اتهمت سلطات جنوب السودان، أمس، المتمردين بانتهاك وقف إطلاق النار، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على دخوله حيز التنفيذ لانهاء النزاع، بعد أن أكد في وقت سابق أن وقف إطلاق النار يبدو صامداً بين الطرفين المتحاربين. وتفصيلاً، قال وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان، مايكل ماكوي، للصحافيين «هذا الصباح، أبلغت أن قوات المتمردين واصلت مهاجمة قواتنا»، مؤكداً أن «من واجب قواتنا الدفاع عن نفسها». وجاءت تصريحاته لدى عودته من إثيوبيا التي استضافت مفاوضات التوصل لوقف إطلاق النار. غير أن ماكوي أكد أيضا أن الحكومة لاتزال ملتزمة العمل على نجاح وقف إطلاق النار، داعياً الدول الإقليمية التي ساعدت في التوصل للاتفاق إلى ضمان تطبيقه الآن. وقال ماكوي «الأمر ليس مستغربا، فهؤلاء متمردون، والمتمردون أشخاص غير منضبطين، ليس لديهم قوات نظامية ولا قيادة مركزية». ووقف إطلاق النار الهادف إلى إنهاء خمسة اسابيع من النزاع الذي أسفر عن مقتل الآلاف، دخل حيز التنفيذ رسمياً الجمعة بعد حلول الظلام في جنوب السودان. مخاوف وسط اللاجئين طرد نحو 700 ألف شخص من منازلهم، بحسب آخر حصيلة نشرتها الاممالمتحدة التي تستقبل 76 ألف شخص في ثماني قواعد تابعة لها في أنحاء جنوب السودان، وهو العدد الاكثر ارتفاعاً منذ بداية النزاع. وبعد توقيع اتفاق وقف النار بين الطرفين المتحاربين، قال ديفيد شول (23 عاماً) في اتصال هاتفي من قاعدة للامم المتحدة في جوبا حيث يتكدس نحو 17 ألف لاجئ «إنها مرحلة جيدة، لكن كيف يمكننا الاحتفال بها طالما أننا لانزال نرتعد خوفاً لفكرة مغادرة المخيم؟». وأضاف «مازلنا قلقين للغاية، لا أخرج طالما لست متأكدا من ان الخروج آمن، ولا اعرف متى يحصل ذلك». وعلى بعد نحو 120 كلم شمال جوبا، في مينكامن، البلدة الصغيرة على ضفاف النيل الأزرق، التي تحولت إلى مخيم ضخم للنازحين في الاسابيع الاخيرة، أوضح المدرس سيمون ثون ان نبأ وقف إطلاق النار استقبل بالترحيب طبعاً. وقال «انه نبأ سار، لكن الناس ينتظرون ليروا ماذا يعني هذا الأمر فعلاً». وأضاف «نحن بحاجة أن يضع اتفاق وقف إطلاق النار نهاية للمعارك بشكل فعلي، ولهذا السبب نصلي لكي يأتمر الجميع ببنوده». جوبا أ.ف.ب وتعهد الطرفان باحترام الاتفاق الذي تم التوصل إليه الخميس، لكن كلاً منهما شكك في قدرة الآخر على ضبط القوات على الارض بشكل كامل. وأفادت الاممالمتحدة عن وقوع «اشتباكات متقطعة» الجمعة قبل وبعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ، بحسب نائب المتحدث باسم الاممالمتحدة فرحان حق. وقال المتحدث باسم التمرد لول رواي كوانغ قبل بدء المهلة إن الجيش هاجم مواقع في ولاية الوحدة النفطية الشمالية وفي ولاية جونقلي الشرقية المضطربة. وقال كوانغ إن القوات الحكومية، إضافة إلى جنود اوغنديين ومتمردين من حركة العدل والمساواة من منطقة دارفور السودانية المجاورة التي تمزقها الحرب، هاجموا مواقع للمتمردين الجمعة. واتهم المتحدث باسم الجيش فيليب اغوير في المقابل المتمردين بشن هجمات في جونقلي، لكنه قال إن القوات الحكومية صدت الهجوم، وإن المعارك انتهت قبل دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ. وتعذر الاتصال بقوات التمرد، إضافة إلى صعوبة جمع المعلومات من المناطق الشاسعة والنائية في جنوب السودان، حيث شبكة الهاتف في أجزاء كبيرة منها ضعيفة، إن وجدت اصلا. وتم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في ساعة متأخرة الخميس في اديس ابابا من قبل ممثلين عن رئيس جنوب السودان سلفا كير وممثلين عن قائد التمرد نائب الرئيس السابق رياك مشار. وقال المتحدث باسم الأممالمتحدة «من الضروري أن يطبق الطرفان اتفاقية وقف الأعمال العدائية بالكامل وفوراً». ووصف الرئيس الاميركي باراك أوباما الذي تقدم بلاده الدعم الكبير لجنوب السودان لبسط سيادته، الاتفاق بانه «خطوة أولى مهمة نحو بناء سلام دائم». من جانبه، حض كير المتمردين خارج امرة مشار على احترام الاتفاق. وقال كير في خطاب الجمعة «الآن وبعد أن شارك الناس في القتال، عليهم ان يعودوا إلى رشدهم، ولنجلس حتى يمكننا حل النزاع بالتفاوض». ويعتقد أن ما يصل إلى 10 آلاف شخص قتلوا في المعارك بين القوات الموالية لكير وتحالف من جنود منشقين وميليشيا اثنية يتزعمها مشار. وتقول الأممالمتحدة إن فظائع ارتكبت من قبل الطرفين، وان مئات الآلاف اجبروا على مغادرة منازلهم في الدولة الفقيرة. كما وقعت موجة من أعمال الثأر الوحشية، لجأ فيها المقاتلون والميليشيا الاثنية إلى عمليات النهب وتصفية حسابات قديمة. وتكتظ قواعد لقوات الاممالمتحدة في أنحاء البلاد باللاجئين. وقال أحد النازحين الذين يكتظ بهم ملعب سابق تم تحويله مخيماً داخل قاعدة للامم المتحدة في جوبا «لن نغادر الآن، لانني لست واثقاً باحترام أي طرف للاتفاقية». وأضاف «أشك في ذلك. لن اثق بذلك وأجازف بحياة اسرتي». الامارات اليوم