طرابلس - وكالات: قتل 14 شخصًا وأصيب 39 آخرون بجروح، جرّاء الاشتباكات المستمرّة لليوم الثالث على التوالي، في مدينة سبها جنوب ليبيا، بين الجيش والثوار من جهة، ومجموعات وصفت بأنها "خلايا نائمة" تابعة لنظام العقيد الراحل معمّر القذافي، من جهة أخرى. وقال ضابط ليبي رفيع أمس، إن 14 شخصًا قتلوا وأصيب 39 آخرون بجروح متفاوتة الخطورة، جرّاء الاشتباكات المسلّحة الجارية في مدينة سبها الواقعة على بعد 700 كلم جنوب العاصمة طرابلس. وأوضح الضابط، وهو ضمن القوات المُرسَلة من طرابلس إلى مدينة سبها لمساندة الجيش، أن "الاشتباكات تجري بين قوات من الجيش وثوّار مدينة سبها، وخلايا نائمة من أتباع النظام السابق". وأضاف إن "هذه المجموعات المسلّحة القادمة من المناطق الجنوبية للصحراء، كانت تحمل أعلام النظام السابق (الخضراء)، وهي مزوّدة بأسلحة متوسطة وخفيفة"، مشيرًا إلى أنها "ما زالت تهاجم مدينة سبها من خلال 3 محاور، بعد أن بسطت سيطرتها على قاعدة تمنتهت العسكرية الواقعة على بعد 30 كلم من مركز المدينة". وقال الضابط إن مدينة سبها "تعيش حالة شلل"، لافتًا إلى أن "معظم مرافق الدولة فيها مقفلة، بما في ذلك المصارف والمدارس ومحطات التزوّد بالوقود، بينما تنعدم الحركة في شوارعها". وكشف أن "قوات الجيش وثوّار المدينة ينتظرون قوّات من الثوار من مدينتي الزنتان ومصراتة، قادمة إلى سبها"، مشيرًا إلى أن هذه القوات "وصلت بالفعل إلى منطقة الجفرة القريبة، بانتظار التعليمات للتقدّم نحو سبها". وغير بعيد عن سبها، تعيش مدينة الكفرة الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي لليبيا، حالة من التوتّر والحذر، وينفّذ الطيران الليبي طلعات لمراقبة الحدود الليبية المشتركة مع مصر والسودان وتشاد، استعدادًا لصد أي مجموعات تحاول دخول المدينة. ما زالت منطقتا العجيلات، ورشفانة (40 كلم غرب طرابلس) تشهد انفلاتًا أمنيًا واشتباكات متقطعة بين قوات الأمن والجيش من جهة، وعناصر وصفت بأنها من "الخلايا النائمة التابعة للنظام السابق" من جهة أخرى. وذكرت مصادر أمنية، أنه تمّ قتل 5 عناصر من تلك الخلايا، والقبض على مجموعة كانت تحمل أعلام النظام السابق، وأجهزة اتصالات ومعدّات تمكّنها من التحرّك والتنسيق مع عناصر أخرى موجودة خارج البلاد. إلى ذلك كشف تقرير للجنة الداخلية في المؤتمر الوطني الليبي العام أعلى سلطة تشريعية في ليبيا أن العام 2013 سجل فيه سقوط 643 قتيلاً، معظمهم في حالات اغتيال وقتل خارج إطار القانون. وقال التقرير الفصلي للجنة إن معدل الجريمة في العام 2013 سجل ارتفاعًا ملحوظًا بالمقارنة مع العام 2012، مشيرًا إلى أن الجريمة أضحت مهنة للاسترزاق في غياب جهاز فاعل للشرطة في ليبيا. وأضاف إنه على الرغم من وجود 250 ألف شرطي في البلاد، لم يدمج في وزارة الداخلية لجهاز الشرطة سوى 29,6 بالمئة من الثوار الذين قاتلوا ضد قوات نظام معمر القذافي في العام 2011. لكن مسؤولاً في هيئة شؤون المحاربين التي تعنى بالثوار السابقين ودمجهم في مؤسسات الدولة قال لوكالة فرانس برس إن "170 ألفًا مسجلاً لديها وإن 12 ألفًا فقط منهم انضم إلى وزارة الداخلية". وأوضح التقرير أنه يتوفر لكل ثلاثين مواطنًا ليبيًا شرطي مقابل لهم رغم ارتفاع وتيرة الانفلات الأمني في مختلف المدن والمناطق في البلد، مشيرًا إلى أن هذا المعدل مرتفع عن بعض دول العالم المتقدمة. ومنذ ثورة 17 فبراير 2011 تعاقب على حقيبة الداخلية أربعة وزراء قدم آخر اثنين منهم استقالاتهما من المنصب نظرًا لهشاشة الوضع في البلد، ليخلفهم بالوكالة نائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية الصديق عبد الكريم مع أنه طبيب لا علاقة له بالشؤون الأمنية. ويثير مصير الحكومة الليبية التي تواجه انتقادات لإخفاقها في ملف الأمن، انقسامات بين أعضاء المؤتمر الوطني الليبي والطبقة السياسية ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة في بلد يشهد أعمال عنف وفوضى. وخلال الجلسة الصباحية للمؤتمر أعلى سلطة تشريعية في البلاد الثلاثاء، وقع 99 عضوًا من أصل 194 مذكرة طالبوا فيها بسحب الثقة من رئيس الحكومة المؤقتة علي زيدان. وتبع هذه الخطوة إعلان حزب العدالة والبناء الإسلامي سحب وزرائه الخمسة من الحكومة. وقال هذا الحزب المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين الليبية إن "سحب وزرائه جاء للفشل الذريع للحكومة في تنفيذ ما وعدت به". وقال المحلل السياسي خالد التاجوري إن "البديل المطروح لحكومة زيدان تمت تجربته في بلدان أخرى وربما سيدخل المشهد الليبي في نفق أكثر ظلمة من النفق الذي دخلت فيه البلاد طيلة الفترة الماضية". وأضاف إن "نجاح أي حكومة تأتي متعلق بملاءمة الأوضاع داخل المؤتمر الذي يختلق أعضاؤه أزمات عدة لبلبلة الوضع والتأثير على المشهد السياسي القائم رغم ارتباكه". وفي ظل دعوات له بالاستقالة من قبل معارضيه "حفظًا لماء الوجه" جدّد زيدان المدعوم من قبل 94 عضوًا من المؤتمر الوطني العام التأكيد خلال مؤتمر صحفي الأربعاء على أنه "لن يستقيل". وأكّد أنه سيغادر منصبه "طوعًا" إذا اختار المؤتمر خلفًا له لأنه لا يريد "ترك البلاد" تعاني الفراغ و "كي لا يكون رئيسًا لحكومة تصريف أعمال لا يمكنها العمل"، مشككًا في عدد الموقعين على البيان المطالب بإقالته. جريدة الراية القطرية