اكد الرئيس الايراني حسن روحاني بان الطرف الاخر في المفاوضات النووية ادرك بعد 10 اعوام من الاصرار على موقف غير منطقي وغير صائب بان الشعب الايراني لن يتخلى تحت اي ظروف كانت عن امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية. طهران (فارس) جاء ذلك في كلمة للرئيس روحاني القاها اليوم الخميس في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي الرابع والاربعين في سويسرا. واستعرض الرئيس الايراني في هذه الكلمة الظروف الجديدة الاقتصادية والاستثمارية في ايران وقال، انني ارى الاقتصاد الايراني اليوم بانه الاقتصاد الاكثر تجانسا وطاقة وقربا للاقتصادات الناجحة حديثة الظهور وسنرسم المستقبل بمعيتها والى جانبها. واضاف، ان حكومة التدبير والامل (الحكومة الايرانية الجديدة) تفكر بعلاقات ودية ومستديمة مع الدول الاخرى على اساس فكر الاعتدال والمرتكز على معتقد الدين والتمسك بالتعاطي البناء، وفي اطار النظام التجاري متعدد الجوانب تعتقد دوما بالتعاطي المتكافئ والمنصف في المجال الاقتصادي. واعتبر الرئيس روحاني التعاطي البناء بانه الحاجة الملحة في عالم اليوم، وقال، ان منتدى دافوس الاقتصادي العالمي يشكل فرصة سانحة لنقوم عبر تبادل الافكار والتعاطي ازاء القضايا العالمية المهمة بتبيان هواجسنا واهتماماتنا وان نعمل من خلال الحوار وتبادل الراي على بلورة تيار من الفكر. واضاف بالقول، انني ومن هذه الزاوية انظر الى هذا المنتدى وآمل بان اتمكن من نقل رسالة الشعب الايراني في الصداقة والتعاطي والتعاون والتعايش السلمي اليكم ايها القادة والمسؤولون وصناع فرص العمل والمفكرون الذين اتيتم من مختلف انحاء العالم. وتابع الرئيس روحاني، ان رؤيتي تجاه القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية هي رؤية الاعتدال وهو درس تعلمته من الاسلام وجربته بعمق في حياتي السياسية، وبناء عليه فقد قررت المشاركة في انتخابات رئاسة الجمهورية الايرانية كي اتمكن حسب استطاعتي من تطبيق الاعتدال والتدبير اللذين يعدان من الخصال البارزة للايرانيين وكانا السر في نجاحهم على مر التاريخ، على مستوى البلاد والمنطقة والعالم. وقال الرئيس الايراني في كلمته، انه كما توقعت وفي ظل الالطاف الالهية فقد اختار الشعب الايراني الطيب هذا النهج وهو يطالب بحق بتنفيذه وتحقيقه. وتابع قائلا، ان خيار الايرانيين هذا لقي الترحيب ايضا على المستويين الاقليمي والدولي حيث نلاحظ طليعة نتائج ذلك في الاشهر التي تلت تولي حكومة التدبير والامل زمام الامور في البلاد. واشار الى الاحداث والتطورات خلال الاعوام الستة الاخيرة في الاقتصاد العالمي واضاف، ان هذه التطورات اثبتت بانه لا يمكن لاحد العيش بمفرده وليس بامكان اي دولة حل قضاياها دون الاهتمام بالاخرين وليس بامكان اي مؤسسة اقتصادية الوصول الى التنمية المستديمة دون اداء مسؤوليتها الاجتماعية وليس بامكان اي قوة ان تعتبر هيمنتها دائمية. واوضح بان العولمة اثبتت هذه المرة في صورة الازمة الاقتصادية العالمية باننا كلنا ركاب سفينة واحدة واذا لم نختار ربابنة حكماء فان الاعصار سيضرنا جميعا. واعتبر الرئيس روحاني، الازمات البيئية بانها اظهرت بان الجميع جالسون حول مائدة واحدة وان اللامبالاة وعدم التزام الاخلاق والمصالح المشتركة للمجتمعات يمكنها تدمير ثروات اجيال من البشرية واضاف، ان الاحتجاجات الشعبية الواسعة في جميع القارات اظهرت ايضا بان السياسات الاقتصادية يجب ان تاخذ بالاعتبار العدالة الاجتماعية ومصالح الجميع، اذ ينبغي ان ينتفع الجميع وان السياسات والنظم التي تبقى مستقرة هي تلك التي تخدم الجميع، فالقرآن الكتاب السماوي للمسلمين علمنا بان ما ينفع الناس هو الذي يبقي خالدا في الارض (واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض). كما اعتبر الاقتصاد الايراني بانه يمتلك الهيكلية والطاقة اللازمة بان يكون خلال العقود الثلاثة القادمة ضمن الاقتصادات العشرة الاولى في العالم، واكد بان هذا الهدف يسعى اليه في البرمجة العامة الاجتماعية والاقتصادية والسياسة الداخلية والخارجية للحكومة، موضحا بانه يعتزم جديا وضع البني الاساسية لهذا الامر خلال فترة مسؤوليته وازالة جميع العقبات السياسية والاقتصادية الرئيسية، واصفا الاقتصاد الايراني بانه الاقتصاد الاكثر تجانسا وقدرة وامكانية وتماثلا للاقتصادات الناجحة حديثة العهد في العالم. واعلن الرئيس روحاني بان احد الاركان النظرية والعملية لحكومته هو التعاطي الدولي البناء وقال، انه من دون العمل والنشاط الدولي لن يتحقق النمو والابداع والجودة. واشار الى ان ايران تحظى بين الدول النامية وكذلك في منطقة الشرق الاوسط باعلى نسبة من مؤشرات التنمية البشرية واكد انه سيتم بذل اقصى الجهود لتوظيف هذا المصدر الوطني العظيم في مسار تنمية البلاد واضاف، سنقوم في هذا السياق ايضا بتفعيل السياسة الخارجية الايرانية في مسار الاستثمار الواسع للامكانيات الدولية لتحقيق التنمية الاقتصادية في البلاد. واكد الرئيس روحاني استعداد الحكومة الايرانية للتعاطي والوصول الى قواعد عملية مشتركة وانظمة قانونية مستديمة مع جميع الدول الجارة في طيف واسع من القضايا ومنها البيئة وسلامة المحطات النووية والمشاريع الاقتصادية المشتركة والتنمية التجارية واحقاق حقوق الشعب الفلسطيني والحيلولة دون حدوث كارثة انسانية في سوريا وامن الخليج الفارسي ومكافحة الارهاب والتطرف. واعرب الرئيس الايراني عن اعتقاده بان السلام والامن في الشرق الاوسط رهن بتطوير العلاقات الاقتصادية والتعاون الاجتماعي والثقافي والسياحي وايلاء الاهمية للقطاعات الخاصة وتعاون النخب على الصعيد الدولي واضاف، ان ازمات مطلع القرن الحادي والعشرين تثبت بان الامكانيات الاقتصادية لوحدها لا تصنع حياة افضل للشعوب، فالشعوب تريد الى جانب الاقتصاد، الثقافة والقيم المعنوية والاخلاق، لان الاخلاق من دون حدود اخلاقية ستؤدي الى تدمير البيئة السليمة للبشرية والى سباق لاهث وراء استهلاك وتدمير مصادر الاجيال البشرية. مؤكدا بان الاخلاق الانسانية المشتركة يمكنها توفير الارضية لحركة حماسية مشتركة للمجتمعات البشرية وخلق الاواصر فيما بينها والرقي بالنظام والامن والهدوء وجعل الحياة اكثر سعادة. واشار الى ان التعاون الاقليمي يعتبر اولوية لايران في سياستها الخارجية وانها تعتزم بناء علاقات قوية مع الدول الجارة وقال، ان قرارنا هو تطوير العلاقات التجارية والصناعية والاقتصادية مع جميع الدول الجارة مثل تركيا والعراق وروسيا وباكستان وافغانستان ودول الخليج الفارسي والقوقاز واسيا الوسطى وسنبدا تعاونا سياسيا ومتعدد الاطراف. وبشان العلاقات مع الدول الاوروبية قال، لقد كانت لنا مع الدول الاوروبية منذ السابق ايضا علاقات اقتصادية وتجارية عميقة ومع تنفيذ اتفاق جنيف والخطوات اللاحقة والغاء اجراءات الحظر ستعود علاقات ايران مع اوروبا الى حالتها الطبيعية تماما. وحول العلاقات الايرانية الاميركية قال الرئيس روحاني، ان التعاطي بين ايران واميركا دخل ايضا مرحلة جديدة خلال الاشهر الاخيرة وللمرة الاولى التقي سياسيون من البلدين لحل الخلافات في القضية النووية في اطار التباحث وتبادل وجهات النظر وحتى اتخاذ القرار. وهو تطور مهم في مرحلة ما بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران. وتابع قائلا، ان الثورة الاسلامية والجمهورية الاسلامية الايرانية هما نتيجة لنضالات الشعب الايراني التحررية على مدى اكثر من قرن من الزمن وان هذه الجمهورية الناشئة هي في مرحلة النمو والازدهار لذا على الادارة الاميركية القبول بحقائق ايران التاريخية ليس في الكلام فقط بل في العمل ايضا. واعرب رئيس الجمهورية عن الاسف لما تعاني منه المنطقة من نيران الاضطراب والعنف واضاف، ان العنف والارهاب نار في المجتمع الانساني، لاشك ان لهيبها سيطال الذين اشعلوها. وقال، من الصحيح ان التطرف والعنف يستمد جنوده من جيش العاطلين والجياع الا انني اعتقد بان النهج الجذري في مكافحة الارهاب يجب ان ينطلق من التنمية الشاملة، لانه من خلال الرقي الثقافي وتوفير فرص العمل فقط يمكن ان يصبح الامل بالمستقبل بديلا عن الياس الانتحاري وان يوفر الايمان بالله ارضية الخدمة للبشر وليس تدميرهم. واضاف الرئيس روحاني، ان الاشكالية الاساسية في الحكام المستبدين هي انهم وبعيدا عن الشعوب وبالاعتماد على الاجانب فقط قاموا باداراة الاقتصاد والمجتمع وان الشعوب التي رات نفسها غير مساهمة في هذه الادارة قد تمردت على هذا الظلم وفي هذا الخضم قام تجار الموت بالاصطياد من هذا الغضب والتمرد. واعرب عن اعتقاده بان امن العالم مرتبط بامن منطقة الشرق الاوسط واضاف، ان امن هذه المنطقة لا يتوفر بالغفلة عن الشعوب لذا فانه ينبغي لارساء الامن العالمي الاستماع الى كلام شعوب المنطقة وكذلك توفير العمل والامل بالمستقبل للمجتمعات الشبابية في هذه الدول، وانني اعلن صراحة بان طريق الامن يعبر من الثقافة والاخلاق والتنمية. واكد الرئيس روحاني ضرورة ان تشعر جميع الشعوب بفرص متساوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وان تكون المسابقة مسابقة منصفة لابراز الكفاءات وقال، انه لو جرى حرمان البعض من الحضور في المنافسة سيحرم الجميع تاليا من الاستفادة القصوى من الامكانيات لان الضرورة للمجتمع العالمي الآمن والنامي هو تمتع الجميع بالحرية الاقتصادية وحق تقرير المصير السياسي وان فرض اي قيود وحظر اقتصادي سيؤدي الى تصعيد التوتر بدلا عن المساعدة بايجاد التفاهم والامن المشترك. واضاف، انه بناء على ذلك لو كانت الضرورة للامن هي التنمية فان الضرورة للتنمية هي الوصول الى العلوم والتكنولوجيا وان خلق العقبات في طريق تنمية الدول سيشدد الظنون والعداوات، ولهذا السبب فان ايران لا تريد سوى الاستخدام السلمي للطاقة النووية في اطار برنامجها النووي ولا تقبل باي عقبة امام تطورها العلمي. وقال الرئيس الايراني، انه على هذا الاساس وفي الرد على الذين يتصورون تحت تاثير الايحاءات الدعائية بان ايران تسعى وراء فرض سلطتها عن طريق خلق الرعب والتهديد او امتلاك السلاح النووي، اعلن بحزم وصراحة بان السلاح النووي واللجوء الى القوة لا مكان لهما اطلاقا في استراتيجيتنا الامنية وان ايران ليس لها اي دافع لمثل هذا التوجه. واشار الى ان التاريح يثبت بان ايران لم ترتكب خلال القرون الاخيرة اي هجوم او عدوان على احد وانها دافعت بصورة فاعلة امام التهديدات والهجمات المباشرة وغير المباشرة واضاف، ان ما بادرت اليه ايران لغاية الان كان يهدف الى قبول وتثبيت مكانتها ودورها المصيري والحاسم في السلام والاستقرار والامن في المنطقة ومكانتها المؤثرة في التعاون الدولي، ومتى ما رات تغييرا واقعيا وملموسا في العدول عن حالة العداء لدى الاخرين تجاهها فانها سترد ايجابيا بما يتناسب مع ذلك والمثال البارز على ذلك ما شهدناه في القضية النووية خلال الاشهر الخمسة الاخيرة التي توليت فيها مسؤولية ادارة البلاد. واعتبر ما حصل في المفاوضات الاخيرة بانه كان نتيجة لارادة اظهرها طرفا النزاع الاساسيان للوصول الى حل مرض لهما واضاف، ان الطرف الاخر وبعد ?? اعوام من التاكيد والاصرار على موقف غير منطقي وغير صائب قد وصل تاليا الى هذه النتيجة وهي ان الشعب الايراني لن يتخلى مهما كانت الظروف عن حقوقه في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية وان استمرار الشكوك وفرض وتشديد الحظر لن يفرض سوى اثمان مباشرة وغير مباشرة على جميع اطراف النزاع. وتابع قائلا، ان هذه الرؤية الواقعية فتحت نافذة لحل هذه الازمة وتمكن الطرفان بجهد وجدية من رسم اتفاق مبدئي يشكل هيكلية الاتفاق الشامل والنهائي، لذا فان ما بايدينا ليس فقط اتفاقا مرحليا وموقتا في موضوع خاص بل مقدمة وارضية لاتفاق وتعاط لاحق، ورغم ان الخلافات في وجهات النظر مع الطرف الاخر ليست قليلة وبعضها في الحقيقة قديمة ومزمنة ومن الصعوبة ازالتها ولكن هنالك ايضا منافع وارضيات مشتركة كثيرة من ضمنها الامن والاستقرار العالمي والتنمية الاقتصادية وحفظ البيئة ومكافحة العنف والتطرف. واشار رئيس الجمهورية الى مقترحه الذي طرحه بعنوان المواجهة العالمية للعنف والتطرف والذي وافقت عليه الجمعية العامة للامم المتحدة اخيرا بالاجماع، معتبرا هذا المقترح بانه يرتكز على صرح اخلاقي مشترك وهو ان البشرية كلها، من اي دين او عرق وا لغة او قومية كانوا، يحبذون في قرارة نفوسهم الكرامة والرحمة والاعتدال ويستاءون من التطرف وقتل الابرياء والاعتداء على حقوق الاخرين، واضاف، لننضم جميعا الى هذه الموجة وان نقف في مواجهة المعتدين على حقوق المظلومين وان نجسد العولمة في تحقيق الاخلاق العالمية. واعتبر امن الطاقة احدى حلقات الربط بين الامن والاقتصاد وان نظرة العالم لهذا المجال تحظى بحساسية خاصة واضاف، في بعض الاحيان كانت هذه الحساسيات في الماضي موفرة لارضية العنف والحروب والانقلابات في حين ان هذا المجال يمكنه ان يشكل ارضية التعاون الواسع والمستديم. واعلن استعداد الجمهورية الاسلامية الايرانية للمشاركة البناءة في توفير امن الطاقة العالمي وذلك في ظل الاعتماد على احتياطياتها منقطعة النظير من الطاقة عبر اقامة تعاون راسخ على اساس مبدا المصالح المتبادلة. واكد بالقول، ان الجمهورية الاسلامية الايرانية ترى بان امن انتاج وعرض الطاقة والحضور العادل والمنصف على اساس الضرورات الجيوستراتيجية للدول، يعتبر الارضية الاكبر لتبديل الطاقة الى عامل اساس ومستديم للسلام والاستقرار. وكان الرئيس روحاني قد وصل يوم امس الاربعاء الى سويسرا للمشاركة في منتدى دافوس الاقتصادي. ويرافق الرئيس الايراني في زيارته هذه، وزير الخارجية محمد جواد ظريف ووزير النفط بيجن نامدار زنكنة والمساعد الخاص لرئيس الجمهورية حسين فريدون. /2868/ وكالة انباء فارس