامية عصر السلطان شعبان «764-778 ه» بمثابة العصر الذهبي لمدرسة القاهرة في نسخ المصاحف وتذهيبها، والذي تميز بنضج زخرفة الأطباق النجمية، التي جرى تذهيبها وتلوينها لتكون عنوانا للعناية الفنية بنسخ المصحف الشريف. ويمكن القول إن عصر السلطان شعبان كان بداية الازدهار الكبير في نسخ أعداد كبيرة من المصاحف الفخمة، ولولا عدوان جمال الدين الأستادار أيام الناصر فرج بن برقوق على مكتبة مدرسة السلطان شعبان، ونهب نسخ المصاحف الفنية منها، لكانت لدينا اليوم ثروة فنية لا تقدر بثمن مثلما تنبئ عن ذلك المصاحف الستة التي وصلتنا من عصر السلطان شعبان وأمه خوند بركة. وهذا الازدهار الفني جاء نتيجة لعناية الأمراء الكبار بتقليد السلاطين من أسرة قلاوون في أمرين أولهما بناء المدارس، وتزويدها بالمكتبات العامرة، والثاني إلحاق قباب ضريحية بتلك المدارس ليدفن بها مشيد المدرسة، وكان لتلك المدافن أوقاف جزيلة تنفق من أجل ترتيب قراء لترتيل القرآن في نوبات على مدار الساعة، ترحما على المتوفى، وكانت المصاحف المخصصة للقراءة من الربعات الشريفة الضخمة والحافلة بالزخارف والتذهيب، وهي غالبا ما تكتب بأقلام مشاهير الخطاطين في حياة المنشئ. ... المزيد الاتحاد الاماراتية