هل انتقاد الرجال بأنهم يهرعون إلى السرير مع أقل بادرة من بوادر البرد تظهر عليهم ليس له مايبرره؟ وهل تبالغ النساء فعلا عندما يتحدثن عن شعورهن بالتعب؟ توصلت دراسة استطلاعية بريطانية إلى أن النساء أكثر عرضة للإنفلونزا من الرجال، فهن يقضين أوقاتاً أطول مع الأطفال، مع الأخذ بالاعتبار أن الأطفال دائماً ما يتعرضون لنوبات مرض شبيهة بالإنفلونزا . وأظهر استطلاع قومي إلكتروني للرأي أجرته كلية لندن للصحة والطب الاستوائي خلال فصل الشتاء الماضي أن احتمال الشكوى بين النساء من أعراض الإنفلونزا تزداد بنسبة 16 في المئة . ذكرت "بي بي سي" أن الاستطلاع سيعاد هذا الشتاء بهدف الوصول إلى إجابة عن اختلاف أعراض الإصابة بالإنفلونزا عند الرجال والنساء . ويطلب الاستطلاع من البريطانيين من جميع الأعمار أن يسجلوا أية أعراض تتعلق بالإنفلونزا عن طريق ملء نموذج استبيان إلكتروني . ثم سيجري استخدام تلك البيانات في رسم خريطة لانتشار الإنفلونزا في بريطانيا خلال فصل الشتاء . ومن ثم، سيتمكن الباحثون بعد ذلك من تحليل طريقة انتشار الفيروس والأشخاص الذين يتأثرون فيه . وقالت آلما آدلر، القائمة على إدارة هذا المشروع، إن هدف استبيان هذا العام هو زيادة فهم العلاقة بين الاختلافات في الجنسين والإصابة بالإنفلونزا . وتابعت قائلة: "لم نتوصل إلى دليل يؤكد على وجود "إنفلونزا الرجال" حتى الآن . كما أن العامل الأكبر في التقاط الفيروس يكمن في وجود الأطفال تحت سن الثامنة عشرة، لذا فإن النساء هن الأكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا . وقالت آدلر إن استبيان هذا العام يتضمن أسئلة جديدة، من قبيل: "ما مدى شعورك بالمرض؟" . ويمكن لمن يملأون الاستبيان أن يجيبوا من خلال ميزان رقمي ما بين واحد إلى عشرة، حتى يعبروا عن مدى قوة إصابتهم . ويعتبر ذلك هو الجزء الأكثر أهمية، حيث إن سؤال المصاب بالإنفلونزا عن شعوره وهو في خضم المرض يعطي إجابات تتعلق بسيكولوجية مرض الإنفلونزا، وليس علم الطب الذي يبحث في المرض . وقد يساعد ذلك العلماء على أن يكتشفوا إذا ما كان الرجال يواجهون أعراضا للإنفلونزا غير النساء . ويقول جون أكسفورد، أستاذ علم الفيروسات في جامعة لندن، إنه ليس هناك أي دليل علمي على وجود "إنفلونزا للرجال"، إلا أن هناك اختلافاً في السلوك تجاه المرض بين الجنسين . وقال: "ندرك أن النساء يقاومن العدوى بطريقة مختلفة . فهن أكثر حساسية من ناحية صحتهم، بينما يثير الرجال ضجة أكبر حول إصابتهم؛ لذا فإن هناك اختلافات بين طريقة فهم الرجل والمرأة للمرض، ومن ثم فإن ثمة اختلافات في سلوك الجنسين تجاهه" . ويتابع أكسفورد: "يعتقد الرجل أنه سيفارق الحياة عندما يشعر بالمرض، لذا فهو يلجأ إلى السرير منتظرا من المرأة أن تخدمه" . بينما يرى دوغلاس فليمنغ، وهو الأستاذ في وحدة الأطباء الممارسين في أبحاث الإنفلونزا بالكلية الملكية، أنه ما من قاعدة معينة تتعلق بطريقة تأثير فيروس الإنفلونزا في الناس . وقال فليمنغ: "يختلف كل فيروس إنفلونزا عن غيره، ويعتمد ذلك على سلالة الفيروس . ولا يمكننا أن نتنبأ بطريق تأثيره في الناس . حيث تتباين طريقة الفيروسات المختلفة في التأثير في الرجال والنساء والأطفال" . إلا أن نتائج الدراسة السابقة التي صدرت عن جامعة كمبريدج كانت مختلفة، حيث توصلت إلى دلائل تشير إلى أن المرأة هي أكثر مقاومة لعدوى المرض من الرجل . فيعتقد أن تكون العوامل التطورية والاختلافات الهرمونية هي السبب وراء أن يكون الرجال أكثر حساسية للعدوى دون النساء . وأشارت دراسة كمبريدج أيضاً إلى أنه يمكن القول أيضاً إن الجنس الذكري بين الأنواع المختلفة من الحيوانات هو الجنس الأضعف من ناحية جهازه المناعي . وقد يدعم ذلك الفكرة التي ترجح وجود نوع من الإنفلونزا يصيب الرجال، حيث إن الرجال يكونون أكثر حساسية للفيروسات، ومن ثم تزداد احتمالية شعورهم بالمرض . ولكن إذا ما كان الأطفال هم الأكثر عرضة واجتذاباً لفيروس الإنفلونزا ومن ثم نشره بين الآباء والأجداد، ألا يكون ذلك سبباً تلقائيا في زيادة تعرض السيدات للمرض؟ يرى أكسفورد أن احتمال تعرض الرجال للمرض لا يزال كبيراً . وقال أكسفورد: "إذا ما كان الأبوان يخلدان للنوم في سرير واحد ويقضيان ما لا يقل عن ثماني ساعات في الغرفة نفسها، فإن فيروس الإنفلونزا سرعان ما سينتقل إلى الزوج ." وقد بدأت وكالة حماية الصحة البريطانية مراقبتها الأسبوعية لنشاط فيروس الإنفلونزا بين سكان بريطانيا في أكتوبر/تشرين الأول . وحتى الآن، فإن معدلات المصابين بفيروس الإنفلونزا هذا الشتاء ممن يتوجهون لرؤية الأطباء الممارسين منخفضة، بواقع 9 .6 من كل 100 ألف في بريطانيا . وقد يوضح ذلك السبب وراء تلقي 65 في المئة فقط ممن تجاوزت أعمارهم 65 عاما و32 في المئة من الأمهات الحوامل للعقار المضاد لفيروس الإنفلونزا . وقال ريتشارد بيبودي، رئيس وحدة مراقبة الإنفلونزا الموسمية في الوكالة، إنهم يأملون أن يكون هذا الشتاء هو آخر شتاء تجرى فيه عملية الاستبيان تلك . وقال بيبودي: "شهد موسم الإنفلونزا بين عامي 2011 و 2012 انخفاضا في معدلات الإصابة بها، وذلك بعد عامين من النشاط المرتفع لهذا الفيروس بما فيهما وباء الإنفلونزا الذي ظهر عام 2009 . ويظهر ذلك مدى تقلب موسم الإنفلونزا وعدم القدرة على التنبؤ به ." وهناك احتمال لإصابة الرجال والسيدات على حد سواء بعدوى فيروس الإنفلونزا خلال الأشهر القادمة . فإذا ما كنت ضمن إحدى الفئات التي يمكن لها أن تتعرض للفيروس، يمكنك الحصول مقدما على التطعيم المضاد له . وبعد ذلك، عليك أن تبقي علبة مناديل وزجاجة من الماء الدافئ في متناول يدك .