- الرياض: كشف المواطن السعودي عبدالله الدوسري تفاصيل مأساته التي صاحبت رحلة البحث المريرة عن ولده الحميدي، والذي غرّر به إلى ساحات الصراع والنزاع في المنطقة، مبيناً أن والدته أصيبت بأمراض عديدة بدأت بالجلطة ثم فقدان الحركة، ورغم ذلك لم تفقد الأمل بعودته، موضحاً أن سوريا كانت محطته الرئيسية في البحث عن ولده ليكتشف أن ابنه موجود بمخيم نهر البارد في لبنان، مشدداً على أن أكثر ما أساء لهم في رحلة المجهول هذه هي الإشاعات التي أطلقتها بعض وسائل الإعلام والتي بدأت بتأكيد أن ابنهم ناطق رسمي باسم فتح الإسلام، وانتهت بإشاعة مقتله وأن والده بصدد استقبال نعشه في الدمام. وقال "الدوسري"- على هامش الحلقة الأولى من برنامج "همومنا 4"-: ذهبت إلى طرابلساللبنانية لأرى بعض جثامين من قتلوا في مخيم نهر البارد، وعُدت كما ذهبت لم أتأكد أنه قتل أو ما زال حياً، ولم تنقطع رحلة البحث عن المجهول، وفي كل رحلة تزداد المعاناة وتصبح الأعصاب في حالة من السقم لا يعلمها إلا الله، ورغم المعاناة وكبر السنن، وبين أخبار متضاربة، إلا أنني لم أفقد الأمل بعودته". البداية كانت عضلات مفتولة: وتفصيلاً يروي "الدوسري" رحلة البحث المريرة عن ولده الحميدي مؤكداً بأنه كان ابنا عادياً، لم يثر الاهتمام والهواجس حوله كثيراً من قِبل ذويه، لكنهم في السنوات الأخيرة لدراسته الثانوية، بدأ والده وشقيقه يلاحظون وجود علامات فتوة عليه، وبدأت التدخلات في قضاياهم الداخلية واضحة، وبشكل ملفت للانتباه، وبرزت عضلاته على غير المعتاد، وبعد السؤال، كانت الإجابة بأنه اشترك في نادٍ رياضي لكمال الأجسام، فيما بدأ اهتمامه بأخبار الجهاد ملحوظة، وبخاصة في العراق والفلوجة تحديداً. أصبح الحميدي واقعاً تحت تأثير بعض الجماعات التي غررت به، وبدأت سلوكياته تتغير عما كانت عليه سابقاً، لم تكن الأسرة منغلقة أو متشددة التفكير، بل إنه وأشقاءه ذهبوا بمعية والدهم لدول عديدة، غير أنه في السنوات الأخيرة، أصبح قريباً من هذه الجماعات التي كان لها كبير الأثر على تفكيره. كانت الأمور تبدو طبيعية لوالده وشقيقه، ولم يدرِ أن وراء هذا الالتزام والتغيير المفاجئ شيئاً لم يكن في الحسبان، كما قال شقيقه، لقد ظنوا في البداية بأنها من علامات سن المراهقة والتي في العادة ما تكون غير سوية وغير منضبطة، وضاعف ذلك رسوبه في الفصل الأول من دراسته الجامعية لمادة الإحصاء في إحدى الجامعات السعودية، ليخرج منها بداعي العودة لها العام الذي يليه، كان هذا اتفاقه مع والده الذي تركه وغادر إلى أمريكا. رحلة العناء والمجهول: ما إن وصل والده أمريكا، بدأت المكالمات تأتيه عن ابنه الحميدي مرة بأنه غادر إلى مكة ومرة أخرى إلى المدينة، ليغادر بعدها إلى البحرين متوجهاً إلى لبنان، بينما جميع المعلومات تؤكد ذهابه إلى العراق، إلا أن اتصالاته كانت من لبنان الأمر الذي ضاعف شكوك والده، وبدأت رحلة العناء والبحث عنه، واخترت سوريا محطة رئيسية للبحث عن ولدي إن كان في سوريا أو في العراق، حتى تبين لي وعبر مجموعة من العلاقات الشائكة بأن ابني موجود في مخيم نهر البارد في لبنان. كانت رحلة المجهول بالنسبة للحميدي، قطعة من عذاب بالنسبة لوالديه، وبخاصة والدته، التي صدمت كثيراً لدى معرفتها مغادرة ابنها خارج المملكة، وإلى بلاد الصراعات والنزاعات والموت والتدمير، فيما بدأ والده صعود المخاطر وركوب المعاناة، وبدأ البحث عن أمل لا يفارقه، مطارداً بذلك خيط دخان الحقيقة المؤلمة بفقده ولده، الذي غرر فيه من قبل الحركات الإرهابية، غير أن اتصال الحميدي الوحيد أدخلنا حالة من عدم الاستقرار بعدما أكد وجوده في العراق، بينما الرقم الظاهر يؤكد اتصاله من لبنان، وغضبه لتبليغنا عنه، ضارباً عرض الحائط معاناتنا وسوء أحوالنا بعده. مرض الأم: كأي أم لم تصبر على ابتعاد ابنها، وبخاصة بعد أن علمت أنه قد غرر به من الجماعات الضالة، وأنه التحق بها، وأنه قد لا يعود لها، وأمام هذه الأخبار السيئة، بدأت حالة والدته تسوء، وتتراجع، وبدأت رحلتها مع الأمراض لا تنقطع، ليس أقلها تعرضها لثلاثة جلطات خلال مدة وجيزة، إضافة إلى ضعف الحركة التي أصابتها بسبب سفر الحميدي. ويروي والده معاناتهم مع بعض وسائل الإعلام التي لم تدقق كثيراً في نشر أخبارها، ويقول: جهات خارجية وعلى ما يبدو كانت تهدف الإساءة للمملكة، والإساءة للمجتمع السعودي، فكانت تأتينا الأخبار بين أن ابننا ناطق رسمي باسم فتح الإسلام، وبين أنه قتل وأن والده بصدد استقبال نعشه في الدمام، وهذه كلها أخبار غير دقيقة، وقد أساءت لنا كثيراً. وأضاف: ومع ذلك كان البحث عن الحميدي جارياً، وقد ذهبت إلى طرابلس لأرى بعض جثامين من قتلوا في مخيم نهر البارد، بناء على معلومات وصلتني تؤكد أن ابني قد يكون من بينهم، وفعلاً ذهبت لكني عدت إدراج الرياح، لا متأكد أنه قتل أو ما زال حياً". ولم تنقطع رحلة البحث عن المجهول، وفي كل رحلة تزداد المعاناة وتصبح الأعصاب في حالة من السقم لا يعلمها إلا الله، ورغم المعاناة وكبر السنن، وبين أخبار متضاربة، إلا أن الأب لم يفقد الأمل بعودة ابنه، ورجوعه إلى بيته، مؤكداً أن الإنسان لا يعرف نعمة الأمن والاستقرار إلا بعد فقدانها. صحيفة سبق