بغداد - فرانس برس يرى موسيقيون عراقيون في إغلاق عدد من النوادي الليلية في بغداد عودة لحقبة "ظلامية" سبق أن عاشتها المدينة إبان سطوة الجماعات المتشددة قبل أعوام، لتعيد اختبارها مجدداً اليوم، إنما بغطاء رسمي. ويقول فائز خليل (40 عاماً)، وهو صاحب محل لبيع وتصليح الآلات الموسيقية في وسط بغداد "انتهت الطائفية وانفتح الناس على بعضهم البعض والجميع كانوا سعداء بذلك، لكن هذا الأمر انتهى هو الآخر اليوم". ويوضح خليل: "هناك ضوضاء دينية، وأشخاص يفتون باسم الله ويحكمون بمبدأ أنتم في الجنة وأنتم في النار وأنتم مسلمون وأنتم كفار إنه الانفجار الديني". وشهدت بغداد إبان سنوات العنف الطائفي الدامي الذي قتل فيه عشرات الآلاف بين عامي 2006 و2007، نفوذاً كبيراً لجماعات وميليشيات متشددة فرضت أسلوب حياتها على أهالي المدينة. ومنعت الموسيقى والنوادي الليلية في معظم أرجاء العاصمة، كما منع بيع المشروبات الكحولية، وفرض على النساء في بعض المناطق لباس معين. وفي وقت تحاول فيه بغداد استعادة بريقها الليلي، اقتحمت قوة أمنية خاصة في أغسطس الماضي عشرات النوادي الليلية، حيث قامت بتحطيم أثاث بعضها وتعرضت كذلك لزبائنها بالضرب. والتزم العراق الذي تحكمه الأحزاب الدينية منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، الصمت حيال القرار الذي طال عشرات النوادي المعروفة كنوادي المشرق والسينمائيين والصيادلة والأدباء. وواجه الفنانون خلال فترة العنف الطائفي تهديدات كثيرة لدفعهم إلى ترك عملهم، فيما تعرض فنانون معروفون إلى الضرب في أنحاء متفرقة من البلاد على أيدي جماعات تنتمي إلى أحزاب دينية إسلامية متشددة. وبعد انخفاض معدلات العنف والقضاء على تنظيمات مسلحة عديدة، عاد عشرات الموسيقيين والفنانيين وخصوصا من سوريا التي تشهد نزاعاً دامياً منذ أكثر من عام ونصف، لكنهم صدموا مجدداً بحملة ضدهم تشن بغطاء رسمي. ويقول رغيد ماهر، وهو أيضا صاحب محل لبيع الآلات الموسيقية "في الفترة المنصرمة حصل تقدم من الناحية الموسيقية إعلامياً وأكاديمياً وصار هناك قبول للموسيقى مما دعا الموسيقيين للعودة من سوريا ودول أخرى إلى البلاد يحدوهم الأمل". وذكر ، أنه "في السابق، كان الخوف من التطرف والجماعات المسلحة، لكن اليوم ورغم عودة الأمن بشكل نسبي، يأتي التهديد من الحكومة". ويتابع رغيد الحاصل على شهادة الماجستير في الموسيقى من أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد، وقد ورث المهنة عن والده وجده أن "العاملين في الفن والموسيقى قلة أساساً، وقد أثرت هذه الموجة بشكل كبير عليهم. لقد عدنا إلى نقطة الصفر". ويختم قائلا "لمست من خلال عملي وجود شائعة منتشرة بين الموسيقيين حول منح دول أوروبية الهجرة لهم والكثير منهم يريد قطع جذوره عن بغداد، ليغادرها هذه المرة من دون رجعة".