إيجا تنهي مغامرة بيلندا وتبلغ النهائي الأول    النصر إلى مقر جديد.. الإيرادات نصف مليار.. ومغادرة رائد ومرام    الإسبانية نويليا.. ثاني صفقات سيدات الهلال السعودي    اليابان تطور أول رحم اصطناعي كامل.. نحو مستقبل بلا حمل ولا ولادة تقليدية    الذهب يرتفع مع تصاعد التوترات التجارية بفعل رسوم ترامب الجديدة    جريمة بشعة في الضالع ذبح طفلة حديثة الولادة ودفنها    لا هوية ولا سيادة وطنية جنوبية دون تحرير الإقتصاد والقرار السياسي    أزمة أخلاقية في المجتمع المصري: للغش مطاوعة يدافعون عنه    تدشين امتحانات القبول والمفاضلة في كلية الطب البشري جامعة ذمار    طلب أمريكي في مجلس الأمن يفتح باب الحرب في الحديدة    إقرار صهيوني بصعوبة القضاء على التهديد من اليمن    التلغراف ..اليمنيون أصبحوا أكثر قوة مما كانوا عليه    "الموساد لا يزال في إيران".. تقرير يكشف السبب الحقيقي لزيارة نتنياهو إلى واشنطن    مكافأة تاريخية.. كم سيجني باريس سان جيرمان إذا توج بكأس العالم للأندية؟    العثور على كنز أثري مذهل يكشف أسرار ملوك مصر قبل الأهرامات    العثور على نوع جديد من الديناصورات    رسميا.. توتنهام يتعاقد مع الغاني محمد قدوس    عن بُعد..!    خطورة ممارسات "بن حبريش" على وحدة المجتمع الحضرمي    خبير في الطقس يتوقع أمطار غزيرة على مناطق واسعة من اليمن خلال الساعات القادمة    إتلاف أكثر من نصف طن من المخدرات المضبوطة في سواحل العارة    الكتابة والذكاء الاصطناعي    حزب رابطة الجنوب العربي ينعي الفقيد الوطني بن فريد    وزير النقل يزف بشرى بشأن انجاز طريق هام يربط مأرب    صدور قرار بنقل عدد من القضاة .. اسماء    إسرائيل تطالب واشنطن باستئناف الضربات ضد الحوثيين في اليمن    زوجة طبيب معتقل في صنعاء تكتب مناشدة بوجع القلب للافراج عن زوجها    آلام الظهر أزمة عصرية شائعة.. متى تحتاج للطبيب؟    لماذا تتجدد أزمات اليمن وتتعاظم مع كل الاجيال؟!    الحكاية من البداية غلط ..؟!    صنعاء.. تحديد موعد إعلان نتائج الثانوية العامة    صعدة: ضبط 5 أطنان حشيش و1.7 مليون حبة مخدرة خلال عام    أسبيدس تعلن انتشال 3 أفراد إضافيين من طاقم سفينة هاجمها الحوثيون    الدولار يتخطى 2830 ريالاً والبنك المركزي يناقش مع البنوك إعادة هيكلة الشبكة الموحدة    - الممثل اليمني اليوتيوبر بلال العريف يتحوّل إلى عامل بناء في البلاط اقرأ السبب ؟    البشيري يتفقد مستوى الاداء في المركز الرقابي وفرع الهيئة بذمار    ميسي يسجل ثنائية رابعة تباعا مع إنتر ميامي ويحطم رقم بيليه    عشرة ملايين لتر .. مجموعة الشيباني تدشن توزيع مياه الشرب للتخفيف من حدة الأزمة بتعز    الكثيري يطّلع على نشاط اتحاد التعاونيات الزراعية الجنوبي    بعد اتهامها بعدم سداد 50 ألف يورو.. غادة عبد الرازق تخرج عن صمتها وتكشف حقيقة ما حدث    رئيس الوزراء يوجه بصرف مستحقات الطلاب اليمنيين المبتعثين وتصحيح قوائم الابتعاث    تحذيرات أممية: أزمة الغذاء في اليمن تتفاقم وسط نقص حاد في المساعدات    سان جيرمان يلقن ريال مدريد درسا ويتأهل لنهائي كأس العالم للأندية    سريع يعلن استهداف مطار إسرائيلي    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    سؤال لحلف بن حبريش: أين اختفت 150 ألف لتر يوميا وقود كهرباء    بابور الاقتصاد تايراته مبنشرة    ما فعلته الحرب بمدينة الحُديدة اليمنية .. رواية (فيلا ملاك الموت) للكاتب اليمني.. حميد عقبي.. سرد سينمائي يُعلن عن زمن الرماد    عدن.. المدارس الاهلية تبدأ عملية التسجيل بدون اعلان رسمي وبرسوم مشتعلة وسط صمت الوزارة    محكمة إسبانية تقضي بالسجن سنة على مدرب منتخب البرازيل    فتّش عن البلاستيك في طعامك ومنزلك.. جزيئات خفية وراء 356 ألف وفاة بأمراض القلب سنويًا    علماء يحلون لغز جمجمة "الطفل الغريب"    خبير: البشرية على وشك إنتاج دم صناعي    العلاج بالحجامة.. ما بين العلم والطب والدين    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق- حلم العودة يراود الموسيقيين العراقيين
نشر في عدن الغد يوم 14 - 07 - 2012

كان عدد الحفلات الموسيقية في أمسية واحدة يصل إلى 15 حفلا لدرجة أن الاختيار بينها كان قرارا صعبا وكانت الحياة تدب في أوصال العاصمة العراقية بغداد مع دقات الطبول ونغمات أوتار العود.
لكن هذا كان زمنا بعيدا انقضى.
فقد فر كثير من أمهر العازفين من العراق خلال حكم الرئيس الراحل صدام حسين خوفا من التعرض للاضطهاد بسبب آرائهم السياسية ولقلة الموارد المالية إذا هم رفضوا استخدام فنهم في تمجيد القائد.
وخرج آخرون من البلاد بعد الغزو الامريكي عام 2003 هربا من العنف الذي اجتاح العراق وأدى إلى توقف الحفلات الموسيقية وبعد أن تلقى بعضهم تهديدات من الذراع العراقية لتنظيم القاعدة.
أما الان فقد بدأ بعض العازفين يخططون بتؤدة للعودة أملا في إحياء التراث الموسيقي العراقي الثري على أرض العراق.
وقال عازف العود العراقي المعروف نصير شمة على هامش حفل في بغداد هو الثاني له في بلاده منذ ما يقرب من 20 عاما قضاها في المنفى "لا يبدو هذا غريبا الان. يتصلون بي ويبعثون إلي برسائل يسألونني عما شاهدته.
"وأنا أقول نعم هذا وقت العمل لمساعدة الشعب العراقي. طبعا من واجب كل عازف عراقي أن يكون هنا."
بدأ شمة (49 عاما) العزف على العود وهو في سن الحادية عشرة وهرب من العراق عام 1993 إلى تونس بعد أن تحدث علانية عن انتهاكات حقوق الانسان وغياب الديمقراطية في ظل حكم صدام وانتهى به الأمر في السجن. أما الان فإن شمة يعيش في القاهرة.
وأوضحت اجراءات الامن التي اتخذت في حفل شمة بأحد الفنادق الفاخرة في المنطقة الخضراء المحصنة بالعاصمة العراقية أن طريق النهوض بالموسيقى في العراق مازال طويلا.
واضطر جمهور من المسؤولين في الحكومة العراقية والموسيقيين والصحفيين تأنقوا جميعا لهذا الحفل للمرور عبر عدة نقاط تفتيش حتى يتمكنوا من الوصول للقاعة التي أقيم فيها الحفل بل وتحملوا تفتيشا بالكلاب المدربة.
واصطف حراس مسلحون حول القاعة عندما خفتت أضواؤها وكان بعضهم يدق الارض بقدميه سرا على وقع الموسيقى.
وقاد شمة بعوده الفرقة الموسيقية التي ضمت عازفين للكمان والاكورديون والفلوت والات نحاسية والطبول في أغنية رومانسية هادئة. ومع تزايد سرعة الايقاع في مقطوعات أطول وأكثر مرحا اعتمدت على ايقاع الطبول انطلق تصفيق كثير من الجالسين في القاعة الذين بلغ عددهم 300 شخص مع النغمات.
وقال شمة إن حفلات مثل حفله الذي استمر ساعتين ونظمه اتحاد الصحفيين العراقيين تعيد الروح للحفلات الموسيقية في البلاد رغم أن الترتيبات ليست مثالية.
وفي وقت سابق من العام الجاري عزف شمة في حفل مماثل خلال اجتماع للقادة العرب.
وأضاف شمة "لكني أحب العزف في مناطق شعبية ليس مثلما هو الحال هنا في وجود الكثير من اجراءات الامن في الخارج. أريد أن يأتي أصدقائي والشباب. وأفضل قاعات الحفلات الأصغر حجما لانها تقرب المسافة (بين الفنان والجمهور) وتكون المشاعر أعمق."
ويأمل أن يعود في حفل مماثل في العراق خلال شهر رمضان كما أنه يخطط لافتتاح مدرسة للعود بنهاية العام الجاري بمنزل قديم في بغداد.
أما الفنان العراقي عازف الساكسفون حميد البدري وكان ضمن الفرقة الموسيقية فيرى أن مجرد إقامة الحفل في فندق فاخر شيء يدعو للارتياح.
يقول البدري الذي كان يرتدي ملابس سوداء بالكامل "غادرت العراق قبل عشر سنوات لان القاعدة حاولت أن تقتلني لانني فنان. الموسيقى بالنسبة لهم حرام."
ويضيف "الان اختلف العراق وهذا شيء جميل. هذه أول مرة أعزف فيها هنا منذ سافرت."
وبعد عدة ليال غنت المغنية الثورية التونسية آمال المثلوثي في ناد اجتماعي بالعاصمة أمام جمهور من الدبلوماسيين والمسؤولين العراقيين والمدرسين في حفل نظمه المعهد الفرنسي.
وقال طارق صفاء الدين رئيس نادي العلوية إن هذا الحفل كان من أكبر الحفلات من نوعه في النادي خلال السنوات العشر الاخيرة.
وتقيم فرق صغيرة حفلات للموسيقى الشعبية العراقية كل أسبوع في حديقة النادي الذي تأسس عام 1924 .
وقال صفاء الدين "هذا هو ما يحدث في العامين الأخيرين أما قبل ذلك كان الوضع مثلما هو في العراق. لم يكن أحد يأتي للنادي."
وأضاف أن حفل المثلوثي هو بداية لعصر جديد في الحفلات الموسيقية الحية في بغداد.
وصاحب كمان حزين صوت المثلوثي القوي وهي تغني باللهجة التونسية بينما صاحبت الاضواء البراقة دقات الطبول والالات النحاسية بينما تمايل جمهور الحاضرين يمنة ويسرة على مقاعدهم وهم يهزون الرؤوس طربا.
وقبل اختتام الحفل بايقاعات تراثية على وقع رنين الصنج قفز عدد من الحاضرات إلى ممر في القاعة وانطلقن يؤدين رقصة كردية على تصفيق جمهور الحاضرين بينما كان عدد من الاطفال الصغار يتنقلون من مقعد لاخر.
وقالت عراقية تدعى صابرين قفزت إلى المسرح للتحدث مع المغنية عقب الحفل "كلمات الأغاني ضد الخوف وضد الدكتاتورية والدعوة للحرية والحياة الكريمة .. نحن نفتقد مثل هذه الأغاني في بغداد هنا."
وأضافت "يا عراقيون يا بغداديون نحن بحاجة لمثل هذه الموسيقى ذات الايقاع المتفائل."
ومازالت الحياة في العراق تحمل في طياتها الكثير من المخاطر رغم تراجع العنف الطائفي الذي قتل عشرات الالاف عامي 2006 و2007 .
وفي الشهر الماضي قتل 237 شخصا على الاقل وأصيب 603 في أعمال عنف أغلبها تفجيرات حسب احصاءات رويترز ليصبح يونيو حزيران من أكثر الشهور دموية في العراق منذ انسحاب القوات الامريكية في نهاية العام الماضي.
ولا يسع بعض الموسيقيين العراقيين الصغار من أمثال عازف البوق فراند نشأت ذي الثمانية عشر عاما سوى الحلم بالأجواء الموسيقية البوهيمية التي يصفها له أقرانه الأكبر سنا الذين عرفوا الحياة في بغداد القديمة.
يقول نشأت الذي كان يرتدي قميصا كتب عليه بيتهوفن حصل عليه في رحلة حديثة إلى ألمانيا مع أوركسترا الشباب العراقي "اعتدنا عليها لاننا لم نعزف بحرية. عندما عزفت في حفل للمرة الاولى كان الحفل مؤمنا جدا مع وجود الكثير من أفراد الامن. ولهذا يبدو ذلك عاديا لي."
ويضيف أنه مازال من الصعب التنقل بالالات الموسيقية في المدينة وخاصة عبر نقاط التفتيش.
"كثيرون يسألونني ما هذا. فهو يبدو مثل صندوق غريب. كان هذا صعبا في الايام السابقة أما الان فالوضع أكثر أمنا."
ويقول نشأت الذي يعزف أيضا مع عازفين كبار في الاوركسترا السيمفوني الوطني ويعزف موسيقى الجاز منفردا ومع مجموعات صغيرة من اصدقائه إن أغلب الحفلات تقام في فنادق وقاعات مؤمنة في بغداد أو في مدينة اربيل في اقليم كردستان العراق وإن هذا النشاط مزدهر.
واستطرد "ذات مرة أقمنا حفلا امتلآ عن آخره بالناس حتى أنهم اضطروا للوقوف على السلم."
ومع ذلك لم يكن لتراجع حدة العنف أثر حتى الان على نشاط فراك محمد حسين صانع العود ذي السبعين عاما والذي يقضي ما يصل إلى أربعة أشهر في صناعة العود الواحد يدويا.
يقول حسين الذي يعزف العود ويصنعه منذ 50 عاما "الان ابيع القليل جدا جدا جدا من العود. ربما واحد في الشهر." وقبل الغزو عام 2003 كان يبيع ثلاثة أو أربعة أعواد في الشهر.
ويضيف في ورشته الصغيرة التي تكتظ بالادوات وعشرات الصور لعازفين عراقيين "عندما جاء الامريكيون للعراق لم تعد هناك حفلات ولا غناء. الان لا يشتري العود سوى قلة من الطلبة والأساتذة."
أشار حسين إلى صورة قديمة له بالابيض والاسود من عام 1959 وهو يرتدي حلة سوداء ورابطة عنق ويحتضن عوده موضحا أنها تمثل له أوج أيام بغداد في الموسيقى.
ويروي حكايات عن زمن كان العازفون والمطربون يتجمهون فيه في ورشته السابقة الأكبر ويعزفون. وكانوا يشترون العود منه ومن أشقائه الثلاثة الذين يعملون بصناعة العود لكنهم هجروا العراق.
يقول حسين "العود حضارة عراقية. وبإذن الله سيعود الامان في المستقبل للعراق. فبوسع العراق الان أن يشم نسيم الحرية."
من سيلفيا وستول
كان عدد الحفلات الموسيقية في أمسية واحدة يصل إلى 15 حفلا لدرجة أن الاختيار بينها كان قرارا صعبا وكانت الحياة تدب في أوصال العاصمة العراقية بغداد مع دقات الطبول ونغمات أوتار العود.
لكن هذا كان زمنا بعيدا انقضى.
فقد فر كثير من أمهر العازفين من العراق خلال حكم الرئيس الراحل صدام حسين خوفا من التعرض للاضطهاد بسبب آرائهم السياسية ولقلة الموارد المالية إذا هم رفضوا استخدام فنهم في تمجيد القائد.
وخرج آخرون من البلاد بعد الغزو الامريكي عام 2003 هربا من العنف الذي اجتاح العراق وأدى إلى توقف الحفلات الموسيقية وبعد أن تلقى بعضهم تهديدات من الذراع العراقية لتنظيم القاعدة.
أما الان فقد بدأ بعض العازفين يخططون بتؤدة للعودة أملا في إحياء التراث الموسيقي العراقي الثري على أرض العراق.
وقال عازف العود العراقي المعروف نصير شمة على هامش حفل في بغداد هو الثاني له في بلاده منذ ما يقرب من 20 عاما قضاها في المنفى "لا يبدو هذا غريبا الان. يتصلون بي ويبعثون إلي برسائل يسألونني عما شاهدته.
"وأنا أقول نعم هذا وقت العمل لمساعدة الشعب العراقي. طبعا من واجب كل عازف عراقي أن يكون هنا."
بدأ شمة (49 عاما) العزف على العود وهو في سن الحادية عشرة وهرب من العراق عام 1993 إلى تونس بعد أن تحدث علانية عن انتهاكات حقوق الانسان وغياب الديمقراطية في ظل حكم صدام وانتهى به الأمر في السجن. أما الان فإن شمة يعيش في القاهرة.
وأوضحت اجراءات الامن التي اتخذت في حفل شمة بأحد الفنادق الفاخرة في المنطقة الخضراء المحصنة بالعاصمة العراقية أن طريق النهوض بالموسيقى في العراق مازال طويلا.
واضطر جمهور من المسؤولين في الحكومة العراقية والموسيقيين والصحفيين تأنقوا جميعا لهذا الحفل للمرور عبر عدة نقاط تفتيش حتى يتمكنوا من الوصول للقاعة التي أقيم فيها الحفل بل وتحملوا تفتيشا بالكلاب المدربة.
واصطف حراس مسلحون حول القاعة عندما خفتت أضواؤها وكان بعضهم يدق الارض بقدميه سرا على وقع الموسيقى.
وقاد شمة بعوده الفرقة الموسيقية التي ضمت عازفين للكمان والاكورديون والفلوت والات نحاسية والطبول في أغنية رومانسية هادئة. ومع تزايد سرعة الايقاع في مقطوعات أطول وأكثر مرحا اعتمدت على ايقاع الطبول انطلق تصفيق كثير من الجالسين في القاعة الذين بلغ عددهم 300 شخص مع النغمات.
وقال شمة إن حفلات مثل حفله الذي استمر ساعتين ونظمه اتحاد الصحفيين العراقيين تعيد الروح للحفلات الموسيقية في البلاد رغم أن الترتيبات ليست مثالية.
وفي وقت سابق من العام الجاري عزف شمة في حفل مماثل خلال اجتماع للقادة العرب.
وأضاف شمة "لكني أحب العزف في مناطق شعبية ليس مثلما هو الحال هنا في وجود الكثير من اجراءات الامن في الخارج. أريد أن يأتي أصدقائي والشباب. وأفضل قاعات الحفلات الأصغر حجما لانها تقرب المسافة (بين الفنان والجمهور) وتكون المشاعر أعمق."
ويأمل أن يعود في حفل مماثل في العراق خلال شهر رمضان كما أنه يخطط لافتتاح مدرسة للعود بنهاية العام الجاري بمنزل قديم في بغداد.
أما الفنان العراقي عازف الساكسفون حميد البدري وكان ضمن الفرقة الموسيقية فيرى أن مجرد إقامة الحفل في فندق فاخر شيء يدعو للارتياح.
يقول البدري الذي كان يرتدي ملابس سوداء بالكامل "غادرت العراق قبل عشر سنوات لان القاعدة حاولت أن تقتلني لانني فنان. الموسيقى بالنسبة لهم حرام."
ويضيف "الان اختلف العراق وهذا شيء جميل. هذه أول مرة أعزف فيها هنا منذ سافرت."
وبعد عدة ليال غنت المغنية الثورية التونسية آمال المثلوثي في ناد اجتماعي بالعاصمة أمام جمهور من الدبلوماسيين والمسؤولين العراقيين والمدرسين في حفل نظمه المعهد الفرنسي.
وقال طارق صفاء الدين رئيس نادي العلوية إن هذا الحفل كان من أكبر الحفلات من نوعه في النادي خلال السنوات العشر الاخيرة.
وتقيم فرق صغيرة حفلات للموسيقى الشعبية العراقية كل أسبوع في حديقة النادي الذي تأسس عام 1924 .
وقال صفاء الدين "هذا هو ما يحدث في العامين الأخيرين أما قبل ذلك كان الوضع مثلما هو في العراق. لم يكن أحد يأتي للنادي."
وأضاف أن حفل المثلوثي هو بداية لعصر جديد في الحفلات الموسيقية الحية في بغداد.
وصاحب كمان حزين صوت المثلوثي القوي وهي تغني باللهجة التونسية بينما صاحبت الاضواء البراقة دقات الطبول والالات النحاسية بينما تمايل جمهور الحاضرين يمنة ويسرة على مقاعدهم وهم يهزون الرؤوس طربا.
وقبل اختتام الحفل بايقاعات تراثية على وقع رنين الصنج قفز عدد من الحاضرات إلى ممر في القاعة وانطلقن يؤدين رقصة كردية على تصفيق جمهور الحاضرين بينما كان عدد من الاطفال الصغار يتنقلون من مقعد لاخر.
وقالت عراقية تدعى صابرين قفزت إلى المسرح للتحدث مع المغنية عقب الحفل "كلمات الأغاني ضد الخوف وضد الدكتاتورية والدعوة للحرية والحياة الكريمة .. نحن نفتقد مثل هذه الأغاني في بغداد هنا."
وأضافت "يا عراقيون يا بغداديون نحن بحاجة لمثل هذه الموسيقى ذات الايقاع المتفائل."
ومازالت الحياة في العراق تحمل في طياتها الكثير من المخاطر رغم تراجع العنف الطائفي الذي قتل عشرات الالاف عامي 2006 و2007 .
وفي الشهر الماضي قتل 237 شخصا على الاقل وأصيب 603 في أعمال عنف أغلبها تفجيرات حسب احصاءات رويترز ليصبح يونيو حزيران من أكثر الشهور دموية في العراق منذ انسحاب القوات الامريكية في نهاية العام الماضي.
ولا يسع بعض الموسيقيين العراقيين الصغار من أمثال عازف البوق فراند نشأت ذي الثمانية عشر عاما سوى الحلم بالأجواء الموسيقية البوهيمية التي يصفها له أقرانه الأكبر سنا الذين عرفوا الحياة في بغداد القديمة.
يقول نشأت الذي كان يرتدي قميصا كتب عليه بيتهوفن حصل عليه في رحلة حديثة إلى ألمانيا مع أوركسترا الشباب العراقي "اعتدنا عليها لاننا لم نعزف بحرية. عندما عزفت في حفل للمرة الاولى كان الحفل مؤمنا جدا مع وجود الكثير من أفراد الامن. ولهذا يبدو ذلك عاديا لي."
ويضيف أنه مازال من الصعب التنقل بالالات الموسيقية في المدينة وخاصة عبر نقاط التفتيش.
"كثيرون يسألونني ما هذا. فهو يبدو مثل صندوق غريب. كان هذا صعبا في الايام السابقة أما الان فالوضع أكثر أمنا."
ويقول نشأت الذي يعزف أيضا مع عازفين كبار في الاوركسترا السيمفوني الوطني ويعزف موسيقى الجاز منفردا ومع مجموعات صغيرة من اصدقائه إن أغلب الحفلات تقام في فنادق وقاعات مؤمنة في بغداد أو في مدينة اربيل في اقليم كردستان العراق وإن هذا النشاط مزدهر.
واستطرد "ذات مرة أقمنا حفلا امتلآ عن آخره بالناس حتى أنهم اضطروا للوقوف على السلم."
ومع ذلك لم يكن لتراجع حدة العنف أثر حتى الان على نشاط فراك محمد حسين صانع العود ذي السبعين عاما والذي يقضي ما يصل إلى أربعة أشهر في صناعة العود الواحد يدويا.
يقول حسين الذي يعزف العود ويصنعه منذ 50 عاما "الان ابيع القليل جدا جدا جدا من العود. ربما واحد في الشهر." وقبل الغزو عام 2003 كان يبيع ثلاثة أو أربعة أعواد في الشهر.
ويضيف في ورشته الصغيرة التي تكتظ بالادوات وعشرات الصور لعازفين عراقيين "عندما جاء الامريكيون للعراق لم تعد هناك حفلات ولا غناء. الان لا يشتري العود سوى قلة من الطلبة والأساتذة."
أشار حسين إلى صورة قديمة له بالابيض والاسود من عام 1959 وهو يرتدي حلة سوداء ورابطة عنق ويحتضن عوده موضحا أنها تمثل له أوج أيام بغداد في الموسيقى.
ويروي حكايات عن زمن كان العازفون والمطربون يتجمهون فيه في ورشته السابقة الأكبر ويعزفون. وكانوا يشترون العود منه ومن أشقائه الثلاثة الذين يعملون بصناعة العود لكنهم هجروا العراق.
يقول حسين "العود حضارة عراقية. وبإذن الله سيعود الامان في المستقبل للعراق. فبوسع العراق الان أن يشم نسيم الحرية."
من سيلفيا وستول


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.