التقينا قبل أربعة أعوام، وكان مُنتشيًا، بل إنه من فرط الفرحة أقسم أنه مُحلّق فوق السحاب.. خرج خريج الثانوية العامة من قريته الصغيرة مودعًا آل بيته.. فأناخ ركابه في مدينة كُبرى أملًا في استكمال تعليمه الجامعي، وبعد رحلة بحث عن التخصص الذي سيجعل طريق الوظيفة محفوفًا بالورد، بل سيفتح له أبواب التوظيف آليًا.. وقع الاختيار على تخصص "التربية الخاصة". انخرط ذلك الطموح في تخصصه، وكُنتُ أجزم حينها بأنه سيجد من يُقدم له الوظيفة بعد التخرج على طبقٍ من ذهب، وخصوصًا في السلك التعليمي، لاسيما وأن السواد الأعظم من معلّمي ذوي الاحتياجات الخاصة؛ لا يحملون شهادات بكالوريوس في تخصص التربية الخاصة، إذ أن غالبيتهم يحملون دبلومات عابرة؛ لا يتجاوز التدريب أيامًا معدودة، منحوا على إثرها شهادات تخوّلهم تدريس هذه الفئة. ربما يكون تسابق المعلمين وراء تدريس ذوي الاحتياجات الخاصة، الحافز المادي الذي يتجاوز زيادة في المرتب لا تقل عن 30%، وهذا الأمر جعلها في نظر البعض مطمعًا يستحق العناء، بعيدًا عن الكفاءة والتمكن في هذا الجانب التربوي المُهم. أعود لذلك الشاب الذي يعلم أنه واحد من 2000 خريج تربية خاصة -كُلهم عاطلون- ويعي جيّدًا أن عدد الصّم في المملكة يتجاوز ال270 ألف أصم، جميعهم بحاجة لمتخصصين يُلقّنونهم العلم، ويُقدِّمون لهم وجبة التربية المبنية على أُسسٍ صحيحة أمضى فيه الدارس 4 سنوات من حياته ليكون خير من يعتني بهم. ولكن..!! وجد ذلك الفتى نفسه بعد التخرج على موعد مع السراب، وتبخّرت الأحلام.. وبعد المباركة سألته عن الوجهة، فأجاب مُحبطا: ب"إلحَسْ فِكس".. فأيقنت أن اليأس تمكَّن منه.. وأن حَمَلة الدورات الهشّة ممّن سبقوهم؛ وباتوا مُعلمين لهذه الفئة؛ أُلصقوا بصمغٍ على كراسيهم.. وحان الوقت لإحلالهم. [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (107) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain a href="http://www.al-madina.com/node/508324/"-إلحسْ-فكس-".html" rel="nofollow" target="_blank"صحيفة المدينة