الشارقة - محمد أبو عرب: شهدت الأمسية الخامسة في مهرجان الشارقة للشعر العربي مساء أمس الأول في قصر الثقافة، أربعة أمزجة شعرية متباينة، حيث قدّم الشعراء المشاركون قصائد تمثل تجاربهم، وتكشف عن اختلاف المشارب الشعرية لكل منهم . قرأ الشعراء خلال الأمسية التي أدارها الشاعر هاني رجب، عدداً من القصائد التي تتنوع بين العمودية، والتفعلية، والنثر، وتطرح في مضامينها قضايا الوطن، والحرية، والحب، والحياة، بصياغات شعرية تفتح القصيدة على جماليات إنسانية تمزج الفرح بالحزن والمتخيل بالواقع، والذكريات باليومي . وشارك في الأمسية كل من الشاعر آدم فتحي من تونس، وخميس بن قلم من عُمان، وسمير فراج من مصر، وشيخة المطيري من الإمارات، وقدّم كل منهم نصوصاً تمثل رؤية كل منهم للشعر . جاءت أولى القراءات للشاعر التونسي آدم فتحي، وقرأ قصيدتين الأولى يعتذر فيها من ابنته مي، والثانية يقرأ فيها سيرة الخمسين من عمره، فينتشل بومضات شعرية قصيرة صورة اليومي من مساحتها المألوفة إلى مساحات جمالية، وقال في قصيدة "الخمسين": أنتَ ذا بعد خمسينَ . . . لا الطفلُ شابَ ولا الشيخُ طابَ ولا القلبُ تابَ عن الحُلمِ . ماذا طلبتَ؟ وهل يطلبُ الشعراءُ إلاّ القَلِيلَ: سَماءً أَخَفَّ وَمَوْتًا أَعَفَّ وَخَرُّوبَةً لاَ تَمِيلُ وحَريَّةً حُرَّةً وبِلادًا تَكُونُ وَلاَ تَسْتَحيلُ وَشِعْرًا تُعَطِّرُ فيه القناديلُ شَعْرَ المَطَرْ، ثُمَّ قُلْتَ لِأَطْلُبْ أقَلَّ: عَرُوسًا لِرُوحِي وأغْنِيةً لِعَرُوسِي وبَيْتًا لِأُغْنِيَتيِ وَجَوازَ سَفَرْ . وانتقل الشاعر خميس بن قلم من أجواء الخمسين وشواغل العمر، إلى مناخات شعرية تشتغل على المذاق والرائحة في بناء شعرية محسوسة، وقرأ عدداً من النصوص توظف الجمل الفعلية في تحريك الساكن في متن القصيدة، فقرأ: "حملوا رائحة الطين وساروا للجبالْ كي يصيدوا الشمس في مكمنها ويعودوا بالمحالْ . . من بلاد دمها ثلجٌ سروا . . في سبيل الشمس غابوا . . . . خمسة كانوا ، وكلباً يقتفي حجر الدفء وآثار الظلالْ . المسافات ظلام وضبابُ وعلى الأشجار ريح يتدلى الخوف منها وعواء الصمت يأتي من قرار الليل كي يسرق أحلام الرجالْ" . واستعاد فراج مزاج القصيدة العربية الغنائية التي تذكر بالقضية المركزية للوطن العربي، فتوقف عند محاولات هدم المسجد الأقصى، والاحتلال، واغتصاب الأراضي الفلسطينية، منطلقاً من مرجعيات وطنية، تعيد تقديم الجمل الشعرية المألوفة بصيغ جديدة، فقال في قصيدة بعنوان "موت متكرر": "يُزَوِّرُ أَحْبارُ الْيَهُودِ قَدَاسَتِي وَنَحْنُ لِمَبْكاهُمْ نُطِيعُ وَنَسْمَعُ وَما حائِطُ الْمَبْكَى حَوَيْتُ وإِنَّما مناخُ بُراقٍ لِلسَّماواتِ يُقْلِعُ أَيَدْخُلُ مِنْ بابِ الْخَليلِ عَدُوُّكُمْ وَخُطْوَتُكُمْ حَيْرَى تُرَدُّ وَتُمْنَعُ؟! وقرأت الشاعرة شيخة المطيري، نصوصاً تكشف عن شعرية عالية، ولغة صافية، محمّلة بصور وبناءات جمالية، يتبدى فيها الحب والغياب والذكريات والأمل في سياق قصيدة واحدة فقرأت من قصيدة بعنوان "لافندر": "جفن بارد لا يذكر آخر شيء مر أمامه يتشبه بالطين وينام طويلا ويظن بأن الطين سيرويه برائحة الماء فاختار عروقاً حين جرت في محجره كانت نهر دماء من أين أتيت من أين يطل النور تقترب الآن رمل حرير يستيقظ بين يديك فتبدأ في ذاكرة "اللافندر" أعصاب الوردة بالهذيان تتنفس إصبعك الدافئ في لحظة ورد هل علق بإصبعك حنيني" . الخليج الامارتية